ليس من المبالغة القول إن إعراب حزب «النور» السلفي في مصر عن احترامه لمعاهدة السلام مع إسرائيل، كان مفاجئاً في الوسط الإسرائيلي، مثلما أنه حظي باهتمام المسؤولين في تل أبيب، لما ينطوي عليه من إشارات تطمئن الدولة العبرية في المدى المنظور، رغم تقدير حكام دولة الاحتلال أن خلفية هذا الموقف قد تكون هادفة إلى عدم استفزاز الولايات المتحدة والعالم الغربي، وما قد يترتب على ذلك من نتائج وتداعيات تطال الاقتصاد المصري، فضلاً عن كونه جزءاً من التنافس القائم بين السلفيّين والإخوان المسلمين. وعبَّر وزير المال في حكومة بنيامين نتنياهو، يوفال شطاينتس، عن رضاه عن إعلان «النور» احترامه لمعاهدة «كامب دايفيد»، متمنياً ألا تتحول مصر إلى مصدر تهديد لإسرائيل، وسط تأكيده، في مقابلة مع إذاعة جيش الاحتلال، اعتراضه على مبدأ مراجعة معاهدة السلام وفق ما يطالب به مسؤولو حزب «النور». إلى ذلك، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية قولها إن تل أبيب تنظر بإيجابية إلى بيان الحزب السلفي في مصر، من دون أن يحددوا أيّ انطباعات تتعلق بمطالبته إجراء نوع من التغيير في بنود المعاهدة التي وصفها السلفيون بـ«المتعنّتة». وحاولت المصادر الإسرائيلية التكهن بالبنود التي يريد سلفيّو مصر تعديلها، فرأت أنهم يقصدون تغيير البنود المتعلقة بإمدادات الغاز من مصر إلى إسرائيل لجهة رفع الأسعار المتدنية التي تدفعها الدولة العبرية، فضلاً عمّا يتعلق بمسألة انتشار القوات المصرية في سيناء.
في المقابل، لم تستبعد المصادر الإسرائيلية أن تكون خلفية الموقف السلفي للاستهلاك المحلي، بمعنى أنهم يهدفون من وراء هذا الموقف المؤيّد لمعاهدة السلام مع إسرائيل إلى الظهور كمن يحرص على المصلحة المصرية.
في كل الأحوال، عبّرت المصادر الإسرائيلية نفسها عن اطمئنانها إلى أنه رغم المطالبة بتغيير بعض البنود، إلا أن المسألة «لا تدور حول قضايا جوهرية». أما في ما يتعلق بمآل التطورات بعد هذا الموقف السلفي، فإن التقديرات الإسرائيلية ترى أنه سيسبّب الكثير من الضجة في الساحة المصرية، إلا أنه «لن يقود بالضرورة إلى تغييرات دراماتيكية». كذلك أشارت المصادر الإسرائيلية إلى المنافسة القائمة بين السلفيين والإخوان المسلمين في مصر قد تكون أسهمت في بلورة الموقف السلفي الأخير من إسرائيل.
وكان للمساعدات المالية الأميركية لمصر حضورها في التقدير الإسرائيلي بشأن خلفية الموقف من «كامب دايفيد»، إذ رأت المصادر الإسرائيلية أن التحالف الإسلامي الجديد الذي ستشهده القاهرة «لن يكسر الأدوات» في ما يتعلق بالعلاقة مع الغرب، لما قد ينطوي علىه ذلك من تداعيات سلبية على الوضع الاقتصادي الصعب، خاصة بعد وصول رسائل أميركية تفيد بأن إلغاء اتفاقية السلام من شأنه أن يسبّب ضرراً خطيراً في العلاقات المصرية ــ الأميركية.