تفجيرات نيجيريا تنغّص فرحة العيداحتفل العالم بعيد الميلاد على وقع انفجارات نيجيريا التي سقط فيها ما لا يقل عن 40 قتيلاً. وأجمعت المواقف المنددة على وصف التفجيرات بـ«العنف الإرهابي» و«الكره الأعمى» التي تهدف إلى زيادة الكراهية بين الناس. وبرز موقف البابا بنديكتوس السادس عشر الذي شدد في رسالة الميلاد على ضرورة وقف العنف في سوريا، وضرورة العمل على إحلال السلام في الشرق الأوسط. وفي فلسطين، عاصمة العيد، احتفل آلاف الفلسطينيين والأجانب على وقع أنباء عن مشروع إسرائيلي جديد لتحويل القدس إلى «عاصمة موحدة للشعب اليهودي». أما مسيحيو العراق، فاحتفلوا بدورهم بالصلاة لإحلال السلام وعودة الأمان والاستقرار إلى بلادهم، وسط إجراءات أمنية مشددة.

أدت سلسلة التفجيرات التي استهدفت كنائس في نيجيريا إلى مقتل 40 شخصاً على الأقل وإصابة العديد بجروح. وشملت التفجيرات كنيسة القديسة تيريزا في مادالا وكنيسة قرب أبوجا، عاصمة نيجيريا، والكنيسة الإنجيلية في مدينة جوس في وسط البلاد، بالإضافة إلى استهداف مقار للشرطة في شمال شرق نيجيريا. وتبنّت جماعة «بوكو حرام» الإسلامية المتطرفة المسؤولية عن التفجيرات، وأكد الناطق باسمها أبو القعقاع، في اتصال مع وكالة «فرانس برس»، أن الجماعة «ستواصل شن تلك الهجمات في كافة أنحاء الشمال في الأيام المقبلة». وأشار المستشار النيجيري للشؤون الأمنية أوويي إزازي إلى أن الهجمات «غير المبررة» لـ«بوكو حرام»، التي استهدفت الكنائس تحديداً، خُطِّط لها مسبقاً. من جهته، أدان الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان الاعتداءات «غير المبررة»، متعهداً إحالة الفاعلين على القضاء. وتابع قائلاً: «يجب أن يدين النيجيريون بالإجماع هذه الاعتداءات». ولاقت تفجيرات نيجيريا العديد من البيانات المستنكرة، أبرزها جاء على لسان المتحدث باسم الفاتيكان الأب فيديريكو لومباردي في تصريحات نقلتها إذاعة «الفاتيكان»، ووصف فيها التفجيرات بـ«العنف الإرهابي» و«الكره الأعمى»، وتهدف إلى «إثارة وتأجيج مزيد من الكراهية والفوضى». بدوره أدان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بشدة أعمال العنف هذه، معرباً عن تضامنه مع «السلطات والشعب النيجيري» في معركتهما ضد «الإرهاب». وفي واشنطن، وعد البيت الأبيض بمساعدة السلطات المحلية في التحقيق القضائي، بعد إدانة «العنف المجاني والوفيات المأسوية يوم عيد الميلاد». وفي السياق، أسف وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ لـ«الهجمات الجبانة على عائلات تجمعت في أجواء سلام وصلاة لإحياء يوم يرمز إلى التجانس مع الآخر، والخير حياله». كذلك كانت الحال في إيطاليا؛ إذ أبدى وزير الخارجية جوليو تيرزي «إدانته الشديدة لهذه الاعتداءات الشريرة التي تمثل هجوماً على مبادئ الحضارة الكونية». كذلك، علق وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي على الهجمات بالقول إنه «حتى في يوم عيد الميلاد، لا ينجو العالم من الإرهاب الجبان والمخيف»، وهو جوهر ما أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي دعا إلى وقف أعمال العنف في هذا البلد الذي غالباً ما يشهد اقتتالاً طائفياً.
على صعيد آخر، احتشد الآلاف في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان للاستماع إلى رسالة البابا بنديكتوس السادس عشر الذي دعا فيها إلى وقف العنف في سوريا، واستئناف محادثات السلام في الشرق الأوسط. وقال البابا، من الشرفة الرئيسية لكنيسة القديس بطرس: «ليساعد الرب عالمنا الذي تمزقه الكثير من الصراعات التي تلوث الأرض بالدماء، حتى في هذا اليوم». وأضاف: «ليمنح الرب السلام والاستقرار لتلك الأرض التي اختارها كي يأتي إلى هذا العالم وليشجع استئناف الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وليضع نهاية للعنف في سوريا حيث أريقت دماء كثيرة». وتابع البابا قائلاً: «لنبتهل إلى الله جميعاً كي يساعد شعب القرن الأفريقي الذي يعاني الجوع ونقص المواد الغذائية الذي يتفاقم بسبب انعدام الأمن. نتعشم ألا يخفق المجتمع الدولي في عرض المساعدة للنازحين الكثيرين القادمين من تلك المنطقة. وليهب الرب الراحة لشعوب جنوب شرق آسيا، ولا سيما تايلاند والفيليبين اللتان تعانيان عواقب فيضانات عاتية في الآونة الأخيرة».
وفي الأراضي الفلسطينية، شهدت مدينة بيت لحم احتشاد آلاف الفلسطينيين والأجانب في ساحة كنيسة المهد للمشاركة في احتفالات المدينة بعيد الميلاد. وذكرت وزيرة السياحة الفلسطينية خلود دعيبس أن ما بين 40 و50 ألف زائر جاؤوا إلى بيت لحم في يومي الاحتفال. وترأس بطريرك اللاتين في القدس وسائر الأراضي المقدسة، فؤاد طوال، قداس منتصف الليل بحضور الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض، ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة ورئيس وزراء سانت فنسينت وغرينادين رالف ايفيرارد غونسالفيس، ونائب رئيس الوزراء المجري جولت شميان، ورئيس بلدية بيت لحم فكتور بطارسة، حيث دعا إلى إحلال «السلام والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط». وفي عظته، ثمّن طوّال خطوات الرئيس الفلسطيني مع الملك عبد الله الثاني الهادفة إلى إحلال السلام، بحسب تعبيره، وقدّر لهما مواقفهم لقيام الدولة الفلسطينية وتحقيق السلام العادل والشامل.
ورأى طوال أن «المنطقة تمر بمتغيرات سريعة ولا يمكن أن نبقى متفرجين، وعلينا أن نعمل قدر المستطاع للحفاظ على مواطنينا، نشاركهم أحلامهم وآمالهم». وأعرب عن أمله أن يكون هذا العيد «نهاية للعنف والإرهاب ونزعات التسلط»، مطمئناً إلى أن «إرادة الشعوب وسعيها إلى الحرية أقوى من الحرب، ولا بد للجدران التي تعزل بين الناس أن تنهار».
وفي العراق، احتفل المسيحيون بالعيد أيضاً وسط دعوات إلى إحلال السلام وإجراءات أمنية مشددة نفذتها قوات مشتركة من الجيش والشرطة للحؤول دون حصول تفجيرات تستهدفهم في كل سنة، شأنهم شأن جميع المواطنين العراقيين. وتجمّع مئات المصلين للمشاركة في قداس صباحي في كنيسة «سيدتنا للقلب الأقدس» في شرق بغداد، في واحد من ثلاثة تجمعات دينية تنظمها الكنيسة لمناسبة عيد الميلاد. أما صلوات مسيحيي العراق الموجودين في الأردن، فقد شددت على الأمل بأن يعودوا قريباً إلى بلدهم الذي هجروه قسراً بسبب الأحداث الدامية التي تعرضوا لها.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)



احتفالات غير مسبوقة في الناصرة

احتفلت مدينة البشارة (الناصرة) بعيد الميلاد، وسط أجواء احتفالية لم تشهدها منذ زمن بعيد. وجالت في شوارع المدينة مسيرة احتفالية شارك فيها آلاف المواطنين المسيحيين، وإلى جانبهم المسلمون والسياح الأجانب.
وسارت فرق الكشافة في مقدمة المسيرة الأكبر منذ عدة سنوات، وعند وصول المشاركين إلى ساحة الكنائس، كان في استقبالهم رئيس بلدية الناصرة رامز جرايسي والمطران مار كوتسو. واكتست مدينة الناصرة بحلة العيد، بعدما زُينت الأماكن العامة والمحال التجارية والمنازل بحلّة الميلاد، وقد جاب المئات من «بابا نويل» الشوارع والأزقة، وملأت أصواتهم المدينة عبر مكبرات الصوت التي وضعت على السيارات، على وقع صوت السيدة فيروز وهي تغني «ليلة عيد» وتراتيل ميلادية أخرى. وانتهت الاحتفالات في كنيسة البشارة حيث أدى المصلون صلوات منتصف الليل.
(الأخبار)