كُشف النقاب، أمس، عن دخول إيراني على خط الأزمة العراقية المستجدة عبر وساطة محتملة، بينما برز موقف لافت يشير إلى حجم الخلافات داخل البيت الواحد في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من بلاد الرافدين، بحيث وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر جماعة «عصائب أهل الحق» بأنها «مجموعة قتلة لا دين لهم»، وذلك تعليقاً على قرار الجماعة تسليم سلاحها والانخراط في العملية السياسية. وأشار مصدر رفيع المستوى مقرّب من رئيس الحكومة نوري المالكي إلى أن «أطرافاً عراقية تتصل بإيران للتوسط في قضية نائب الرئيس طارق الهاشمي»، المتهم بقضايا إرهابية. وقد كشفت مصادر حزبية كردية أن «وفداً إيرانياً رفيع المستوى يضم قيادات من جهاز الاستخبارات والجيش يزور حالياً إقليم كردستان العراق للتوسط في الأزمة السياسية». وأوضحت المصادر أن «الوفد وصل إلى كردستان العراق قبل ثلاثة أيام، وأجرى هناك سلسلة من اللقاءات مع قيادات عراقية بينها الرئيس جلال الطالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني ونائب الرئيس طارق الهاشمي» المقيم حالياً في الإقليم الشمالي. وأوضحت المصادر الحزبية أن «الوفد اقترح عقد لقاء سياسي في مدينة أربيل (عاصمة إقليم كردستان)، لكن المالكي رفض الحضور، كما اقترح عقد لقاء في بغداد لكن رئيس إقليم كردستان رفض ذلك». وتابعت أن «الوفد الإيراني اقترح أيضاً عقد اللقاء في السليمانية أو إيران، لكنه لم يتلق جواباً حتى الآن»، قبل أن يجزم مصدر مقرّب من المالكي بأن الأخير «لن يحضر أي مؤتمر يعقد في هذا الصدد في أي مكان غير بغداد»، وهو ما ردّت عليه رئاسة كردستان أيضاً بالتأكيد أن الأطراف الكردية «لن تتوجه لزيارة العاصمة بغداد». وفي السياق، ذكر الموقع الإلكتروني لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي يتزعمه الطالباني، أن الرئيس استقبل أمس رئيس البرلمان أسامة النجيفي، حليف الهاشمي، واتفق الطرفان على «عقد مؤتمر وطني عام لجميع القوى السياسية بغية معالجة القضايا المتعلقة بإدارة الحكم والدولة». ودعا الطالباني والنجيفي إلى «إيقاف الحملات الإعلامية والإجراءات التي من شأنها تعقيد الأوضاع، وتنقية الأجواء السياسية» من أجل إنجاح المؤتمر، من دون تحديد مكان أو تاريخ له.
ووسط هذه المناخات، تبنّى تنظيم «دولة العراق الإسلامية»، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، هجمات يوم الخميس الماضي في بغداد حيث قُتل نحو 64 قتيلاً وأصيب العشرات. وجاء في بيان التبنّي أنه «نصرةً لمستضعفي أهل السنّة، قامت المفارز الأمنية لولاية بغداد، وبصورة متزامنة، بضرب أهداف منتخبة».
على صعيد آخر، ردّ الصدر على سؤال لأحد مناصريه عن رأيه في رغبة «عصائب أهل الحق» المشاركة في العملية السياسية بالتساؤل: «ألم أقل لكم أنهم عشاق للكراسي؟». وأضاف في بيانه «إنهم مجموعة قتلة لا دين لهم ولا روع، من يتبعهم فإنه منهم، وما أموالهم إلا بدد وإنْ وجودهم إلا عدد وسيزول». وتابع «فتعساً لمن شقّ الصف وأضعف الوحدة... ولا يظهر إلا أيام الانتخابات». وكان الأمين العام للجماعة التي تتهمها واشنطن بتلقّي دعم من طهران، قيس الخزعلي، قد أعلن أول من أمس أن «أبناء المقاومة مستعدون للتضحية والمشاركة في العملية السياسية».
من جهته، قال المتحدث باسم «هيئة المصالحة الوطنية» محمد الحمد، إنّ الجماعة المذكورة كانت تخشى في السابق أن «يكون الانسحاب الأميركي غير حقيقي، لكن بعدما شعروا بحقيقة الانسحاب، انتفت الحاجة إلى حمل السلاح، وجرى الاتفاق على المشاركة في العملية السياسية».
(أ ف ب)