وضعت زيارة وفد مراقبي الجامعة العربية إلى مدينة حمص، أمس، حدّاً للعمليات الأمنية التي كانت تشهدها المدينة، وتحديداً حي بابا عمرو فيها، الذي كان على قائمة زيارات البعثة في يوم عملها الأول، وسط تأكيدات رئيسها محمد أحمد مصطفى الدابي استمرار تعاون السلطات السورية مع أعضاء البعثة. وقالت قناة «الدنيا» إن وفد مراقبي الجامعة العربية توجه إلى حي باب السباع حيث «قاموا بتقييم الأضرار التي تسببت بها المجموعات الارهابية والتقوا أقرباء شهداء وشخصاً خطفته» هذه المجموعات.
وتابعت التغطية الاخبارية لـ«الدنيا» أنه عند وصول المراقبين الى باب السباع، «تجمع عدد كبير من الاشخاص ليؤكدوا أنهم يريدون التصدي للمؤامرة التي دبرت ضد سوريا». وقبل جولتهم في حمص، أشارت «الدنيا» أيضاً إلى أن وفد مراقبي الجامعة العربية اجتمع مع محافظ حمص غسان عبد العال، كاشفة أن «المراقبين العرب سيتّجهون إلى حماه وادلب» من دون تحديد أي موعد لزيارتهم، بينما أشار موقع «شام برس» إلى تجوُّلهم في مناطق بابا عمرو والنزهة والنازحين وكرم الزيتون، فضلاً عن زيارة المستشفى الوطني في المدينة.
من جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أنّ «وفد المراقبين دخل الى بابا عمرو يرافقه أشخاص من الحكومة، لكنه لم يلتق أحداً من السكان». وأوضح «المرصد» أنه «قبيل وصول المراقبين إلى حمص، انسحبت 11 دبابة تابعة للجيش السوري من حي بابا عمرو». ولفت إلى أن «انسحاب الدبابات لم يكن سوى خدعة، وسرعان ما استؤنف اطلاق النار بعد دقائق». وأضاف المصدر المعارض أن «قوات الامن السورية أطلقت الرصاص في حي مجاور لميدان الساعة على متظاهرين، ما أدى إلى اصابة أربعة أشخاص بجروح أحدهم بحالة الخطر».
كذلك أشار المرصد إلى أن «أكثر من ثلاثين ألف مواطن تجمعوا بحي الخالدية في اعتصام بدعوة من ناشطين لفضح ممارسات وجرائم النظام تزامناً مع زيارة وفد للمراقبين العرب إلى المدينة»، فضلاً عن افادته بقيام «السلطات السورية باستخدام الرصاص والغاز المسيل للدموع لتفريق أكثر من 70 ألف متظاهر كانوا يحاولون الدخول إلى ميدان الساعة في وسط المدينة»، ما أدّى إلى «مقتل ثلاثة أشخاص على الاقل، في حين وصل عدد القتلى المدنيين في مختلف المناطق السورية إلى 12 على الاقل»، وفق «المرصد» نفسه.
في غضون ذلك، جدد رئيس بعثة المراقبين محمد أحمد مصطفى الدابي تأكيد تعاون السلطات السورية مع مهمة وفده في أثناء توجهه إلى حمص، قائلاً لوكالة «فرنس برس»: «أنا في طريقي إلى حمص، وحتى الآن (السلطات السورية) تتعاون». ولاحقاً نقل عن الدابي قوله «أنا عائد الى دمشق لحضور سلسلة من الاجتماعات، وسأعود غداً إلى حمص. أما باقي أعضاء الفريق، فسيمكثون في حمص». وشدّد في الوقت نفسه على أن «اليوم كان جيداً جداً ووجدنا تجاوباً من كافة الأطراف».
من جهته، أعلن رئيس غرفة العمليات الخاصة بعمل المراقبين العرب في سوريا، السفير عدنان عيسى الخضير، من القاهرة، أن بعثة المراقبين «باشرت عملها من حمص وهي تقوم بواجبها كما هو متفق عليه في البروتوكول الموقع بين جامعة الدول العربية والحكومة السورية». ورداً على سؤال عما إذا كان هناك تعاون من قبل السلطات السورية مع فريق المراقبين، أعرب الخضير عن أمله في ذلك، مؤكداً «أن البعثة سترسل لنا تقارير دورية عن عملها في المناطق التي تزورها». كذلك أشار الخضير إلى أن «هناك لبساً في وسائل الاعلام التي تدّعي بأن بعثة المراقبين موجودة منذ الخميس الماضي، بينما الصحيح أن البعثة وصلت أمس وباشر 10 من أعضائها برئاسة الفريق أول محمد الدابي عملهم منذ الصباح في حمص».
وفي السياق، أعلنت الجزائر أنها أرسلت 10 مراقبين ضمن بعثة جامعة الدول العربية إلى سوريا، في ظل قرار لبنان بعدم ايفاد مراقبين. من جهتها، حذّرت فرنسا السلطات السورية من «أي محاولة تمويه أو تلاعب» بالتزامن مع جولات البعثة العربية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، إنّ «المجتمع الدولي سيراقب أي محاولة إخفاء أو تلاعب قد يحاول نظام دمشق القيام بها»، داعياً إلى تمكين مراقبي جامعة الدول العربية من الوصول إلى كامل أرجاء مدينة حمص وإعداد تقييم مستقل لحقيقة الوضع.
ميدانياً، أفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» بأن «مجموعة ارهابية مسلحة استهدفت فجراً، في عملية تخريبية خطاً لنقل الغاز» في قرية المختارية في محافظة حمص، إضافة إلى كشفها عن أن «الجهات المختصة في محافظة إدلب اشتبكت مع مجموعة إرهابية مسلحة قرب الحدود التركية كانت تحاول تسهيل عملية تسلل مجموعة إرهابية أخرى من داخل الأراضي التركية»، وتمكنت من قتل وإصابة عدد من المسلحين. كذلك أعلنت «سانا» أنه تم «تشييع جثامين 8 شهداء من الجيش والقوى الأمنية»، فيما أشارت إلى خروج مسيرة جديدة في ساحة السبع بحرات في دمشق «استنكاراً للعملين الارهابيين اللذين وقعا الجمعة الفائت ورفضاً للتدخل الخارجي».
من جهته، أفاد «المرصد السوري» عن ارتفاع حصيلة قتلى أول من أمس إلى 44 بينهم 34 في حمص، فضلاً عن سقوط عدد من القتلى أمس في القصير وفي درعا ودوما وريف دمشق، فيما سجل مقتل طالب لبناني يدعى حسين غنام في جامعة دمشق نتيجة اطلاق نار قام به أحد زملائه.
وذكرت وكالة «سانا» أن «الطالب عمار بالوش (سنة ثانية هندسة طبية في جامعة دمشق) أطلق النار من مسدس حربي خلال المذاكرة للطلاب في كلية الهندسة الطبية، ما أدى الى استشهاد الطالب حسين غنام وإصابة كل من الطلاب سلطان رضوان وخضر حازم وجورج فرح وبيار لحام». ونقلت «سانا» عن مصدر رسمي أن «بالوش اختار الطلاب الخمسة بشكل مقصود وقام بإطلاق النار عليهم».
وكان لـ «المرصد السوري» أيضاً روايته للحادثة، إذ أشار إلى أن مطلق النار كان بين مجموعة «طلاب اعتصموا في حرم الكلية في الثامن من الشهر الجاري دعماً لثورة الشعب السوري، وتعرضوا للضرب من قبل طلاب موالين للنظام بينهم نجل ضابط». وتابع المرصد أنه «بعد الاعتداء الوحشي على الطالب (بالوش) من قبل الطلاب الموالين للنظام، اعتقل لمدة ليومين تعرّض خلالهما لكافة أنواع التعذيب، فما كان منه إلا أن دخل اليوم (أمس) إلى قسم الهندسة الطبية في جامعته، وأطلق الرصاص على الذين قاموا بالاعتداء عليه».
(الأخبار، أ ف ب، أ ب، رويترز، يو بي آي)