القاهرة ــ الأخبار لا تزال قضيتا قتل المتظاهرين في ميدان التحرير أثناء ثورة «25 يناير»، وتصدير الغاز إلى إسرائيل، تلاحقان الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء وعدد آخر من المتهمين، بيد المحكمة التي اقتصرت جلستها أمس على دقائق معدودة، بما أن رئيس محكمة جنايات القاهرة، المستشار أحمد رفعت سرعان ما أعلن تأجيل الجلسة إلى يوم الاثنين المقبل. وفي أكاديمية الشرطة في القاهرة، عقدت الجلسة السريعة يوم أمس، في المكان نفسه للجلسات السابقة، حيث مثُل كل من مبارك الأب ونجليه ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من مساعديه، فيما ظل المتهم الآخر بقضية تصدير الغاز إلى دولة الاحتلال، رجل الأعمال حسين سالم، هارباً.

وأحاط بمقر المحاكمة نحو خمسة آلاف من عناصر الشرطة والقوات المسلحة للحؤول دون حصول اشتباكات بين أنصار مبارك وخصومه. وقد حملت الجلسة الخامسة للمتهمين العديد من المفاجآت، لعل أبرزها ما حدث داخل قاعة المحكمة عندما تحوّل عدد من المحامين المدعين بالحق المدني، إلى مدافعين عن مبارك، وإن لم يعلنوا ذلك صراحة؛ فخلال الجلسة، خاطب أحدهم المحكمة قائلاً: «حصلت على مستندات من الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية تثبت أن ثورة يناير كانت مخططاً ضد مصر يهدف إلى تقسيمها لثلاث دويلات». كلام تلقّته هيئة الدفاع عن الشهداء باستياء، فتدخّل القاضي ووجّه كلامه إلى المحامي المذكور قائلاً: «أحضر المستندات ولا تتحدث عنها». غير أن محامياً آخر يفترض أنه من المدعين بالحق المدني، عاد واعترض على قرار النيابة العامة بإحالة مبارك على المحاكمة، مسجِّلاً عدم رضاه عن كل من تقدم ببلاغ ضد الرئيس المخلوع بتهمة قتل المتظاهرين. ربما لهذه الأسباب التزم المحامون الكويتيون المدافعون عن مبارك الصمت طوال فترة المرافعات. وقررت المحكمة تكليف النيابة العامة مخاطبة «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» لـ«الوقوف من الخبراء عما إذا كان يمكن فنياً استعادة ما حُذف من أحداث مسجلة وردت على أشرطة الفيديو وهي ترصد أحداث الثورة لحظة بلحظة، بالإضافة إلى أحداث قتل الثوار في ميدان التحرير والشوارع القريبة منه». وطلبت المحكمة من النيابة العامة «تقديم الكشوف النهائية للمصابين والمتوفين»، وسمحت لمحامي وزير الداخلية الأسبق، المتهم بقتل الثوار، بأن يحصل من وزارته السابقة، على بيانات بخصوص حجم الأسلحة والذخيرة الموجودة في الوزارة منذ عام 1997 حتى 2010، بالإضافة إلى الجرائم التي حدثت في البلاد في الفترة نفسها تحت خانة «حوادث الإرهاب». وأمام مقر المحكمة، تظاهر العشرات من أسر الشهداء وأقاربهم، واتهموا المجلس العسكري الحاكم بالتقاعس وخيانة الثورة، وطالبوا بسرعة القصاص من القتلة. في المقابل، تجمع العشرات من جماعة «أبناء مبارك» ورفعوا لافتات تؤيد الرئيس المخلوع وهتفوا له. أما في ميدان التحرير، فقد تابع المعتصمون وقائع المحاكمة، ورأوا فيها «مجرد تمثيلية هزلية» لن تؤدي إلى جديد، وتساءلوا: «كيف يحوّل المجلس العسكري مبارك ورجاله إلى القضاء بتهم قتل الثوار، بينما هو نفسه قتل الثوار أمام مجلس الوزراء وشارع محمد محمود وماسبيرو؟».
على صعيد قضائي منفصل، حدّدت محكمة جنح مدينة نصر، جلسة في الأول من شباط المقبل لمباشرة مقاضاة اللواء المتقاعد عبد المنعم كاطو، في الدعوى التي أقامتها ضده «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» و«مؤسسة حرية الفكر والتعبير»، على خلفية تصريحاته الأخيرة التي دعا فيها إلى «حرق المحتجين أمام مجلس الوزراء في أفران أدولف هتلر». في غضون ذلك، وفي محاولة لتصوير وزارته بأنها أحدثت تغييراً في البلد، أعلن رئيس الحكومة كمال الجنزوري، أن البلاد «أصبحت أكثر أمناً من الفترة السابقة»، واصفاً حكومته بأنها «حكومة إنقاذ الثورة».