لا يبدو أن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين قادرون حتى اللحظة على إيجاد تقييم موحّد بشأن اتهاماتهم لإيران بالسعي لامتلاك سلاح نووي. فبينما رأى رئيس جهاز «الموساد» تمير باردو أن حيازة إيران سلاحاً نووياً «لا يمثّل بالضرورة خطراً وجودياً على إسرائيل»، أشار الرئيس السابق لأركان الجيش غابي أشكينازي إلى أنه يحظر بالكامل أن يكون في حوزة النظام الإيراني سلاحاً نووياً في هذه الفترة، لذلك «ينبغي الاستعداد لتنفيذ كافة الخيارات». ونقلت صحيفة «هآرتس» عن باردو تساؤله، أمام مجموعة من السفراء الإسرائيليين يوم الثلاثاء الماضي، «هل تمثّل إيران خطراً على إسرائيل؟ بالطبع». غير أنه استدرك بـ: «إن قال أحدهم إن قنبلة نووية في أيدي الإيرانيين تعني أن علينا إغلاق المحال والعودة إلى المنازل، فإنّ الوضع ليس كذلك»، مشيراً إلى أن مصطلح «التهديد الوجودي النووي الإيراني يُستخدم على نحو مبالغ فيه».
وبحسب ثلاثة من السفراء الذين حضروا محاضرة باردو، فإنّ الأخير شدد على أن دولة الاحتلال «تعمل بواسطة وسائل عديدة من أجل إحباط البرنامج النووي الإيراني، وستستمر في هذا العمل»، غير أنه شدد على أنه «إذا حصل الإيرانيون على قنبلة نووية، فإن هذا لا يعني القضاء على دولة إسرائيل». كذلك أكد السفراء الذين تحدثوا إلى صحيفة «هآرتس» أن باردو لم يتطرق في أقواله إلى احتمال شنّ هجوم عسكري إسرائيلي على المنشآت النووية في إيران. وتتناقض تصريحات باردو مع مواقف أطلقها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قبل نحو شهرين في جلسة افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، حذّر فيها من أن «إيران نووية ستمثّل خطراً كبيراً على الشرق الأوسط والعالم كله، وبالطبع ستمثّل تهديداً خطيراً ومباشراً لنا».
كذلك فإن تقييم باردو للتهديد النووي الإيراني لا يتوافق مع ما يعتقد به أشكينازي. ونقلت صحيفة «معاريف» عن الرئيس السابق لأركان الجيش، قوله، خلال محاضرة أمام متخرّجي جامعتي وورتون وهارفارد، في أحد فنادق مدينة هرتسيليا وسط فلسطين المحتلة، إنه «يحظر أن يكون في حوزة النظام الإيراني سلاح نووي في هذه الفترة، وبالإمكان وقف هذه العملية بواسطة العقوبات، لكن ينبغي أيضاً أن نكون مستعدين للخيارات الأخرى». وأوضحت الصحيفة أن أشكينازي تمسّك، طوال فترة محاضرته، بالموقف الذي نُسب إليه في وسائل الإعلام الإسرائيلية أخيراً، عن أن الخيار العسكري ضد إيران «لا ينبغي أن يكون الخيار الأول». وجاءت التصريحات حيال الملف النووي الإيراني بعد يوم واحد من نقل صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن شخصية أميركية، «تعرف مزاج الرئيس الأميركي باراك أوباما وطبيعة تفكيره»، قولها إن سيد البيت الأبيض سيصدر أمراً بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. ونقل المحلل الاقتصادي ـــ السياسي في الصحيفة، سيفر بلوتسكر، عن الشخصية الأميركية المذكورة قولها إنه «إذا استمر الإيرانيون بالاستخفاف بتحذيراته، فإن أوباما سيرسل طائرات للقصف، وهو سيصدر أمراً بمنع إيران بالقوة من أن تتحول إلى دولة عظمى عسكرية نووية، وهذا وعد أعطاه لإسرائيل ولجميع شعوب الشرق الأوسط، ولن يكون باستطاعته أن ينكث به». وتابع بلوتسكر أن أوباما سيتخذ قراراً بشأن احتمال قصف المنشآت النووية الإيرانية خلال فترة قريبة، وحتى «أقرب مما يُعتقد»، لافتةً إلى أن هذا الموضوع بات مطروحاً لعدة أسباب، أوّلها يتعلق بتراكم معلومات استخبارية «موثوقة» عن وجود نشاط إيراني مكثف في المجال النووي العسكري. كذلك أشار بلوتسكر إلى أن الرأي السائد في واشنطن اليوم يرجّح أن قصفاً أميركياً على شكل «عملية جراحية عسكرية ومركزة» لن يقود إلى موجة عداء وكراهية تجاه الولايات المتحدة. كذلك فإن محللين أميركيين يقدّرون أن ردّ الفعل الإيراني سيكون محدوداً، وأن إسرائيل لن تكون ضالعة في الهجوم العسكري الأميركي، فيما حزب الله لن يهاجم إسرائيل بالصواريخ لأسباب خاصة به.
(أ ف ب، يو بي آي)