شكّل استهداف المدن السعودية، ليل الأحد ــ الإثنين، بصلية من الصواريخ الباليستية من قِبَل الجيش اليمني واللجان الشعبية، مادّة دسمة لتجدد التراشق بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى، على خلفية ما تقول دول المقاطعة إنه احتفاء الدوحة بعملية «الشهيد أبو عقيل». تراشقٌ تَرافق مع انفتاح فصل جديد من فصول «أزمة الأجواء»، عقب إعلان الإمارات اعتراض مقاتِلتَين قطريتَين طائرَتين مدنيتَين تابعَتين لها، وهو ما ردّت عليه السلطات القطرية بالنفي. وبعدما أفردت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية مساحة لانتقاد أداء قناة «الجزيرة» في ما يتصل بالعملية «الباليستية» الأخيرة، مُجّلية سخطاً واضحاً على ما بدا تعاطفاً في وسائل الإعلام القطرية مع «أنصار الله»، جاء النقد المباشر من قبل أعلى هيئة دينية في السعودية، هاجمت «الجزيرة»، واصِفةً إياها بأنها أصبحت «بوقاً للجماعات الإرهابية». وقالت «هيئة كبار العلماء» في المملكة، في بيان، إن «ذاكرة التاريخ لن تنسى أن جزيرة قطر كانت ولا زالت منبراً لدعاة الإرهاب وقادته»، مضيفة أن «الجزيرة» تسهم في «نشر خطابات زعيم جماعة الحوثي الإرهابية، وبتنسيق منتظم معه، في استهداف واضح لأمن المملكة العربية السعودية».
وجاء بيان «كبار العلماء» بعدما انتقد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، بدوره، أداء «الجزيرة»، واصفاً «إصدار بيان رسمي يدين استهداف السعودية بالصواريخ الباليستية، بينما ينتشي الإعلام الذي تملكه بهذا الاستهداف» بـ«الازدواجية»، معتبراً الأخيرة «خير معبّر عن سبب أزمتك التي جعلتك معزولاً ومنبوذاً ومهمّشاً». وكانت وزارة الخارجية القطرية أصدرت الإثنين بياناً دانت فيه الهجمات الباليستية على السعودية، عادّةً إياها «انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة»، ومحذرة من أنها «ستقود إلى مزيد من التصعيد العسكري في المنطقة، وتقوّض فرص إنهاء الصراع في اليمن». وصاحبت صدورَ هذا البيان تغطية واسعة في وسائل الإعلام القطرية لعملية «الشهيد أبو عقيل»، سلّطت الضوء على دلالاتها وتبعاتها، عبر استضافة شخصيات من «أنصار الله»، وأخرى خليجية مناوِئة للسعودية والإمارات. وهو ما أثار سخط كلّ من الرياض وأبو ظبي، اللتين ضجّت الحسابات التابعة لهما على مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات التهجّم على «الجزيرة»، ومن ورائها قطر.
حضر تميم توقيع عدد من الاتفاقيات في موسكو


على خطّ موازٍ، تجدّدت فصول «أزمة الأجواء» بين القطريين والإماراتيين، مع إعلان الإمارات، مساء أول من أمس، قيام مقاتِلَتين قطريتَين بـ«الاقتراب بصورة خطيرة» من طائرة ركاب تجارية، وأخرى مدنية، تابعَتين لها. ودانت الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات الحادثة التي وقعت «في المجال الجوي لمملكة البحرين»، معتبرة إياها «استهتاراً بسلامة الطائرات المدنية والملاحة الجوية»، في حين وصفها رئيس الهيئة، إسماعيل البلوشي، بـ«المضايقة الطائشة»، مُعلِناً أن بلاده «ستقدم شكوى جديدة للمنظمة الدولية» في هذا الشأن. لكن الهيئة العامة للطيران المدني في قطر نفت، أمس، وقوع الحادثة، مُتّهمة نظيرتها الإماراتية بأنها «تحاول التغطية على الاختراقات المتعددة للأجواء الإقليمية القطرية». وكانت قطر قد اتهمت، سابقاً، طائرات حربية إماراتية بانتهاك مجالها الجوي في شهرَي كانون الثاني/ يناير، وشباط/ فبراير الماضيين.
في خضم ذلك التصعيد، أنهى أمير قطر، تميم بن حمد، زيارة رسمية للعاصمة الروسية موسكو، بعد حضوره توقيع عدد من الاتفاقيات بين الجانبين. ولفت تميم، في تغريدات على «تويتر»، عقب لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى أنه أجرى مع الأخير محادثات «ناجحة ومعمّقة تناولت العلاقات الثنائية، وتحديات إقليمية ودولية»، مؤكداً أن هذه المحادثات «ستمنح علاقات بلدينا دفعة جديدة». وأعقبت المباحثات الرسمية مأدبة عشاء، ناقش خلالها الرجلان نتائج عمل اللجنة القطرية ــ الروسية المشتركة، وسبل تطوير التعاون العسكري بين البلدين. كذلك حضر تميم، إثر لقائه بوتين، توقيع اتفاقية تعاون بين شركة «روس نفط» الروسية و«مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع». وأعلنت الخطوط الجوية القطرية، في وقت سابق، توقيعها مذكرة تفاهم لشراء حصة بقيمة 25% من مطار فنوكوفو الروسي، ثالث أكبر مطار في محيط موسكو. في غضون ذلك، حطّ وزير الخارجية القطري، محمد عبد الرحمن آل ثاني، أمس، في العاصمة التركية أنقرة، حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان في المجمع الرئاسي، من دون أن ترشح معلومات عمّا دار خلال اللقاء.