أعاد دخول مقاطعة قطر عامها الثاني زخم الحديث عن الأزمة الخليجية، في ظل استمرار الجمود السياسي وغياب فرص حلحلة خلاف «الأشقاء». جمود اخترقته أمس معلومات عن وساطة دبلوماسية لعقد قمة خليجية في أيلول/ سبتمبر المقبل. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية، لولوة الخاطر، إنه «في ما يتعلق بالتحركات الأخيرة للكويت، هناك حراك في اتجاه لقاء يجمع المسؤولين في الخليج». لكن المسؤولة استدركت بالقول: «لكن هل سيسير في اتجاه الفعل أم لا؟ هذا كله يعتمد على دول الحصار، وللأسف سلوكها في الفترة الماضية لم يكن سلوكاً يمكن التنبؤ به». ولم توضح الخاطر ما إذا كانت القمة المقصودة تقتصر على القمة الخليجية التي يتوسط الكويتيون لعقدها، أو القمة الخليجية ــ الأميركية التي أشار إليها مسؤولون أميركيون في وقت سابق، وسبق أن جرى التداول بها وأُجِّلَت.وبمناسبة مرور عام على إعلان الرباعي العربي، السعودية والإمارات ومصر والبحرين، قرار مقاطعة قطر، رأى وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن الدوحة أصبحت «أقوى» ممّا كانت عليه قبل المقاطعة. وغرّد آل ثاني على حسابه في موقع «تويتر» قائلاً: «كثر الحديث عن انتصاراتٍ وهمية، وسرديات بعزل قطر، وبعد مرور عام أثبت الواقع غير ذلك»، معتبراً أن قطر خرجت من الأزمة «بصفة الشريك الدولي الموثوق به، والنموذج الحكيم لإدارة الأزمات». وأضاف: «إن كان الأمر بالخسارة والربح، فالجميع خاسرٌ، والسبب في ذلك يعود إلى عبثيةِ رباعية الأزمة».
وفي حديث إعلامي، علّق وزير الخارجية على التسريبات بشأن تهديدات سعودية بعمل عسكري ضد بلاده في حال إقدامها على شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400»، بالقول إن ذلك «قرار سيادي»، وإذا تأكدت المعلومات المسربة، فإن بلاده «سترد بشكل قانوني». وأوضح أن «جميع الخيارات متاحة» لجهة إبرام الصفقة مع موسكو، مشدداً على «(أننا) سنتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن بلدنا». وأسف المسؤول القطري لاعتبار قرار حكومته «زعزعة للاستقرار، لأن قطر لا تشكل أي تهديد ضد السعودية»، واضعاً ردّ فعل الرياض في إطار «انتهاك القانون الدولي وجميع الأعراف الدولية... وميثاق مجلس التعاون الخليجي». يشار إلى أن صحيفتي «لوموند» و«لو فيغارو» الفرنسيتين نشرتا معلومات تفيد بأن الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، راسل كلاً من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، للتعبير عن قلق بلاده من صفقة «إس 400» القطرية مع روسيا، ملمِّحاً إلى إمكان الإقدام على عمل عسكري ضد قطر في حال إتمام الصفقة.
وفي خضمّ استعادة أسباب النزاع الخليجي، أعاد رئيس الوزراء القطري السابق، حمد بن جاسم آل ثاني، فتح الدفاتر القديمة للخلاف الخليجي، كاشفاً عن مخطط يعود لسنوات. وأفاد بأن ثمة تحقيقات أميركية توصلت إلى أن الأزمة الخليجية يخطط لها منذ سنوات، وأن «الحصار فرض على قطر لا لشيء إلا لتنفيذ أجندات خُططت لهم»، من دون الإشارة إلى تفاصيل أكثر. واستطرد آل ثاني في سلسلة تغريدات له بمناسبة ذكرى اندلاع الخلاف الخليجي، مشيراً إلى أن مجلس التعاون الخليجي جرى «اختطافه» من قبل بعض الدول، متسائلاً: «أين النظام الأساسي الذي ينص على أن القرار في المجلس يكون بموافقة دوله الست؟ هل خُطف المجلس؟ ولمصلحة من؟». وطالب ابن جاسم بتقديم «الأدلة» ضد قطر، التي كان رباعي المقاطعة قد وعد بعرضها، معرباً عن ثقته بـ«حكمة» الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، الذي وصفه بـ«كبير العائلة الخليجية»، في «تصويب الأمور».
وفيما أعلنت، أمس، مجموعة «بي إن» الإعلامية القطرية عدم التوصل إلى اتفاق مع السعودية بشأن عرض مباريات كأس العالم قبل تسعة أيام من انطلاقها، أعلنت السلطات السعودية السماح للمقيمين في قطر بأداء مناسك العمرة، وفق شروط، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة الخليجية. وقالت وزارة الحج، أمس، إنها سمحت للمقيمين في قطر بأداء مناسك العمرة عبر السفر جواً بواسطة شركات العمرة السعودية خلال الأيام الباقية من شهر رمضان. ولم تُلغ الحكومة السعودية شرط عدم السماح بسفر المعتمرين براً أو من طريق خطوط الطيران القطرية، وهو ما تتمسك الدوحة برفضه.