من جهته، حاول رئيس اللجنة التعليمية، النائب عودة الرويعي، طمأنة القلقين، بحديثه عن «فارق جوهري» بين الشهادات المزوَّرة وغير المعتمدة؛ إذ إن الثانية سليمة، لكن المشكلة تكمن في جودة الجهات التي تمنحها أو برامج اعتمادها من جانب وزارة التعليم العالي. وحضّ رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، من جانبه، وزير التربية وجميع المعنيين، على «الاستمرار في الكشف عن الشهادات المزوَّرة وعدم الخضوع لأيِّ ضغوط»، مشدداً على أن «هذا الملف في غاية الخطورة»، في حين أعلن ديوان الخدمة المدنية اتخاذ إجراءات إضافية، من بينها حرمان أصحاب الشهادات المزوَّرة الامتيازات الوظيفية التي حصلوا عليها.
دعوات إلى محاسبة المتجاوزين والمستفيدين «من دون تهاون»
واتهمت النيابة العامة الكويتية مقيماً مصرياً بالاشتراك في التزوير، وقررت حبسه 21 يوماً على ذمة القضية. وأصدرت مذكرات ضبط وإحضار لعدد من المواطنين بتهمة الحصول على شهادات مزوَّرة، وقررت حجز مواطن يعمل مراقباً في وزارة الداخلية بعد تزويره شهادته الجامعية. وكشفت تقارير صحافية محلية أن التحريات توصلت إلى عشرات الشهادات المزوَّرة التي تعود إلى مواطنين يعملون في القطاع الحكومي، وأُحيلوا بالفعل على النيابة العامة. وفجّرت تحقيقات النيابة العديد من المفاجآت أثناء التحقيق مع المتهم الرئيس، الذي يمتلك شركة أدوية وثلاث صيدليات في الكويت، حيث تبين أنه يمتلك بالشراكة مع أحد أقاربه شركة للحفريات، ويتمتع بنفوذ قوي في بعض الوزارات والهيئات الحكومية، ومن بينها وزارة التعليم العالي.
الأزمة هي الأكبر على الإطلاق، لكنها ليست الأولى من نوعها؛ إذ شهد مطلع العام الحالي تحويل أصحاب ثماني شهادات في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب إلى النيابة العامة بناءً على توصيات لجنة شُكِّلت لهذا الغرض. وخلال العام الماضي، ألقت السلطات الكويتية القبض على مواطن شاب متخصص في بيع الشهادات المزوَّرة من دول عربية في مقابل 12 ألف دولار للشهادة الواحدة تُدفع بالتقسيط. وفي تموز/ يوليو 2016، أحالت الحكومة على النيابة العامة 270 مزوِّراً لشهادات طب وهندسة يعمل معظم حامليها في القطاع الخاص.
أما اليوم، فرغم عدم صدور أي بيان رسمي بأسماء أصحاب الشهادات المزورة، إلا أن الاتهامات باتت تلاحق شخصيات عامة ومرموقة ومشهورة. ومِن بين مَن طاولتهم تلك الاتهامات الداعية والمفكر المعروف محمد العوضي، والفنان طارق العلي. وقال رواد مواقع التواصل الاجتماعي إن العوضي سارع إلى حذف حرف الدال (دكتور) من حساباته عقب الفضيحة، وهو ما استدعى رداً ساخراً من الداعية الإسلامي الذي قال عبر «تويتر»: «أحلى شيء في المغردين من فصيلة الذباب الإلكتروني أنهم أذكياء جداً (...) لو عادوا إلى أرشيف تغريداتهم هم، ولقطات تغريداتي في حساباتهم حين كانوا يهاجمونني، لوجدوها كلها خالية من (د)... عباقرة… تبارك الرحمن». وردّ العلي، هو الآخر، عبر «تويتر»، لكن بمقطع فيديو قال فيه: «أنا خريج جامعة الإسكندرية كلية الآداب قسم الدراسات المسرحية، وحاصل على الماجستير والدكتوراه».
في تعليقه على ما يدور، يطالب عضو مجلس الأمة الكويتي، النائب رياض العدساني، الجهات الحكومية كافة «بفتح هذا الملف كاملاً من دون تهاون، ومحاسبة المتجاوزين والمستفيدين، خصوصاً من سهّل لهم هذه المهمة واعتمد شهادات مزوَّرة». ويضيف العدساني، في حديث إلى «الأخبار»، أنه «يجب جعل المزوِّرين عبرة لغيرهم»، لافتاً إلى أن «التزوير يساهم في وأد الكفاءات وتدميرها، ومنع أصحاب الحق من تقلُّد الوظائف القيادية». ويتابع أن «الأزمة تستبيح المال العام»، داعياً إلى «الضرب بيد من حديد ضد المتسببين بالكارثة، وعدم الانتهاء من هذا الملف دون حسمه ومحاسبة كل المتورطين بلا استثناء».
هكذا إذاً، تظهر الأزمة وكأنها بلغت ذروتها، إلا أن الأيام المقبلة قد تحمل المزيد من الإثارة، في ظل ما يظهر أنه أسرار لم تُكشف بعد، خصوصاً مع استمرار انكشاف العديد من الحقائق الصادمة يومياً في ما يخص أسماء المتورطين في الفضيحة ومناصبهم.