سارعت السعودية إلى الردّ على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أبقى تصعيده في إطار الحفاظ على المصالح الأميركية، إلا أنه توعّد الرياض بـ«عقابٍ قاسٍ»، في ما لو صحّ ضلوعها باختفاء جمال خاشقجي، ورفضت المملكة تهديدها بالعقوبات الاقتصادية والسياسية، مؤكّدة أنّها ستردّ على أيّ إجراء يُتّخذ ضدّها «بإجراء أكبر».ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر مسؤول قوله إن الرياض تؤكّد «رفضها التام لأيّ تهديدات ومحاولات للنيل منها، سواء عبر التلويح بفرض عقوبات اقتصادية، أو استخدام الضغوط السياسية، أو ترديد الاتهامات الزائفة». وأكد المسؤول أنّ السعودية «إذا تلقّت أي إجراء فستردّ عليه بإجراء أكبر»، مشيراً إلى أنّ «لاقتصاد المملكة دوراً مؤثّراً وحيوياً في الاقتصاد العالمي، وأنّ اقتصاد المملكة لا يتأثّر إلّا بتأثّر الاقتصاد العالمي».
وفي معرض ردّه، أشار المصدر إلى أن المملكة «أدّت دوراً بارزاً عبر التاريخ في تحقيق أمن المنطقة والعالم واستقرارها ورخاءهما، وقيادة الجهود في مكافحة التطرّف والإرهاب، وتعزيز التعاون الاقتصادي، وترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم».
بدورها، أكدت «هيئة كبار العلماء» في السعودية، أن «شعب #المملكة_العربية_السعودية خلف قيادته الحكيمة، ومع حكومته الرشيدة في رفضها التام لأيّ تهديدات ومحاولات للنيل منها، وستظلّ هذه الدولة المباركة رائدة في العالمين العربي والإسلامي، وذات دور بارز في استقرار المنطقة والعالم ورخاءهما».


لن نعاقب أنفسنا
قال ترامب في حديثٍ إلى الصحافيين في البيت الأبيض: «كان أملنا الأول ألا يكون قد قتل، لكن ربما الأمور لا تبدو جيدة... بحسب ما نسمعه». وأضاف: «قد لا نتمكّن من رؤيته مجدداً، هذا أمر محزن جداً»، مشيراً إلى أنه سيجري اتصالاً بالملك سلمان بن عبد العزيز.
في الوقت نفسه، أكد ترامب أنه في الوقت الراهن «لا أحد يعلم ماذا حدث»، مشيراً إلى أنّه حتى وإن قرّر معاقبة السعودية، فهو لن يتّخذ أي إجراء ضدّها تكون له عواقب سلبية على الاقتصاد الأميركي، مثل إلغاء مبيعات أسلحة أميركية للرياض. في هذا الإطار، أوضح أنه إذا فعل ذلك «نكون نعاقب أنفسنا»، مضيفاً: «هناك أمور أخرى يمكننا القيام بها، وهي قوية جداً جداً وشديدة جداً»، من دون أن يوضح ماهيّة تلك الإجراءات.
وفي مقابلة مع قناة «سي بي أس»، بُثّت يوم أمس، قال ترامب: «حتى الآن هم (السعوديون) ينفون (تورطهم) بشدّة. هل يمكن أن يكونوا هم؟ نعم»، مؤكداً أنّه إذا تبيّن فعلاً أنّ المملكة مسؤولة عن اختفاء الصحافي المعارض، فسيكون هناك «عقاب قاس».
وكان وزير الداخلية السعودي، عبد العزيز بن نايف، قد أكّد، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء السعودية الرسمية، فجر أمس، أنّ «ما جرى تداوله بوجود أوامر بقتله (خاشقجي) أكاذيب ومزاعم لا أساس لها من الصحّة تجاه حكومة المملكة المتمسّكة بثوابتها وتقاليدها والمراعية للأنظمة والأعراف والمواثيق الدولية».
ومساء أمس، قال وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، ثامر السبهان، عبر «تويتر» إنّ «ما تتعرّض له بلاد الحرمين ورموزها من حملات إعلامية كاذبة، غادرة، قذرة، ليست وليدة اليوم. هو عمل ممنهج ومنظّم منذ عدة عقود. من يُرد الباطل فهو له، أمّا الحق فنحن أهله».


السعوديون لا يتعاونون
اتهم وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الرياض بعدم التعاون في التحقيق، في حين أنّ من المقرّر أن يجتمع وفد سعودي في أنقرة مع مسؤولين أتراك في إطار التحقيق في هذه القضية. ودعا جاويش أوغلو الرياض إلى فسح المجال لدخول محقّقين أتراك إلى مبنى قنصليتها في إسطنبول. وتابع «أين اختفى؟ هناك في القنصلية»، مشيراً إلى أن المباحثات مع السعوديين «مستمرة» بهدف التوصّل إلى اتفاق. وأكد الوزير التركي أنّ «هناك إجماعاً في الرأي بشأن تشكيل مجموعة عمل مشتركة للكشف عن مصير خاشقجي في ضوء المقترح السعودي».

بريطانيا وفرنسا وألمانيا: لإجراء «تحقيق موثوق به»
دعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا السلطات السعودية والتركية، اليوم، إلى إجراء «تحقيق موثوق به» في اختفاء خاشقجي. وقالت هذه الدول إنها تتعامل مع هذا الحادث «بأقصى درجات الجدية».
وأكد وزراء خارجية الدول الثلاث، في بيان مشترك، أن «هناك حاجة لإجراء تحقيق موثوق به لمعرفة حقيقة ما حدث، وتحديد المسؤولين عن اختفاء جمال خاشقجي وضمان محاسبتهم».
وقال الوزراء الثلاثة: «نشجع الجهود السعودية التركية المشتركة ونتوقع أن تقدم الحكومة السعودية رداً كاملاً ومفصلاً. وقد نقلنا هذه الرسالة بشكل مباشر إلى السلطات السعودية».

مؤشّر البورصة السعودية يهبط 7%
هبط مؤشّر البورصة السعودية 7 في المئة بعد أكثر من ساعة من بدء التداول اليوم، فاقداً مكتسبات عام 2018، مع تزايد الضغوط الدولية على المملكة إثر اختفاء خاشقجي.
يأتي هبوط المؤشّر، بفعل مخاوف المتعاملين من إمكانية فرض الولايات المتحدة عقوبات على المملكة، بسبب اختفاء خاشقجي، وفق وكالة «بلومبرغ» الأميركية، التي قالت إنّ «الأوضاع الجيوسياسيّة هبطت بالبورصة السعودية. استمرار إصرار المملكة على موقفها النافي لأي علاقة لها باختفاء خاشقجي لن يكون في مصلحة السوق».
وخسر مؤشّر السوق المالية السعودية «تداول» أكثر من 500 نقطة في أول يوم من الأسبوع، ما يعني أنّه فقد كل المكتسبات التي حقّقها منذ بداية العام.
وكان المؤشر قد هبط الخميس الماضي، 3 في المئة إثر الاضطرابات التي شهدتها الأسواق العالمية على خلفية قرار الاحتياطي الفدرالي الأميركي المفاجئ رفع أسعار الفائدة.
وجرى التداول بالمؤشّر بأقل من 7000 نقطة، في أدنى مستوى له منذ 10 أشهر، فاقداً 18 في المئة كان قد ربحها منذ بداية 2018.
وتقدّر خسائر السوق المالية السعودية، وهي الأكبر في المنطقة، بنحو 50 مليار دولار خلال جلستَي الخميس واليوم.