يبيّن موسى السادة، نجل المعتقلة المقيم خارج البلاد، في حديث إلى «الأخبار»، أن هذه هي المرة الثانية التي يُدفَع فيها بوالدته إلى العزل الانفرادي، موضحاً أن المرحلة الأولى امتدّت لأربعة أشهر بين آب/ أغسطس وكانون الأول/ ديسمبر 2018، مضيفاً أن أمّه لم تلبث أن بقيت أقلّ من شهر مع معتقلات أخريات في السجن العام حتى أُعيدت مجدداً إلى «الانفرادي»، لتبدأ في كانون الثاني/ يناير 2019 المرحلة الثانية التي لا تزال مستمرة، في محاولة لكسر إرادة السادة، التي لم تتخلّ عن نشاطها حتى خلف القضبان، حيث كانت «تحرّض» رفيقاتها على «المقاومة». يقول موسى إن «والدتي منهكة جداً من العزل الانفرادي».
يضاف إلى ذلك، بحسب موسى، أن نسيمة تعيش معاناة نفسية كبيرة بسبب ابتعادها عن أطفالها، الذين يكابد بعضهم أوضاعاً صحية صعبة. يلفت، في هذا الإطار، إلى حالة شقيقه مصطفى (16 سنة)، الذي يعاني نقصاً حاداً في السمع، وهو «يأمل خروج أمه من السجن قبل موعد عملية زراعة القوقعة». الأصعب مما تقدم، أن نسيمة كانت المعيلة الوحيدة لأسرتها، في ظلّ مرض زوجها المصاب بفقدان الذاكرة. مرضٌ ينعكس سلباً على حالة الناشطة المعتقلة، بالنظر إلى أنها محرومة التواصل إلا مع زوجها، وهذا الأخير لا يستطيع استيعاب ما تنقله إليه أو تَذكّره، «ما يزيد الواقع سوءاً».
قضت نسيمة السادة نحو 80 بالمئة من مدة الاعتقال في المحبس الانفرادي
في تعليقه على حالة المعتقلة نسيمة السادة، يلفت رئيس «المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان»، علي الدبيسي، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنّ السلطات تجاوزت حتى القوانين المحلية في ممارستها التنكيل بحقّ السادة، مشيراً في هذا الإطار إلى أن الأخيرة «قضت نحو 80 بالمئة من مدة الاعتقال في المحبس الانفرادي، في شكل يعكس مستوى القسوة لدى جهاز رئاسة أمن الدولة»، متابعاً أن «القوانين المحلية لا تسمح بتأخير المحاكمات أكثر من 6 أشهر إلا بقرار قضائي، لكن المعتقلة تجاوزت تلك المدة». يرى الدبيسي أن التعامل مع «التيار النسوي أصبح عاراً على السعودية»، مُذكّراً بأنه لولا «الضغوط الدولية لما عمدت الرياض إلى نقل محاكمة النشاطات من المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب، إلى المحكمة الجزائية، بهدف إزاحة الحرج عن نفسها».
تُعدّ نسيمة السادة، وفقاً لما يصفها به مصدر مطلع على نشاطها، «من أشجع النساء السعوديات اللائي ناضلن لنيل حقوقهن وتحسين حالة حقوق الإنسان في المملكة». يَذكر المصدر، في حديثه إلى الأخبار، أن السادة «منذ عام 2011، بدأت، ومعها مجموعة من النشطاء، بتأسيس (مركز العدالة لحقوق الإنسان)، غير أن حرب السلطة الشرسة على المجتمع المدني منعتها من إكمال مشروعها، ليُغلَق المركز عام 2013». ويزيد أنه «في عام 2015، رشّحت السادة نفسها للانتخابات البلدية، ولكنها لم تجد اسمها على بطاقات الاقتراع لأسباب تتعلّق بنشاطها الحقوقي، ما دفعها إلى رفع دعوى ضد وزارة الداخلية». كذلك «عاودت سعيها إلى تأسيس جمعية مرة أخرى عام 2017 تحت اسم (نون) للدفاع عن حقوق المرأة، وبدأت إجراءات التسجيل»، إلا أنها، وفق المصدر نفسه، «لم تحصل على جواب، واصطدمت بعراقيل عدة، في ظلّ القوانين التي تُقيّد تأسيس الجمعيات في السعودية».