لم تتّضح بعد الأسباب الكامنة خلف القرار المفاجئ الذي قضى، يوم أمس، إطاحة وزير الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، من منصبه الذي يشغله منذ عام 1997. استبعاد الوزير المخضرم، وتعيين أحد أبناء الأسرة الحاكمة مكانه، جاء ضمن مراسيم سلطانيّة صدرت عن السلطان هيثم بن طارق، وتضمّنت إعادة هيكلة واسعة للحكومة، عبر دمج بعض الوزارات وإنشاء أخرى جديدة. وفي حين لم تُشِر المراسيم صراحةً إلى إقالة بن علوي أو إعفائه من منصبه، إلّا أن التعديل يُجلِّي بوضوح خروجه من التشكيل الحكومي، بعدما مثَّل - على مدى 23 عاماً - واجهة السياسة الخارجيّة لسلطنة عُمان.يُفهم من التغييرات الحكوميّة، بدايةً، أنها جاءت لترسِّخ سلطة السلطان الجديد هيثم، بعد أقلّ مِن عام على تولّيه منصبه خلفاً لقابوس. وربّما تمهِّد لفكاكٍ محتمل من إرث السلطان الراحل الذي أرسى نهج «الحياد الإيجابي» على مدى خمسة عقود. تغييراتٌ جاءت أيضاً في وقتٍ يئنّ فيه اقتصاد عُمان - المثقلة بمستويات عالية من الديون والأكثر عرضة لتقلبات أسعار النفط من معظم جيرانها - تحت وطأة عجزٍ كبير في الموازنة، وركود اقتصادي فاقمته تبعات انهيار أسعار النفط، وأزمة وباء «كورونا». من جهة أخرى، يمكن قراءة الخطوة السلطانيّة كترجمةٍ لـ»وعود» أطلقها هيثم بن طارق لدى تولّيه مقاليد الحكم في كانون الثاني/ يناير الماضي، حين تعهّد بإعادة تشكيل أجهزة الدولة بما يتناسب مع رؤية السلطنة 2040، جنباً إلى جنب «الحفاظ على الثوابت (...) وسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لغيرنا».
إلى ذلك، تضمّنت المراسيم السلطانيّة إعادة تشكيل مجلس الوزراء برئاسة السلطان هيثم بن طارق، وتعيين فهد بن محمود آل سعيد نائباً لرئيس مجلس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، إضافة إلى تعيين شهاب بن طارق بن تيمور آل سعيد (شقيق السلطان) نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع. كما قضت بتثبيت بدر بن حمد البوسعيدي - وهو من أبناء الأسرة الحاكمة - وزيراً للخارجية العُمانيّة، بعدما كان سلفه، يوسف بن علوي، يتولّى منصب الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، على اعتبار أن السلطان كان يقوم - شخصيّاً - بمهام الوزير. فبحسب التلفزيون الرسمي العُماني، «عَيّنت السلطنة اليوم الثلاثاء (أمس) وزيراً للشؤون الخارجية وآخر للمالية، بعدما كان سلطان البلاد يشغل المنصبين»، إضافة إلى شغله مناصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقائد القوات المسلحة. لذا، يشير المنصب الجديد إلى أن البوسعيدي (60 عاماً)، الذي شغل عدداً من المناصب في وزارة الخارجية قبل تولّي الحقيبة الوزارية، وكذا وزير المالية الجديد، سلطان بن سالم بن سعيد الحبسي، سيتمتّعان بصلاحيات إضافيّة. وعُيِّن تيمور بن أسعد بن طارق آل سعيد رئيساً للمصرف المركزي، فيما آلت وزارة الثقافة والرياضة والشباب المستحدثة إلى ذي يزن بن طارق، نجل السلطان، وجرى دمج وزارتَي العدل والشؤون القانونية في وزارة واحدة، فضلاً عن إنشاء وزارة العمل.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا