حينما اشتكى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، من طول الرحلة بين طهران وبكين حيث التقى نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، أمس، عاجله الأخير بالقول إن «الرحلة بين الرياض وطهران لا تزيد على ساعتين». هذا الكلام الذي نقلته وسائل الإعلام السعودية عن الوزيرَين، يشير إلى أن ثمّة رغبة لدى المملكة في الانتقال إلى العمل المباشر بين الجانبَين، ما من شأنه أن يسرّع عملية تذليل الخلافات، سواءً الثنائية أو في ما يخصّ الملفّات الإقليمية المشتركة.مسألة العلاقات الثنائية صارت محسومة، بل إن خطوات ملموسة جرى الإعلان عنها في البيان المشترك الصادر بعد الاجتماع، والذي أكد فيه الجانبان اتّفاقهما على إعادة فتح بعثاتهما الديبلوماسية خلال المدّة المتّفق عليها في إعلان بكين الموقّع في 10 آذار الماضي، وهي شهران (باقٍ منها نحو شهر). وعليه، من المفترض أن ينطلق البلدان بعد ذلك في وضع ترتيبات عملية للمساهمة في تسوية ملفّات إقليمية عالقة بينهما، كاليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرها، علماً أنه في حالة اليمن ثمّة انعكاس في الاتّجاهَين، بمعنى أن الهدنة اليمنية القائمة منذ أشهر أسهمت في التوصّل إلى الاتفاق السعودي - الإيراني، في حين عاد الأخير نفسه وانعكس مزيداً من الاسترخاء على خطوط القتال.
وتحدّث الوزير الإيراني، في تغريدة على «تويتر»، عن «بداية العلاقات الديبلوماسية الرسمية بين طهران والرياض، واستئناف رحلات مراسم العمرة والتعاون الاقتصادي والتجاري، وإعادة فتح ممثّليات البلدِين في إيران والسعودية»، في حين اعتبر الوزير السعودي أن استئناف العلاقات خلَق أجواء إيجابية في المنطقة برمّتها. والظاهر أن قوّة القرار السياسي لدى الجانبَين ستدفع نحو تعاون يفوق بكثير ذلك الذي كان قائماً قبل قطع العلاقات في مطلع العام 2016، يساعد عليه دور ديبلوماسي صيني متنامٍ في المنطقة على حساب التأثير الأميركي المتراجع. إذ واكبت وزارة الخارجية الصينية الاجتماع الذي جرى برعاية وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، بالتأكيد أنها ستعمل مع دول المنطقة «لتنفيذ مبادرات تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية» في الشرق الأوسط.
اعتبرت صحف إسرائيلية أن الاتفاق وجّه ضربة قاسية إلى آمال أميركا وإسرائيل بتأسيس محور ضدّ إيران في الشرق الأوسط


وفي البيان المشترك، شدّد الجانبان على «أهمية متابعة تنفيذ اتّفاق بكين وتفعيله، بما يعزّز الثقة المتبادلة ويوسّع نطاق التعاون، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة». كما أكدا «حرصهما على بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقّعة في 17 نيسان 2001، والاتّفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقّعة في 27 أيار 1998». أيضاً، اتفقا «على المضيّ قُدماً في اتّخاذ الإجراءات اللازمة لفتح سفارتَي البلدين في الرياض وطهران، وقنصليتَيهما العامّتين في جدة ومشهد، ومواصلة التنسيق بين الفِرق الفنية من الجانبين لبحث سبل تعزيز التعاون بما في ذلك استئناف الرحلات الجوية، والزيارات المتبادلة للوفود الرسمية والقطاع الخاص، وتسهيل منح التأشيرات لمواطني البلدين بما فيها تأشيرات العمرة».
كذلك، عبّر الجانبان «عن تطلّعهما إلى تكثيف اللقاءات التشاورية، وبحث سبل التعاون لتحقيق المزيد من الآفاق الإيجابية للعلاقات بالنظر إلى ما يمتلكه البلدان من موارد طبيعية، ومقوّمات اقتصادية، وفرص كبيرة لتحقيق المنفعة المشتركة للشعبين الشقيقين. وأكدا استعدادهما لبذل كلّ ما يمكن لتذليل أيّ عقبات تواجه تعزيز التعاون بينهما»، «في كلّ ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وبما يخدم مصالح دولها وشعوبها». وتبادل الوزيران السعودي والإيراني الدعوات لزيارات متبادلة وعقد اجتماعات ثنائية في العاصمتَين، ورحّب كلّ منهما بالدعوة التي وجّهها الآخر إليه.
على الضفة الإسرائيلية، كتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «الاتفاق السعودي - الإيراني وجّه ضربة قاسية إلى آمال إسرائيل والولايات المتحدة بتأسيس محور ضدّ طهران»، وربّما استخدام المجال الجوي السعودي لتوجيه ضربة إلى المشروع النووي الإيراني.