«إعدامات سياسية، تحرمنا أبناءنا، تمنعنا رؤيتهم، وتحرمنا من لحظة لقاء ونظرة وداع أخيرة، وحتى الدفن ومواراة الثرى ومعرفة شاهد القبر، محظور على العوائل المفجوعة هنا»؛ هذا ما تقوله لـ«الأخبار» سيّدة قطيفية، طالبةً عدم الكشف عن هويّتها لأسباب أمنية، مضيفةً أن «القطيف مفجوعة، العزاء يخيّم على المنطقة، ويكاد لا يخلو منزل من الحزن منذ أول إعدام نُفّذ بحق القاصر حيدر آل تحيفة». وتتابع: «الحزن يتسلّل بين الأزقّة والبيوت، ويخترق الجدران الأمنية التي نصبتها السلطة وأعينها». من جهته، يلفت مصدر أهلي آخر إلى أن «أهالي الشهداء يُصدمون بإعدام أبنائهم سرّاً وإخبارهم بذلك عبر وسائل الإعلام وبيانات الداخلية»، مضيفاً أن «الكثير من الضحايا أُعدموا من دون محاكمات أو وجود اتّهامات تستدعي قتلهم أو معاقبتهم بسلب أرواحهم». وإلى جانب استمرارها في حرمان الأهالي من تسلّم جثامين أبنائهم وإقامة مراسيم تشييع لهم، «تمنع السلطات السعودية العوائل من استقبال المعزّين، وتحظر حتى على أقارب الشهيد تقديم العزاء به، ليقتصر العزاء على الأب والأم والأخوة والأخوات الذين هم في بيت واحد، وحتى يُمنع العزاء على الأصهار والبنات إذا لم يكونوا في البيت نفسه»، بحسب ما يؤكّده لـ«الأخبار» المعارض والناشط السياسي القطيفي، حسن الصالح.
أثارت الإعدامات المتلاحقة أخيراً مخاوف أهالي المهدَّدين بالإعدام، والذين يفوق عددهم 71
وأثارت الإعدامات المتلاحقة أخيراً مخاوف أهالي المهدَّدين بالإعدام، والذين يفوق عددهم 71، بينهم ما لا يقلّ عن 9 قاصرين، فيما تقول مصادر ومنظّمات حقوقية إن أعداد هؤلاء ربّما تتجاوز ما هو معلَن بكثير. وفي هذا الإطار، يقول المحامي طه الحاجي، المدير القانوني في «المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان»، لـ«الأخبار»، إن الإعدامات تشير إلى أن «وتيرتها متواصلة ومتصاعدة، فيما بعضها خارج دائرة الرصد، إلى جانب مَن ينتظرون دورهم على قائمتها». ويشير الحاجي إلى ما تكابده عوائل المحكومين عند كلّ إعلان عن تنفيذ جريمة؛ إذ «يفارق النوم عيونهم، ويتسلّل الخوف إلى قلوبهم على فلذات أكبادهم، خوفاً من أن يأتي سيّاف آل سعود على رقابهم». وكان «لقاء المعارضة في الجزيرة العربية» ندّد، في بيان، بإعدام الشبّان الثلاثة، معتبراً أن «سياق الإعدامات سياسي طائفي، وما التشويه الأخلاقي إلّا إضافة متعمّدة لتحقيق أغراض تبريرية للإعدامات، ومنع حدوث تداعيات لها، في حال لم يصدّق الناس اتّهامات السلطة وتعاطفوا مع أبنائهم الضحايا». واستنكر البيان «الكذب والتضليل» اللذَين ساقتهما «الداخلية» ضدّ الشبّان الثلاثة «الذين لا جرم لهم سوى المطالبة بحقوق مشروعة منصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدَين الدوليَين للحقوق الاجتماعية والاقتصادية». وفي الدلالات السياسية لتسارع مسلسل الإعدامات، يرى الصالح أن السلطة تخيّر مواطنيها بين اثنَين: «إمّا العبودية المطلقة وعدم المطالبة بأيّ شيء أو السيف»، مضيفاً أن ولي العهد، محمد بن سلمان، يريد أن يقول للداخل إن «التقارب مع إيران لا يعني السماح» للفئة التي دأبت السلطة ونخبتها على الترويج لها بوصفها تابعة لطهران ومتماهية مع نظامها وعقيدته، «بالعيش براحة وهدوء»، والقول لأبناء هذه الفئة إن «التقارب مع إيران ثمنه تصفيتهم، وإن إيران باعتهم مقابل إعادة العلاقات مع السعودية».