انطلقت حركت «احتل!» _ «!Occupy» بعفوية في مناطق عدة من العالم، مستوحية زخمها من الاحتجاجات العربية، وخصوصاً من احتجاجات ميدان التحرير خلال الانتفاضة المصرية. اشتهرت الحركة العالمية التي تسعى إلى العدالة الاجتماعية والاقتصادية باحتلالها لوول ستريت في مدينة نيويورك، وهو القلب النابض لرأس المال. كان هذا في أيلول عام ٢٠١١، عندما امتدت شعلة «الاحتلالات» الشعبية إلى الشوارع والمرافق العامة في أكثر من ٢٥ دولة، انطلاقاً من هونغ كونغ ووصولاً إلى لندن، قبل أن تقمعها السلطات وتفرغ الشوارع والساحات من المحتجين. لم تنته الحركة بعد موجة النشاطات الأولى، إنما تقلصت بعض الشيء. لكنها لا تزال تمثّل إطاراً فعالاً للعمل الاجتماعي السياسي، وخصوصاً في البلدان التي نشأت فيها. وفي ٢٢ نيسان الجاري، احتلت مجموعة مؤلفة من المئات من الناشطين البيئيين والزراعيين قطعة أرض تملكها جامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي، وغرست فيها آلاف الشتول والبذور وأعلنتها مزرعة عامة. وجاء هذا العمل احتجاجاً على مشروع بيع قطعة الأرض لشركة استثمارات عقارية قد تحولها إلى أبنية ومجمعات تجارية. وطالب المحتجون بالاعتراف بحقهم في إنتاج غذائهم في عالم تسيطر على غذائه حفنة من الشركات العملاقة. يشير هذا التحرك إلى تحول جوهري في حركة «احتل!» التي كانت قد نعتت بالـ«هبيّة» وبالكسل، فنقلتها من الاحتجاج الكلامي إلى العمل الإنتاجي، مهما كانت رمزيته. يتحدى هذا العمل مبدأ ملكية الأراضي الخاصة التي تمثّل أحد العوائق الأساسية أمام تحسين أوضاع الفلاحين المعيشية. كذلك فإنها تمثّل جزءاً أساسياً من عملية إعادة توزيع الموارد. فعلى سبيل المثال، شهدت هندوراس أخيراً تحركاً فلاحياً ضم أكثر من ٣٥٠٠ عائلة ريفية فقيرة وضعت يدها على مساحات زراعية واسعة تملكها الدولة، وباشرت باستصلاحها وغرسها. تُرى، هل تمتد هذه النشاطات والاحتجاجات إلى الوطن العربي، كما امتدت الاعتصامات من التحرير إلى وول ستريت؟