من كان يصدق أن الفرعون حسني مبارك وأولاده ومافيا المال والاستثمارات الفاسدة قد يمثلون ذات يوماً أمام محكمة تحقق في مصادر ثرواتهم؟ ومن كان يحلم بأن تنقلب الأمور رأساً على عقب وأن يتراجع بعض كبار الأثرياء، ممن يتمتعون بسلطة تفوق سلطة الدولة في بعض الحالات، عن استثمارات مشبوهة ويعيدون للشعب بعضاً مما كسبوه بنحو غير مشروع؟ ومن كان يتوقع أن الثورة قد تؤدي إلى إعادة النظر بالسياسة الزراعية المصرية التي هدفت منذ ما بعد الحقبة الناصرية إلى تشجيع الاستثمارات الرأسمالية الضخمة على حساب صغار المزارعين، والتي أدت إلى إعطاء الأثرياء «تسهيلات» للحصول على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية؟ فقد نقلت مجلة «فوربز» الأميركية (وهي مجلة متخصصة في شؤون الأغنياء) في نسختها الإلكترونية خبراً عن تنازل المليونير السعودي الوليد بن طلال عن 40 ألف هكتار من الأراضي في دلتا النيل كان قد اكتسبها عام 1998 بهدف استثمارها في مشروع زراعي ضخم. وكان مكتب المدعي العام في مصر قد وضع يده على الأرض بسبب الشكوك في شرعية الصفقة، بحسب خبر نقلته وكالة رويترز. يعاني لبنان تعديات يومية على الأراضي من زمرة صغيرة من المتنفذين الذين يتحكمون بالبلد ويحلّقون فوق القانون. ليس من الضروري البحث بعيداً لإيجاد دلائل على هذا الواقع: يكفي النظر إلى الأملاك البحرية وإلى وسط المدينة وإلى مشاعات بعض القرى التي علمنا أخيراً من الصحافة أنها تتعرض لعملية وضع يد من جهات «مجهولة» ربما كانت قد أتت من المريخ طمعاً بمرقد عنزة في جبل لبنان. كل هذا يحصل علناً عبر تغطية قانونية وعبر مراسيم تسنّ خصيصاً لتسهيل نهب الشعب. هذا الشعب نفسه الذي يجتمع في الميادين ليصفق لمن ينهبه... أهلاً بكم في لبنان.