بيفيرلي نايدو كاتبة من جنوب أفريقيا، التقت أخيراً مجموعة من الأولاد اللبنانيين في إطار ورشة عمل، قرأت لهم قصصها، عرضت لهم قضية التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، كانت الورشة تفاعلية، وأبدى الأولاد حماسة كبيرة لما قُدّم إليهم
دعاء السبلاني
مجموعة تلاميذ تحلّقوا حول امرأة، هي بيفيرلي نايدو، كانت تروي لهم قصة قصيرة بالإنكليزية، عيونهم شاخصة نحوها بترقّب. ينصتون حيناً، ويشاركون الراوية أحياناً أخرى، مجيبين عن أسئلة كانت تطرحها عن القصة التي بدا أنهم حفظوها عن ظهر قلب. وكانت علامات الدهشة بادية على وجه القارئة المعجبة بذكاء الأولاد.
«التمييز العنصري في جنوب أفريقيا» موضوع كان محور ورشة العمل التي نظّمها المجلس الثقافي البريطاني في بيروت لطلاب الصف السادس في «ابتدائية خليل شهاب» التابعة لجمعية المقاصد. ألقت بيفيرلي نايدو، وهي كاتبة من جنوب أفريقيا، محاضرة عن التمييز العنصري الذي لحق بالسّود في بلادها، وذلك لفترة طويلة جداً. ولأن الأطفال المشاركين في الورشة لا تتجاوز أعمارهم الـ 12عاماً، استخدمت نايدو لغة الأطفال والأسلوب القصصي، إذ بدأت المحاضرة برواية قصة من أحد كتبها «Journey to Jo’ Burg». وتدور أحداث هذه القصة حول ولدين من شمال أفريقيا قاما برحلة خطيرة جداً، وذلك بحثاً عن والدتهما التي اختفت بعد مرض ابنتيها. تعترض الولدان المغامران الكثير من المشاكل الناتجة من التمييز العنصري. والملاحَظ هو الأسلوب المشوّق الذي استخدمته نايدو في روايتها للقصة، معتمدةً على حركات وإيماءات اختلاف مستويات صوتها، وهذا ما كان يثير ضحك الأولاد كثيراً، وأسهم أيضاً في زيادة استيعابهم وتحمّسهم لمتابعة المحاضرة.
في حديث إلى «الأخبار»، قالت نايدو إن هدفها هو أن يفهم الأطفال الذين يقرأون القصة وغيرهم أن التمييز العنصري أمرٌ غير مقبول، وأن التغيير ممكن. لذلك بدأت الورشة بعرض صورة كبيرة كُتِب عليها «Imagining Change» ومن ثم عرضت نايدو بعض كتبها مثل (First U.K. edition 1885) «Journey to Jo’ Burg» و « Out of Bounds» وكتاب «The Other Side of Truth» بنسختيه ( Chinese edition illustration by Victory Chen) و (Catalan edition illustration by Jordi Fuster) و «Burn my Heart».
لإبعاد الملل وتقديم أفكارها بشكل مبسط ومحبب للأولاد، قرأت نايدو بعض الأبيات من قصائدها، وطلبت من الطلاب ترديدها مع حركات بالأيدي ومستويات مختلفة من الصوت. وكان الأولاد يتمتعون فعلاً بذلك، ويبدون تجاوباً ومشاركة فعّالة، وقد أدّوا أي حركة تطلبها، وردّدوا أبيات الشعر بناءً على سؤالها. بدا من الواضح أن الأولاد المشاركين في الورشة يجيدون اللغة الإنكليزية بامتياز، حيث إنهم فهموا كل ما تقوله الكاتبة الجنوب أفريقية.
لم تقتصر الورشة على القصص، فقد عرضت خلالها العديد من الصور التي تجسّد بعض مظاهر التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، ومنها صورة تحت عنوان «WHITE ONLY bench in apartheid days» وهي صورة لمَقعد كُتِب عليه «للبيض فقط»، وتظهر فيها فتاة صغيرة كأنها تصرخ في وجه مربّيتها السوداء. ومن الصور أيضاً واحدة تحت عنوان «Sentenced to Life Imprisoned April 1964» وهي تُظهر معتقلين كانوا يطالبون بالحرية والعدالة، ومن بينهم شاب هندي مسلم اسمه (Ahmad Kathrada ) إضافة إلى الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلّا. وهناك أيضاً العديد من الصور مثل صورة مانديلا في 11 كانون الثاني 1990، وكان قد أمضى في السجن 27 عاماً، وصورة «Sola and Marvin in Cape Town» إضافةً إلى صورة «Mame Sebate in 2005» و «Hector Peterson Soweto» وهو الفتى الذي أطلقت الشرطة عليه النار. وتحدثت نايدو قليلاً عن مانديلا، كما عرضت صورة لفتى يدعى هكتور بيترسون سويتو بعدما أطلقت الشرطة النار عليه خلال مشاركته في إحدى التظاهرات في البلاد.
في نهاية ورشة العمل طرح التلاميذ بعض الأسئلة، وأهمها سؤال عن سبب تسليط الضوء على التمييز العنصري في أفريقيا بالذات وليس في أي منطقة أخرى، فكان الجواب هو أن الكاتبة نايدو ولدت هناك، ولأن في ذهنها صورة واضحة عما كان يجري من أحداث في بلادها. وطُرح سؤال آخر عما إذا كان ما تكتبه واقعياً أم خيالياً، فأجابت نايدو أن القصص واقعية ولكن الأسماء من تأليفها. ومن بين الأسئلة التي طُرحت «ما هي الخطوات التي يجب اتّباعها لأصبح كاتباً؟» وكانت الإجابة «Read, Read, Read» (إقرأ، إقرأ، إقرأ). كما طرح التلامذة عدداً كبيراً من الأسئلة التي تدل على ذكاء حاد، وقدرة على التفاعل مع ما قُدم إليهم خلال الورشة، وجاءت الأسئلة لتؤكد أنهم استوعبوا المعلومات التي عُرضت لهم. انتهى الوقت المخصص للورشة، وكان التلاميذ لا يزالون يطرحون الأسئلة.