هيثم خزعل«ـــ هل تتوقع أنا تشن الولايات المتحدة حرباً على إيران في اللحظات الأخيرة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية؟ أنا أتوقع ذلك. إنه أمر محتوم لأن الجمهوريين يريدون توريط أوباما في حال نجاحه. لكن ثمة مشكلة تعترضهم. أتعلم ما هي؟ إيران تملك مجموعة كبيرة من الصواريخ «البلاستيكية» التي تطال واشنطن ولندن. أنا متأكد من ذلك، صهري أخبرني بذلك وهو ضليع في السياسة، لا يخطئ أبداً. يا زلمي، كأنه نبي!
ـــ لكن إن ضربت الولايات المتحدة إيران، فإن الخليج كله سيلتهب، بما في ذلك آبار النفط. ودول الخليج العربي كما الدول المستوردة للنفط ستكون الخاسر الأكبر. والله العظيم إن دماغي ستنفجر من كثرة التفكير في الموضوع. أكاد أجن. لكن أنت أخبرني وجهة نظرك علك تنقذني من حيرتي. هل الحرب ستقع؟».
هذه بعض من الأسئلة التي تتمحور حول أزمة «الشرق الأوسط!» والتي أمطرني بها سائق التاكسي أثناء الرحلة من المريجة إلى الأوزاعي.
«يا عمي، أتظن أنني موظف في البنتاغون؟ أو خبير في السياسة الدولية؟ لماذا تقحم نفسك في مستنقع اللعبة الدولية؟ وهل معرفتك بالسيناريو المحتمل، ستغيره؟».
جملي الصاعقة التي انهالت على السائق المتحرق للمعرفة رسمت خيبة تجلت على قسمات وجهه. خفض صوته والتفت ناحيتي مبتسماً، وقال «سامحك الله». الحق أنني «واخذت» نفسي لكنني لم أدر كيف أبادر لاسترضاء الرجل الذي يكبرني سناً.
وتابع «يا ابني، والله لست من هواة السياسة ولا من متتبّعي نشرات الأخبار. ومشاكلي متراكمة. لكن ابني يعمل في الكويت ويرسل إليّ شهرياً مبلغاً من المال يساعدني على إعالة إخوته. فإن قامت الحرب فقد أخسر ابني وقد تضيق أحوالي. لذلك أبحث عن جواب يبدد هواجسي». بصراحة، لقد شعرت بالخزي والخجل. أنا هائم في دنياي وهواجسي، فيما لعبة الرغيف أودت بالسائق إلى متاهات السياسة الدولية.
حاولت أن أستجمع بعض التصريحات والمعلومات والبراهين لأطفئ حيرة السائق، وأنفي بشكل قاطع توقع اندلاع حرب. كانت فرحته كبيرة. أشعلت سيجارتين لي وله «خذ يا عمي. نفخ عليها تنجلي».