دواء الـ Di- Antalvic سيُسحب من الأسواق خلال عام، اتخذ القرار بناءً على دراسات أجرتها اللجنة التابعة لوكالة الأدوية الأوروبية، وتبيّن أن فوائد هذا الدواء قليلة وأن جرعة زائدة منه تودي بحياة نسبة لا بأس بها من الأشخاص سنوياً، وتجدر الإشارة إلى أن استهلاك هذا الدواء في لبنان مرتفع

غادة دندش
أعلنت وكالة الأدوية الأوروبية European Medecines Agency في بيان صادر عنها في 25 من الشهر الجاري أن الدواء المسكّن للآلام الـ Di-Antalvic وجميع المسكّنات التي تحتوي على المادة نفسها يجب أن تُسحب من الأسواق الأوروبية خلال عام من صدور هذا القرار. واعتمدت الوكالة في قرارها على تقرير اللجنة المنبثقة عنها الـ CHMP. إذ تبيّن لهذه اللجنة أن خطر تناول جرعة مفرطة قاتلة، بقصد أو بغير قصد، يفوق الفائدة العلاجية لدى جميع الأدوية المسكّنة للألم التي تحتوي على مادة «ديكستروبروبوكسيفن» (Dextropropoxyphene).
تُستخدم مادة الديكستروبروبوكسيفن المسكّنة للألم منذ أكثر من أربعين عاماً في أوروبا، ومنذ أكثر من عشرين عاماً في لبنان. ولم تُظهر الدراسات المخبرية والسريرية أية تأثيرات سلبية لها حين تناولها بشكلٍ مضبوطٍ ولفترات قصيرة يحدّدها الطبيب المعالج. لكن الإحصاءات التي أُجريت في بعض الدول الأوروبية قبل بضع سنوات بيّنت أن نسبة لا بأس بها من الأشخاص ماتوا نتيجة تناول جرعة مفرطة من أي دواء يحتوي على الديكستروبربوكسيفن والباراتسيتامول معاً. ثمّ تناولت الإحصاءات المسكّنات التي تحتوي على مادة الديكستروبروبوكسيفن منفردة، فاتضح أن نسبة الوفيات من جراء تناول جرعة مفرطة منها عالية نسبياً أيضاً. هذا الأمر أدّى إلى منع تداول هذه الأدوية في البلدان التي أجريت فيها هذه الدراسات. من هذه البلدان بريطانيا والسويد اللتان منعتا استخدام هذه الأدوية منذ عام 2005.
عام 2007 طلب الاتحاد الأوروبي من لجنة CHMP تقييم نسبة فائدة الأدوية التي تحتوي على براسيتامول وديكستروبروبوكسيفن، ومقارنة هذه الفوائد بمضار المادتين ومخاطرهما. لكن اللجنة وسّعت دراستها لتطال المسكّنات التي تحتوي على ديكستروبروبوكسيفن فقط. هدف التحقيق كان الكشف عما يجب القيام به لدرء خطر هذه الأدوية، وهل يكفي ضبط استخدامها أم يجب سحبها نهائياً من الأسواق؟
قامت اللجنة بدراسة المعلومات المتوافرة عن هذه المادة، التي تقدّمها المختبرات والشركات المصنّعة والمسوّقة للمسكّنات التي تحتوي على ديكستروبروبوكسيفن. كما اطّلعت اللجنة على نتائج الدراسات السريرية التي كانت تهدف إلى مقارنة تأثير المسكّنات المختلفة، على الآلام القصيرة المدى والمزمنة. وبالنظر إلى اختلاف نسب الوفيات من جراء تناول جرعات مفرطة من هذه المسكّنات في البلدان الأوروبية المختلفة، سعت اللجنة إلى دراسة تقارير جديدة من مراكز معالجة الإدمان والمستشفيات وتقارير الوفيات على المستوى الوطني لكل بلد. هذه المعلومات مجتمعة ساعدت اللجنة على تبيّن الخطر الذي تمثّله هذه المسكّنات على الصحّة العامة.
ورد في تقرير اللجنة النهائي أن الأدوية التي تحتوي على ديكستروبروبوكسيفن تتمتّع بقدرة مسكّنة خفيفة، وأن إضافة البراسيتامول إلى هذه المادة لا يجعل قدرة أي منهما على تسكين الآلام أقوى من المسكّنات الأخرى. من جهة ثانية، أكّدت اللجنة أن ما أقلقها فعلاً يتمثل في الفارق البسيط بين الجرعة العلاجية القصوى والجرعة المفرطة القاتلة. بكلام آخر قد يتناول المريض دون أن يدري جرعة قاتلة إذا أضاف نسبة صغيرة جدّاً من الدواء على جرعته اليومية. وبما أن من يعاني الألم يميل عند ازدياد ألمه إلى رفع كمّية المسكّن الذي يتناوله، أوصت اللجنة أن الخطر كبير، وأن الإجراء المناسب هو سحب هذه الأدوية من الأسواق.
واتّخذت شركة «سانوفي أفينتيس» المنتجة والموزّعة لدواء الـ Di-Antalvic في لبنان الإجراءات الكفيلة بإعلام الأطباء والمرضى بتفاصيل القرار الذي اتخذته لجنة الأدوية الأوروبية. وتلفت الشركة، التي ستسحب الـ «دي أنتالفيك» من السوق اللبنانية خلال عام، إلى النقاط الواردة في بيان وكالة الأدوية الأوربية. لا سيّما تلك التي تطلب من كل من يستخدم دواء الدي أنتالفيك مراجعة طبيبه للحصول على وصفة لدواء بديل. كما لا تشجّع أي مريض على مباشرة تناول أي دواء يحتوي على مادة ديكستروبروبوكسيفن. وإذا توافر الدواء في المنزل دون وصفة طبّية، وهو الأمر الشائع في لبنان، يجب التخلّص منه بالطريقة المناسبة التي يُتخلّص فيها من الأدوية التي انتهت مدّة صلاحيتها.
من جهة ثانية، تلفت اللجنة الأوروبية في بيانها نظر الأطباء إلى ضرورة مباشرة انتقاء المسكّنات البديلة المناسبة لكل حالة مرضية. لأن توافر المسكّنات التي تحتوي على ديكستروبروبوكسيفن سينخفض تدريجياً في الأسواق إلى أن يختفي تماماً في شهر حزيران من عام 2010. وفي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أصدرت الوكالة تنبيهاً يمنع وصف هذه الأدوية ومن ضمنها الدي إنتالفيك إلى أي مريض جديد.