قبل أن يختتم فصل الربيع موسمه، استفيدوا من اخضرار طبيعيته واحرصوا على إعداد صيدليتكم الطبيعية في البيت من الأعشاب الطبّية التي يمكن أن تجدوها في الأرض أو تلك التي يمكن أن تزرعوها بأيديكم.
سواء أكنتم في بيتٍ ريفي أم في شقّة في المدينة، بإمكانكم زرع النباتات الطبية والاستفادة من فوائدها في المواسم الأخرى. فالأعشاب الطبية التي تأتي في الربيع لن تجدوها في الخريف مثلاً أو في الشتاء. خزّنوها واستفيدوا منها لاحقاً في علاج الأمراض اليومية البسيطة التي لا تحتاج إلى استشارة طبيب. كونوا «عطّارين» في هذا الموسم. ثمة أعشاب طبيعية كثيرة يمكن استخدامها على مدار السنة لعلاجات بسيطة منها مثلاً الملوخية التي تبلسم التهاب الشعب الهوائية أو الهليون الذي يهدّئ أمراض الكبد أو خليط الأزهار الربيعية الجافة التي تعالج الإمساك، ولكن لنباتات الربيع خصوصية، كونها لا تأتي إلا في الموسم، فاستفيدوا من هذا المرور.
يمكن، هنا، الاكتفاء بالحديث عن ثلاث عشبات ربيعية، لما لها من فوائد كثيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

عشبة لسان الثور

تحمل هذه العشبة مسميات كثيرة، ولكن أكثرها شعبية «البلغصون»، خصوصاً في المناطق الجبلية. فلهذه العشبة فوائد لا حصر لها، منها على سبيل المثال الشراب الذي يمكن استخلاصه من أزهارها والذي يستخدم في علاج «نزلات» البرد والزكام لفتح مجاري التنفّس. كما أن هذه النبتة تحتوي على نيترات البوتساسيوم التي يمكن أن تستخدم كمدرّ للبول والتخفيف من الحصبة والحمّى القرمزية.

تحتفظ النبتة
بفوائدها الغنية عند جمعها قبل مرحلة الإزهار الكامل


ويمكن استخدام البلغصون بطريقتين: الأولى صنع «كمّادة» من أوراقه لتهدئة البشرة المتهيجة، أو استخدامه كشراب (عن طريق غلي أوراقه وأزهاره وجذوعه الطرية) لعلاج اضطرابات الجهاز التنفسي.

الهندباء

لهذه العشبة فوائد لا تحصى في علاج أمراض كثيرة منها مثلاً أمراض التهاب الكبد والكلى والرمد لاحتوائها على الكثير من المعادن، وهي تعرف أيضاً باسم الشيكوريا والطرخشون واللعاعة وتحتوي «سيقانها» على عصارة سائلة لبنية مفيدة لتسهيل إفراز الصفراء، كما تساعد في الهضم وتستخدم بأوراقها أيضاً كمدر للبول، وتهيّج الكبد وتهدئ العطش لدى مرضى السكري، دون أن تسبّب لهم التعرق الثانوي.
أما عن كيفية استخدامها، فيمكن استهلاكها قبل الوجبات، كـ«سلطة»، لما لها من تأثير كمدرّ البول وكمعالج للإمساك، أو استهلاكها شراباً، كمليّن ومسهّل لعمل الجهاز الهضمي، على أن يؤخذ بمقدار ملعقتين إلى أربع في الصباح.

اللافندر (الخزامى)

له خصائص مهدئة ومفيدة لعلاج الأرق أو التهيج، وهي البلسم للصداع والدوخة، والمساعد في عملية الهضم ومحارب المغص.
أما عن استخدامات اللافندر، فيمكن استخدام عصارة جذوعه كمهدئ للاحتقان الرئوي أو الالتهاب الرئوي. أو يمكن «نقع» 100 غرام من زهوره في أي مادة كحولية (500 غرام) لمدة شهر، واستخدامها لعلاج التهاب الشعب الهوائية والعصبية ومطهّر للجروح.
هذه عينة من النباتات الربيعية التي لا إحصاء لفوائدها الطبية. ولكن، مع ذلك قد تخسر فوائدها الغنية إذا لم تراع جملة من الشروط، منها مثلاً جمعها في بداية نضارتها، أي قبل مرحلة الإزهار الكامل، إذ أنها تكون في ذروة نموّها، إضافة إلى الحرص على قطفها في الطقس الجاف والمشمس، وليس في الطقس الرطب.
ويمكن الحديث هنا عن مراحل زمنية للقطف وفقاً للجزء المستخدم من النبتة: منها ما يسمى بالربيع المبكر لقطف البراعم، وخلال الفصل لقطف الجذور و«السيقان». هذا ما يتعلق بالمواسم الربيعية. أما المواسم الشتوية، فتقسم ما بين أوائل الشتاء لقطف الجذور ونهايته لقطف الزهور أو ما يطلق عليه بالعامية «الطربون». ويبقى للخريف، قطف «البصل».
أما عن كيفية التخزين، فيفترض القيام بذلك بعد جفافها مباشرة منعاً لتخمّرها، على أنه لا يجري شطف النباتات في المياه إلا لتنظيف جذورها. وعلى عكس ما قد يعتقد البعض، فالتجفيف لا يكون تحت أشعة الشمس، وإنما في الظل في منطقة جيدة التهوية وبعيداً عن الغبار، ومن ثم تخزينها في حاويات نظيفة عديمة الرائحة (علب الحديد أو أكياس الورق والحجر الرملي أو الزجاج الجرار)، مع الحرص على وضعها في غرفة جيدة التهوئة ومظلمة.
ملاحظة أخيرة لربّة المنزل التي تهتم بهذه المواسم: احرصي على استخدام الوعاء نفسه لأعشابك الطبية حتى لا تختلط النكهات، وأن لا تبقي على الموسم مخزناً أكثر من عام.