هل سمعتم بحالة "مقدمات السكّر"؟ حالة "ما قبل السكري"؟ ربما، لم يخطر هذا المصطلح على بال الكثيرين، فجلّ ما يعرفه الناس العاديون هو مرض السكري. لكن، ما لا يجب أن يغفل عن بال هؤلاء أن تلك الحالة تؤسس للإصابة بمرض السكري المزمن، على الأقل لدى 30% من المصابين بها. هذا ما بينته الرابطة الأميركية للسكري (ADA). لكن، ما هي علامات تلك الحالة؟ وكيف يجري تشخيصها؟ وكيف يمكن الوقاية منها؟ وهل يمكن اعتبارها مقدمة حتمية للإصابة بمرض السكر؟
أسئلة كثيرة سيحاول هذا التقرير الإجابة عنها قدر الإمكان، على الأقل في سبيل التوعية على أهمية حالة قد تتحول في لحظة إهمال إلى مرضٍ يقتل بصمت.

■ ما هي علامات ما قبل السكري؟
لا تظهر علامات ما قبل السكري بشكلٍ واضح، ولكن يمكن الإحساس بها عندما يشعر المرء بأعراض اضطراب مستوى السكّر في الدم. فهذه الحالة هي عبارة عن مجموعة من الاضطرابات في مستويات "الجلوكوز" في الجسم، والتي قد تحدث قبل سنواتٍ ــ تقدّر بخمس ــ من تطور مرض السكري من النوع الثاني. وهو النوع الذي يمكن الوقاية منه، على عكس النوع الأول.

■ كيف يتم التشخيص؟
يجري تشخيص تلك الحالة عن طريق فحص الدم لقياس السكر في الدم، عقب ثماني ساعاتٍ من الصوم. ويمكن هنا الحديث عن اختبارين: اختبار تحمّل الجلوكوز واختبار خضاب الدم السكري، أو ما يُعرف بـ"الهيموغلوبين الجلوكوزيلاتي". في الاختبار الأول، يطلب عادة من المريض أن يشرب 75 غراماً من الجلوكوز، على أن يجري بعد نحو ساعتين فحص مستوى السكر في الدم. وإذا ما جاءت النتيجة ما بين 140 إلى 200 ملغ/ دسيليتر، فهذا إنذار بحالة "عدم تحمل الجلوكوز"، والتي تعتبر حكماً حالة ما قبل السكري. أما الاختبار الثاني، والذي جرى إدخاله أخيراً في تلك الفحوص، فيقوم على اختبار خضاب الدم السكري كوسيلة تشخيصية تقاس بالنسبة المئوية، بحيث تعتبر القيمة الأعلى من 5.7% على أنها حالة ما قبل السكري.

■ ماذا بعد مرحلة "ما قبل السكر"؟
إذا استمرت الاضطرابات في عملية تمثيل السكر غذائياً، فمن الطبيعى أن يبلغ الأمر مداه وتبدأ أعراض مرض السكري في الظهور. أما إذا تنبه الإنسان في تلك المرحلة التى تنذر بالخطر، فإن احتمالات تفادى الإصابة بمرض السكري واردة وبقوة. وهنا، تكمن ضرورة مضاعفة لاكتشاف تلك الحالات في الوقت المناسب، خوفاً من الإصابة بالمرض ومضاعفاته التي تشمل أعضاء كثيرة في الجسم؛ منها تضرر العينين والكليتين والأطراف العصبية، وحتى أمراض القلب والأوعية الدموية.

■ ما المطلوب للمواجهة إذا؟
 أول خطوة يتعيّن القيام بها، هي ـ ببساطة ـ اجراء الفحوص اللازمة لمعرفة ما إذا ما كنت تعاني من علامات ما قبل السكري، وما اذا كان الخطر موجود أم لا. ووفقا لتوصيات الـ ADA، فمن الضروري بمكان إجراء اختبار الجلوكوز أثناء الصوم لكل شخص يتخطى الخامسة والأربعين من العمر مرة كل 3 سنوات، وخصوصاً أولئك الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بمرض السكري والسمنة والاصابة بسكري لبحمل لدى النساء.
أما الإجراءات الأخرى، فتكمن في اتباع نظام غذائي سليم والمحافظة على وزنٍ مثالي وممارسة التمارين الرياضية.
◄ هنا، أول ما يجب الانتباه إليه هو الوزن: هل وزن الإنسان يعد ملائما لطوله وعمره؟ فمحاولة إنقاص الوزن والحفاظ على وزن صحى مثالى هو أول ما يجب التفكير فيه.
◄ ممارسة التمارين الرياضية: توصى جمعية أطباء السكر الأمريكية بأن يبذل الإنسان جهداً بدنيا متوسط القوة مثل المشى والهرولة والسباحة وركوب الدراجات بما لا يقل عن 150 دقيقة اسبوعياً على فترات متقطعة ثلاث أو أربع مرات أسبوعيا. هذه النسبة كافية لأن تحافظ على ليونة العضلات وسلاستها إلى جانب دعمها لعملية التخلص من الوزن الزائد وتنشيط الدورة الدموية، إضافة إلى أثرها على تنظيم نسبة السكر بين الدم وخلايا الجسم وأنسجته.
◄ الاهتمام بتوازن الغذاء أمر يفوق أهمية اللجوء للأدوية فى تلك المرحلة. وهنا، ينصح بالتنويع من تناول الخضروات الطازجة إلى الفاكهة الغنية بالألياف والفيتامينات قليلة السكر مثل الإجاص والتفاح، مع الابتعاد قدر الامكان عن تلك الغنية بالسكر مثل المشمش والخوخ والمانغو. اما بالنسبة الى المأكولات، فينصح بتناول السمك والدجاج عوضا عن اللحوم الحمراء الدسمة واختيار منتجات الألبان قليلة الدسم واللبن الذى لا تتعدى فيه الدهون نسبة 1% كحد أقصى.
◄ البدء فى تناول أدوية تساعد على تراجع نسبة السكر فى الدم أمر وارد، وقد يلجأ إليه الطبيب فى تلك المرحلة خصوصاً لمن لديهم تاريخ عائلى وراثى للسكر.

* للمشاركة في صفحة «صحة» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]