في فيلم «أزواج وزوجات» لوودي آلن عن العلاقات الزوجية المترنحة، تقول الممثلة جودي دايڤس الخارجة للتو من انفصال زوجي ـ لصديقها «أنتم الرجال الملاعين، عندما تتخطى المرأة عُمراً معيّناً، تصبح اللعبة مختلفة، وعندها ترغبون بفتاة جديدة أكثر شباباً».
إذا صحّ القول إن الرجال يرغبون بالمرأة الشابة ويلهثون خلفها، فهل يجوز الاستنتاج أن النساء يسعين للحفاظ على شبابهن لإبقاء الرجل وحماية الزواج؟ وماذا عن العازبات اللواتي «يُجمّلن» شكلهن ما استطعن الى ذلك سبيلاً؟ شرح تشارلز داروين صاحب نظرية النشوء والارتقاء عن عملية الإغواء والتلاقي بين الذكور والإناث، حيث ينشغل الذكر بالتنافس مع ذكور آخرين بالقوة الجسدية (العقلية؟) أو الطيران أو الرقص أو التلون أمام الأنثى لتختار. على هذا النحو، تتنافس الذكور وتختار الأنثى، لكن المسألة تتطور وتتخذ أبعاداً جديدة، حين تتنافس النساء ليتم اختيار إحداهن (أو أكثر من قبل الرجل).
هل تُشكل عمليات التجميل واحدة من أدوات التنافس النسوي للفوز بالرجل؟ دراسات عديدة حاولت فهم أسباب لجوء المرأة للمبضع التجميلي وركزّت على الأسباب الاجتماعية والنفسية والصحية الى جانب مدى شعور المرأة بالثقة بالنفس والرضى عن أمور حياتها. أبحاث أخرى كشفت أن شكل الجسم (بحسب ما تصوره الميديا) وإدراك نوعية الحياة كانا أقوى محددين للجوء المرأة لعمليات التجميل. يقول أحد أهم أطباء التجميل: "يخضع الناس لعمليات التجميل لا لإبهار الغير إنما لإبهار أنفسهم واستعادة ثقتهم بحالهم".  
هل تخضع المرأة هنا لمحاولة الميديا ربط الجمال أو التناغم الجسدي الخارجي بالثقة بالنفس وبرفع حظوظ الخيارات الزوجية التي تزداد ضيقاً وخاصة في لبنان؟ ولماذا تخضع المرأة لهذه المحاولة وهي نفسها التي تُطرب لأغاني الحب وقصائد الغزل عن الغرام وجمال الروح والبساطة لا عن الشفاه البلاستيكية أو الأنوف اللوزية. إذا كانت المسألة ثقة بالنفس، فهل تكون استعادتها بالمبضع أم بكرسي المعالج النفسي أم بحب الشريك أو الصديق أو باحتضان العائلة؟
يضيق سوق الزواج في لبنان ويزيد معه سوق عمليات التجميل، ويدخل الناس في لعبة الإغواء والانجذاب بما يتعدى خاتم الخطوبة ومحبس الزواج. تغير هذه اللعبة قواعد التنافس والتلاقي أقله بين الإناث والذكور لما هو أكثر تعقيداً يتعلق بسعي المرأة الدائم لصيانة جمالها وشبابها لتبقى في دائرة التنافس أو في البيت الزوجي. 
في أربعينيات وخمسينيات العمر يأتي من يقول للمرأة إن التجاعيد تغزو وجهها وإن آثار التعب بادية عليها. لا يمدحونها على إنجازاتها في عملها وأسرتها وأولادها، ولا يقولون للرجل حرفاً واحداً عن تجاعيده طالما يجني ويصرف. قد تهرع بعض النساء لعمليات التجميل في مهمة شاقة وغير مضمونة للحفاظ على جاذبيتها وزواجها. لا يبدو واضحاً إذا كان خضوع المرأة لتلك العمليات وبرضى زوجها، رغبة منه بالاندماج الاجتماعي أو إرضاءً لرغبات زوجته تحت ضغوطات الميديا. 
يتهامس الناس في لبنان ويضحكون سراً وعلانية على أنوف وشفاه ووجنات وأثداء وأرداف بعض اللبنانيات. يتداولون ما يتناقله البعض عن تعثر الزيجات في لبنان وعن أرقام تشي بوجود خمس أو ست أو سبع نساء لكل رجل واحد (لهذا النقاش بحث آخر)، وأن هذا ما يجعلهنّ يرتمين تحت المبضع. هنا يشترك الجميع في صنع الضحايا وفي الإمعان في دفع لعبة الغواية إلى متاهات خطيرة. أشارت دراسة حديثة إلى دور التدين والتربية الأسرية النوعية في حماية الأفراد من الخضوع لعمليات تجميل دون حاجة ضرورية.
غني عن القول أن هناك حاجات جادة ومقنعة وعلمية للقيام بما هو قرار مستقل وشخصي لكل امرأة ولكل شخص في ما يتعلق بعمليات التجميل. هناك عمليات مميزة لإنقاذ الأفراد واسترجاع قدراتهم وأدائهم وثقتهم بأنفسهم وهذا مطلوب وضروري. تصبح المسألة إشكالية إذا ما قامت الاعتبارات النفسية والاجتماعية ليس على ما نحن فيه، بل على ما يُراد للناس أن يكونوا عليه. هنا أيضاً وأيضاً كما في السياسة كذلك في التجميل والترميم والغواية: خضوع وأدلجة بما تشتهي السوق وآليات الاستهلاك.
تصف ايلفيريد جيلينيك الحائزة نوبل للآداب العلاقة بين الرجل والمرأة بالعلاقة الهيغيلية بين السيد والعبد. تقول ما معناه أن طالما الرجل قادر على زيادة قيمته الجنسية من خلال العمل والشهرة والثروة، بينما تقتصر قوة النساء فقط على أجسادهنّ، وجمالهنّ، وشبابهن، فلا أمل في أن يتغير شيء. يفضي ذلك الطرح المهم إلى تكريس غوايات لا تنتهي تجعل الرجل "يطارد" المرأة الشابة والجميلة، وتحاول المرأة "إغواء" الرجل صاحب المال والسلطة والجاه.
* اختصاصي جراحة نسائية
وتوليد وصحّة جنسية