العناية التلطيفية هي مقاربة طبية تهدف الى مساعدة الذين يعانون من أمراض مستعصية أو مهدّدة للحياة، ومساعدة أسرهم أيضاً. وتركّز هذه المقاربة على تخفيف معاناة المريض، قدر الإمكان، بواسطة التشخيص المبكر والمعاينة الدقيقة والمتابعة الدؤوبة ومعالجة الأوجاع أو أية مشاكل أخرى طارئة، جسدية كانت أم نفسية أم اجتماعية، وصولاً إلى تحسين نوعية حياة المريض ودعم أسرته.
وانطلاقاً من الإيمان بأنه يتوجب توفير أفضل نوعية ممكنة من العيش، طالما أنّ المريض على قيد الحياة، فالعناية التلطيفية تُعنى باحترام رغباته ومراعاة قيمه ومعتقداته والعمل على مساندة بقائه في أحسن حال ممكن ولأطول مدة متاحة. ويكون ذلك مشروطاً بعدم المساس بكرامته الإنسانية وبحقه في تقرير مصيره. وفي هذا السياق، تحرص العناية التلطيفية على التخفيف من حدّة الألم والخوف ووحشة الوحدة. وعند وصول الأجل، يعمل موفرو العناية التلطيفية على مساندة المريض في آخر لحظاته.
هذا في المبدأ، أما في الواقع، فلا يزال لبنان والبلدان المجاورة له يعانون من نقص في إمكانية تقديم العناية التلطيفية لمن يحتاجها، فعدد الهيئات والمنظمات التي تقدم هذه العناية الطبية قليل جداً. ومن خلال الإحصاءات التي أجريناها في هذا الإطار، تبيّن بأن ما يقارب 1500 حالة سنوياً لم تستحصل على هذه العناية التي من شأنها إزالة الألم أو التخفيف منه وتحسين "نوعية" نهاية حياة هؤلاء ومساندة المهتمين بهم في هذه الفترة الحرجة، والتي قد يصعب عليهم فيها اتّخاذ القرارات الأنسب لمريضهم ولهم.
وإلى جانب قلة توافر العناية التلطيفية في بلادنا، قد يحرم المريض من هذه العناية بسبب اعتقاد بعض الأطباء أنها خيار لا يؤخذ به إلا في حال عدم توافر خيارات علاجية أخرى. وتجدر الإشارة هنا إلى أنها لا تستهدف فقط أصحاب الأمراض السرطانية أو كبار السن ـ وإن كانت الأولوية تمنح لهم ـ وإنما تشمل أيضاً الذين يعانون من أمراض مزمنة، على سبيل المثال مرضى الانسداد الرئوي المزمن أو الأمراض العصبية، سواء أكانوا من الأطفال أو من المتقدمين في السن.
وفي هذا الإطار، سُجِل على مدى السنوات العشر الماضية تقدّماً ملحوظاً، في مجال تلك العناية في لبنان، وإن كان غير كافٍ. ولكن، يُحسب لهذا البلد أن العناية التلطيفية باتت اختصاصاً طبياً معترفاً به رسمياً، في أيار من عام 2011، كما تأسست جمعيتان غير حكوميتين لتقديم هذا النوع من العناية لمن يحتاجها. مع ذلك، لا تزال بلادنا تفتقر إلى جهد منظم لزيادة الوعي الاجتماعي في ما يخص تلك العناية. ولعلّ زيادة نشاط المجموعات العاملة في هذا المجال في بلد صغير مثل لبنان، وإقامة الحوارات حول الاهتمام بمن يعانون من أمراض مستعصية، وخيارات نهاية الحياة يغير الوضع. وهو ما يلمسه العاملون في هذا الإطار، ولو بشكلٍ طفيف.
"بلسم"
المركز اللبناني للعناية التلطيفية