يُعتبر الوقت الذي ينام فيه الطفل ذهبيّاً بالنّسبة الى الأم، ومن هذا المنطلق، تحاول الكثير من الأمهات تمديد هذه المدّة قدر المستطاع، بالوسائل الطبيعيّة كـ"الهزهزة" والدندنة، وغير الطبيعيّة كالأدوية، منها مثلاً "بيبيكال"، (bebecal)، الدواء المهدئ للأطفال. وهنا يكمن بيت القصيد.
"أنا كنت استعمل البيبيال لما كون بدّي اضهر وخلّي ابني مع بيّو"، تقول إحدى الأمهات. وقبل أن يأتيها السؤال عما إذا كان يتسبب هذا الدواء بأية عوارض لطفلها، تؤكد أن ليس له عوارض جانبية، وأن طفلها نشيط جدّاً في الأيام العاديّة. تتجاهل الأم "المشخّصاتيّة" كل الإرشادات والتحذيرات التي يطلقها أطباء الأطفال لجهة الاستخدام العشوائي لهذه الأدوية، وتعتبر بأن أجيالاً مبدعة وناجحة تربّت على أدوية "البيبيكال". إلّا أن الطب لا يوافق على هذه الرؤية الشائعة للأدوية المهدئة والمنوّمة للأطفال، وأشهرها في لبنان هذا الدواء: البيبيكال، المحلّي الصّنع. يتكوّن البيبيكال بشكل أساسي من مادة ديفانهيدرامين (Diphenhydramine HCI) والكلورالهيدرايتChloral hydrate) والبيلادونا تينكتور(Belladonna Tincture)، وهي مواد مخدّرة وتُستخدم في غرف العمليات وإن في نسب متفاوتة.

يعمل البيبيكال على تخدير الطفل وتهدئة الجهاز العصبي لديه، لا مساعدته على النّوم بشكل مباشر
من هنا، يوضح الأطباء بأن هذا الدّواء لا يجب أن يُعطى إلا بوصفة طبّية وعند الضرورة، ويجب أن يتنبّه الأهل إلى أنّه ليس دواء يُمكن الاستسهال في وصفه للطّفل. فالديفانهيدرامين والكلورالهيدرايت هما مادّتان تدخلان إلى الكبد وتتفاعلان مع مواد أخرى لتُدخل الطفل في حالة تشبه السّكر، لذا فإن البيبيكال يعمل على تخدير الطّفل وتهدئة الجهاز العصبي لديه، لا على مساعدته على النّوم بشكل مباشر. وقد لا تبدو هذه الآثار سيئة للوهلة الأولى، إلّا أن استعمال هذه الأدوية بشكل مستمر وعشوائي قد يؤدّي إلى تأذّي الكبد والقلب والكلى بشكل مباشر، ناهيك عن أن هذه الأدوية المهدّئة تدخل في خانة المخدّرات الطبّية والتي يمكن أن يدُمن عليها الطفل. وحين يعتاد الطّفل على حالته التي تشبه السكران، فإن قدراته الجسديّة قد لا تنمو بالشّكل المطلوب، وهو حتماً يعيق قدراته العقلية والاستيعابية بشكل أو بآخر.
من ناحية أخرى، يزيد البيبيكال، وأدوية الأطفال المهدّئة الأخرى، من احتمال أن يكون لدى الطّفل طاقة بدنيّة مفرطة ونشاط غير عادي، نتيجة لتأثير هذه الأدوية السّلبي على الجهاز العصبي للطفل. من هنا، فإن الأطفال الذين اعتادوا على تناول هذه الأدوية هم أكثر عرضة من غيرهم لأن يكوّنوا مشاكل في الجهاز العصبي عند الكبر.
وتستخدم الكثير من الأمهات البيبيكال كعلاج للمغص، إلّا أن أطباء الأطفال يؤكّدون بأن هناك أدوية أطفال أخرى لمشكلة المغص لا يدخل فيها مواد مهدّئة. كما كان شائعاً استخدام هذه الأدوية لتهدئة الطّفل كثير البكاء والنّق، إلّا أنّ الأطباء يشرحون بأن البكاء هو وسيلة الطفل الوحيدة للتّعبير. فالطفّل يبكي في حال الجوع أو النّعس أو حين يكون حفاضه ممتلئاً أو حين يشعر بالمغص بالدّرجة الأولى أو حين يكون بحاجة إلى حضن أمّه ليشعر بالطمأنينة والأمان، وفي هذه الحالات لا يكون الحلّ بتخدير الطّفل بل بتلبية حاجاته. أمّا إذا كان البكاء لأسباب أخرى فيتوجّب على الأهل معرفة المشكلة، والتي قد تكون مرضيّة وتستدعي العلاج لا التّخدير. أمّا حين ترغب الأم في التّخلّص من الطفل وبكائه، فهنا يجب معالجة المشكلة عند الأم لا الطّفل.
إلّا أن البيبيكال قد يكون ضروريّاً في بعض الأحيان. تقول إحدى طبيبات الأطفال إنها قد تعطي الطفل جرعة حين تحتاج إلى أن تجري له صورة إشعاعية يجب أن يكون الطفل هادئاً فيها على سبيل المثال. أم محمد، مثالٌ آخر، قالت بأنّها اضطرّت إلى إعطاء طفلها البيبيكال لمدّة يومين بوصفة طبيب حين كسر طفلها كتفه ليرتاح من الوجع قليلاً. من هنا، يشدّد الأطباء على أن الدّواء يجب أن يوصف بشكل منظّم ومحدود وفي الحالات الضروريّة فقط، وأن تمنع وزارة الصّحة صرفه من دون وصفة طبيب مختص.