علي محمدانقضى أكثر من 10 أشهر على صدور قرار قضائي بإعادة موظّف إلى منصبه الذي نحّاه عنه مجلس الوزراء، من دون أن تنفّذ الحكومة القرار القضائي. ولا يزال الموظف يتقاضى راتبه الشهري، رغم عدم ممارسته لأيّ عمل في القطاع العام، منذ أن وضعه مجلس الوزراء عام 2006 بتصرّف رئيس الحكومة.
القضية تعود إلى عام 2006، عندما أصدر مجلس الوزراء قراراً بإعفاء المدير العام لوزارة الزراعة لويس لحود من مهماته ووضعه بتصرف رئيس الحكومة. وعلى الأثر طعن المدير العام للوزارة بالقرار أمام مجلس شورى الدولة الذي أصدر قراراً في تشرين الثاني 2007 أبطل فيه مرسوم مجلس الوزراء، معتبراً أنه «غاية مشروعة لإحقاق هدف غير مشروع»، وأنه «اتخذ بنيّة زجرية».
«التدابير الإصلاحية» التي اتخذتها الحكومة عام 2006 طالت 19 موظفاً من الفئة الأولى، نال خمسة منهم أحكاماً قضائية تبطل مراسيم الإعفاء وتعيدهم إلى وظائفهم، من دون أن تنفّذ الحكومة القرارات القضائية حتى اليوم.
وإضافة إلى هؤلاء، كان مجلس الوزراء قد أعفى عام 1999 المدير العام لوزارة الإعلام محمد عبيد من الخدمة. وبعد 3 سنوات، قرر مجلس شورى الدولة، الغرفة التي يرأسها القاضي خالد قباني، إبطال المرسوم، وعاد ليصدر في عام 2004 قراراً ثانياً مبرماً يؤكد سابقه.
عبيد أوضح لـ«الأخبار» أنه يطالب فقط «برفع الظلم الذي وقع عليه، وأن تحترم الدولة القوانين». وأشار إلى أنه، بعدما أصبح القاضي خالد قباني وزيراً للعدل عام 2005، قصده عبيد مستفسراً، «فأجاب أنه سيدرس الوضع لأن الظرف السياسي لم يكن سانحاً لتنفيذهما».
القانون يلزم تنفيذ الأحكام
وفي اتصال مع «الأخبار»، أكد مرجع قضائي رفيع أن أحكام مجلس شورى الدولة «ملزمة لجميع الأطراف وواجب تنفيذها في مهل نصّ عليها القانون». ورأى أن الدولة «بإهمالها للحكم الصادر بحقّ المديرين العامين إنما تخالف القانون وتمسّ بهيبة القضاء، وللمتضرر الحق في رفع دعوى على الدولة والمطالبة بالتعويض وإعادتهم إلى مناصبهم». وأوضح المصدر أنه إذا كانت الدولة قد عيّنت أحداً في المنصب فيترتّب عليها أن تردّ المستدعي إلى منصبه القديم أو تعيينه في منصب مساوٍ.
وكان مكتب الإعلام في وزارة التنمية الإدارية قد أصدر يوم 4/9/2008 بياناً أعلن فيه أن الوزير إبراهيم شمس الدين باشر درس ملفّات موظّفي الفئة الأولى الموضوعين بالتصرّف، «من أجل تقديم اقتراح نهائي في مجلس الوزراء نهاية الشهر الجاري (أيلول الفائت)، إذ لا يجوز أبداً أن تبقى ملفات هؤلاء الناس معلّقة وحقهم القانوني أن يحسم وضعهم». ولفت البيان إلى أن الموظفين المعنيّين «يقبضون رواتبهم من دون أداء أيّ عمل، في الوقت الذي تعاني فيه الخزينة من ضغوط في موضوع زيادة الأجور من جهة، والشواغر العديدة في ملاك الإدارات والتي يبحث لها عن تعيينات». فهل ستحترم السلطة التنفيذية قرارات السلطة القضائية؟


بوجي: عدم التنفيذ يعرّض للمساءلة

أعفي المدير العام السابق للتنظيم المدني المهندس سعد خالد من مهماته بمرسوم صدر يوم 13/1/1999؛ إلا أن مجلس شورى الدولة أبطل المرسوم. وعندما طالب خالد بتنفيذ قرار مجلس الشورى، أعد المدير العام لرئاسة مجلس الوزراء القاضي سهيل بوجي دراسة يوم 20 كانون الثاني 2006، ورفعها إلى رئيس الحكومة ووزير الأشغال العامة والنقل، أورد فيها أن «للموظف الحق بالعودة إلى وظيفته الأساسية وإلغاء تعيين من خلفه فيها». ورأى بوجي أن عدم استجابة الإدارة إلى طلب المستدعي قد يعرّضها للمساءلة والتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي قد تلحق به». وذكّر بوجي بالمادة 93 من نظام مجلس شورى الدولة التي توجب على الشخص المعنوي «أن ينفذ في مهلة معقولة الأحكام المبرمة الصادرة عن مجلس شورى الدولة تحت طائلة المسؤولية. وإذا تأخر عن التنفيذ من دون سبب، يمكن بناءً على طلب المتضرر الحكم بإلزامه بدفع غرامة إكراهية يقدّرها مجلس شورى الدولة تبقى لغاية تنفيذ الحكم».