strong>ظن سكان رمل الظريف، يوم أمس، أن الحوادث التي طالت الجيش خلال الأيام الماضية قد انتقلت إلى منطقتهم، عندما تواترت معلومات عن مقتل عسكري وإصابة آخر في إطلاق النار، قبل أن تتحدّث المعلومات عن انتحار عسكري بعد قتله فتاة وجرحه زميلاً له
كمال شعيتو
شهدت منطقة الظريف، عصر أمس، جريمة أدّت إلى مقتل فتاة في السابعة عشرة من عمرها، وانتحار عسكري في الجيش يشتبه بقتله الفتاة لأسباب عاطفية، إضافة إلى جرح عسكري آخر من الجيش.
وحسب رواية أولى نقلها شاهد عيان يعمل مفتشاً في إحدى شركات التنظيفات، وأكّد صحّتها ضابط رفيع في الجيش، أنه عند الساعة الخامسة والنصف تقريباً، كانت الفتاة تجلس مع شاب يرتدي بزّة الجيش، في ظلّ شجرة تقع عند زاوية سجن بيروت المقابل لثانويّة رينيه معوض ـــ رمل الظريف. ومرّ بجانبهما عسكري آخر تبين أنه يخدم في فوج التدخل الثاني، في نقطة قريبة من المكان. وسرعان ما تطوّر الحديث بين العسكريين إلى أن حمل رفيق الفتاة مسدساً كان في حوزته وأطلق النار باتجاه العسكري المارّ، فأصابه في رجله، مما دفع الأخير إلى الهرب والاختباء خلف سيارة مجاورة. ثم توجّه مطلق النار نحو الفتاة، مطلقاً عليها عيارات عدّة كانت كافية لإردائها. حينها، هرب الجريح نحو الأحياء الداخلية، إلا أن مطلق النار أطلق عليه النار مجدداً من دون معرفة ما إذا كان قد أصابه مرة اخرى أم لا. بعد ذلك، صوّب مطلق النار المسدس إلى رأسه وقضى انتحاراً.
رواية ثانية تحدّثت عن أن الشاب الذي أطلق النار على نفسه، حضر إلى المنطقة، وقتل الفتاة التي أحبّ لأنها لم ترضَ به زوجاً لها. وعندما حضرت دورية من الجيش، أوقفته، دون تجريده من سلاحه. بعدها، سحب مسدسه مجدداً وأطلق النار باتجاه أحد أفراد الدورية، فأصابه في رجله، ثم وضعَ المسدس في فمه وضغط على الزناد واضعاً حداً لحياته.
رواية ثالثة قيلت عن الحادث، ولا تختلف عن الرواية الثانية سوى أن الجندي القتيل، أطلق النار على الفتاة للسبب المذكور، وعندما حاولت دورية من الجيش توقيفه، أطلق النار باتجاهها مصيباً أحد أفرادها في رجله، ثم انتحر.
واحتراماً للمؤسسة العسكرية وأفرادها وعائلات القتيلين والجريح، تتحفّظ «الأخبار» عن نشر أسماء العسكريين قبل صدور بيان رسمي عن مديرية التوجيه في الجيش.
وفيما عملت سيارتان للإسعاف الشعبي على نقل القتيلين إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، نقل أحد أبناء المنطقة العسكري الجريح على متن دراجته النارية إلى نقطة قريبة للجيش (قرب مركز جمعية التنمية في منطقة عائشة بكار) حيث تولى زملاؤه نقله إلى المستشفى العسكري.
شهود عيان من سكان المحلة قالوا لـ«الأخبار» إنهم سمعوا صوت إطلاق نار، فتوجّهوا نحو مصدر الصوت ليجدوا أن شخصين، عسكرياً وفتاة، ملقيان على الأرض فجرى الاتصال بالإسعاف التي عملت على نقلهما إلى المستشفى. شاهد آخر يقول إنه سمع إطلاق الرصاص فتوجه نحو المكان برفقة عدد من الشبان ليجد الشاب والفتاة مرديين على الأرض، وما إن اقترب أحدهم ليفحص ما إذا كانا قد فارقا الحياة، حتى صاح: «مفخخة مفخخة»، فلاذ الجميع بالهرب لكن البعض بقي في المكان وتأكد من أن الاثنين قد قضيا.
إثر الحادثة حضرت دورية من الجيش وطوّقت المكان. ومع حضور سيارتي الإسعاف جرى نقل القتيلين إلى المستشفى. واجتمع عشرات الأشخاص في المكان من دون أن تقوم الدورية بإبعاد الناس، بل اكتفت برسم دوائر بالطبشور حول مكان وجود المظروفات العائدة لطلقات المسدس المستخدم في الجريمة. وقد توافد إلى المكان عدد كبير من أفراد الأجهزة الأمنية المختلفة، حيث تداخلت الأدوار وكان عدد كبير من رجال الأمن يدوّنون ملاحظاتهم من مصادر مختلفة (عامل التنظيفات، أبناء المحلة، وسائل إعلام...).
وخلال ذلك، لم يكترث أحد من أفراد الأجهزة المتنوعة لمسرح الجريمة، بل اكتفت العناصر المولجة «حماية» مسرح الجريمة بالنظر إلى بقع الدماء الموجودة على الأرض، بينما كانت بعض الأدلّة المطوّقة بالطبشور تحت أقدام رجال الأمن والفضوليين الذين اجتمعوا في المكان.
الحادثة التي وقعت أمس تعيد إلى الواجهة قضية انضباط العسكريين وانتشار الأسلحة الفردية بين أيدي المواطنين، مدنيين وعسكريين (لا يُسمَح لرجال الجيش بحمل مسدسات من دون ترخيص صادر عن رئيسه المباشر)، وهي الأسلحة التي تُستخدم للقتل والسلب والتهديد، من دون أن تتحرك أي سلطة رسمية لوضع خطط تهدف إلى التخفيف من أعدادها، بل تجري دوماً الإشارة إليها كأمر واقع لا يمكن الهروب منه، أو لتبرير وجود السلاح «مع الجميع»، تحت خانة «ما في بيت من دون قطعة سلاح».