صور ــ عـلي عطويوينهض عن كرسيه ليستعرض بعض المعدّات التي ما زالَ محافظاً عليها، بالرغم من التطوّر الحاصل في مجال معدّات الخياطة، ويشرح قائلاً: «هذه المكواة تعمَل على الفحم وعمرها يناهز ستين عاماً، حيثُ تزن 10 كلغ وتتسع لنصف كلغ من الفحم، وتُحافظ على حرارتها لمدّة ساعتين، وما زلت أستعملها حتّى اليوم في ظلّ الانقطاع المستمرّ للتيّار الكهربائي».
ويشير بإصبعه إلى خزانة متينة، ويقول: «هذه الخزانة يبلغ عمرها 125 عاماً، حيثُ توالى على امتلاكها أكثر من خيّاط إلى أن انتهى بها الأمر هنا. وماكينة الخياطة هذه يقارب عمرها خمسين عاماً، وقد اشتريتها آنذاك بـ600 ليرة وما زالت تفي بأغراض العمَل، ولا أفكّر في التخلّي عنها، لأن في ذلك تخلّياً عن الماضي الجميل، الذي يعبَق بذكريات جميلة انقضت ولن تعود من جديد».
يختص أبو مروان بتفصيل البزات الرجالية أساساً، وهو يبرع كثيراً في هذا المجال، وله زبائن يقصدونه من كل الأنحاء.
وفي هذا الإطار، يشرَع في ذكر بعض الأسماء لشخصيّات شهيرة وبارزة، ويفخَر بأنّه ما زالَ حاضراً بقوّة في أذهان زبائنه، «في ظل ظهور المصانع الضخمة التي تضخّ إنتاجها بغزارة، لكنّ التحدّي يكمن في النوعيّة لا في الكميّات الكبيرة».
وعلى الرغم من الإلحاح المتواصل لأولاده الخمسة وتمنيّاتهم الدائمة عليه بالانصراف عن هذه المهنة والاستراحة من تعبه الطويل، يُعاند أبو مروان بالبقاء خلفَ ماكينته التي تلهمه الشغف بهذه الحرفة، وهو لم يتركها يوماً كما يقول: «حتّى في أيّام العطل آتي لأتفقّد المحلّ ومعدّاته، التي لن استبدلها بكنوز الأرض مهما طالَ عمرها وساءت حالتها».