طارق ترشيشييحاول فريق الموالاة أن يعوّض ما خسره سياسياً نتيجة أحداث الأسبوعين الماضيين، ولا يجد غير باب سلاح حزب الله للوصول إلى هذا الهدف، من دون أن يلتفت إلى أسباب ذلك الانهيار الذي حلّ به على مرأى الإدارة الأميركية الداعمة له، والتي لم تجد غير التصريحات سبيلاً لشدّ أزره وتمكينه من استعادة توازنه أو وزنه الذي فقده.
ويقول سياسي معارض إن ما يدور في أروقة مقر الحوار الوطني في الدوحة من تحركات لفريق الموالاة لترميم وضعه عبر محاولة تحقيق إنجاز ما في ما يتعلق بالسلاح، إنما غايته تحويل الأنظار عن الخسارة التي مني بها هذا الفريق، وبالتالي الحصول على مكسب ما لتهدئة شارعه الذي فوجئ بالانهيار السريع الذي أصابه ميدانياً وعلى المستوى السياسي، مما جعل الكفّة مترجّحة لمصلحة فريق المعارضة.
ولا يفصل هذا السياسي المعارض ما أصاب فريق الموالاة عمّا آلت إليه حال الإدارة الأميركية التي تعيش أشهرها الأخيرة، ويقول إن هذه الإدارة تعاني حالياً من مأزق نفاد الوقت الباقي لديها لإحراز بعض النتائج الإيجابية لمشاريعها الإقليمية المباشرة وغير المباشرة، أو محاولة الانسحاب اللائق من بعض الملفات بأقل الخسائر، من جهة، ومن جهة أخرى من قساوة الضربات التي تتعرض لها مباشرة ميدانياً في العراق وسياسياً في لبنان وفلسطين، حيث إن حلفاءها أظهروا مرة تلو الأخرى ضعفهم الأقصى لا في تمرير مشروع هذه الإدارة، بل في حماية أنفسهم، حيث تبيّن أن السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة البقاء في السلطة وعدم إمكان الصمود أمام حركة «حماس» وحتى أمام الرأي العام الفلسطيني في الضفة الغربية خصوصاً».
ويقول السياسي المعارض نفسه إن «الصفعة القاسية بمستوياتها السياسية والأمنية التي تلقّتها الإدارة الأميركية في الأسبوعين الماضيين كانت على الساحة اللبنانية حيث استطاعت المعارضة ضمن «عملية جراحية موضعية» استئصال الحد الأكبر من الهيكلية الأمنية المخابراتية الأميركية والإسرائيلية التي اضطرت إلى الانسحاب عبر الجسر الجوي للطوافات العسكرية الأميركية من مقر السفارة في عوكر في اتجاه قبرص». أما الصفعة السياسية التي تلقّتها واشنطن فجاءت، في رأي السياسي المعارض، ذات وجهين:
ـــ «الأول بانهيار المنظومة السياسية الرسمية والحزبية الحليفة لها (قوى 14 آذار) في وقت قياسي أفقدها إمكان المبادرة أو فرض الشروط أو الإمساك بالسلطة والأرض.
ـــ والوجه الثاني هو انكشاف التعامل الأميركي مع حلفائه وفي شكل متكرر بأنه إذا خُيّر بين مصالحه وحماية هؤلاء الحلفاء فإنه يختار تقليل خسائره حتى لو كان الثمن التضحية بهم، وهذا ليس غريباً على الإدارة الأميركية جمهورية كانت أم ديموقراطية، وتجربة شاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي قبل ثلاثين عاماً ما تزال ماثلة، وكذلك تجربة صدام حسين قبل 5 سنوات.
والمثال الحي الآن هو لبنان حيث إن أكوام التصريحات والدعم الإعلامي الأميركي لم ينقذ فريق الموالاة من ورطته عندما وقف ضد شعبه وضد مقاومته ينفّذ عن قصد أو غير قصد ما عجزت عنه قوات «المارينز» والقوات المتعددة الجنسية عام 1982 وما عجزت عنه الآلة العسكرية الإسرائيلية المستمرة وكانت ذروتها حرب تموز 2006».
لكن المستغرب، يضيف المصدر نفسه، أن بعض أركان الموالاة الذين راهنوا في الثمانينيات من القرن الماضي على الدعم الإسرائيلي والأميركي هم أنفسهم الآن يكررون التجربة نفسها، والرهان الخاسر نفسه، حيث لم تغيّر أفعالهم الكارثية على المستوى المسيحي واللبناني وعلى المستوى الشخصي سجناً أو نفياً من أدائهم السياسي وهم يُلدغون من الجحر نفسه أكثر من مرة ويلدغون وطنهم أكثر من مرة أيضاً». ويقول السياسي المعارض أيضاً إنه «إذا كانت انتفاضة 6 شباط 1984، قد غيّرت المعادلة السياسية اللبنانية، فإن انتفاضة 7 أيار 2008، وبعدما قدم أصحابها ثمارها الإيجابية تنازلاً أمام الوطن بالتخلي عن ثمارها الميدانية فقد فَهِمَ فريق الموالاة ذلك الخطأ وما زال يناور مما سيدفع المعارضة إلى انتفاضة أكثر شمولية مع فارق أنها لن تتنازل حينها حفظاً للوطن عن ثمار الانتفاضة الإيجابية».
ويتوقع هذا السياسي أن تحمل الساعات المقبلة بين لحظاتها «إمّا عودة الفريق الموالي إلى واقعيته السياسية والميدانية ويقبل بالشراكة، وإمّا خسارة كل أحلامه، ولكن لن تهمش الطوائف التي ينتمي إليها، بل ستبرز قيادات فيها تمثلها في عملية صوغ النظام السياسي اللبناني على أساس مسلمات وثوابت وطنية هي العداء لإسرائيل وعدم تقسيم لبنان وصون وحدة الأرض والمؤسسات وتدمير رأس الجسر الذي حاول الأميركيون وحلفاؤهم بناءه على أرض المقاومة في لبنان».