وفاء عواد
هل بدأ الفرنسيون بانتهاج أسلوب الدبلوماسية الخفيّة، في تعاطيهم مع الملفّ اللبناني؟ هل في نيّتهم إطلاق مبادرة جديدة في إطار حلّ الأزمة القائمة في لبنان، بعدما بات تعثّر المبادرة العربية ينبئ بإعلان ورقة نعيها نهائياً؟ وماذا ينتظرون؟..
هذه الأسئلة لم تأتِ من عدم، بل اقتضاها ما قيل عنه إنه تأجيل طاول الاجتماع الذي كان مقرّراً عقده، أول من أمس، بين نائب مدير دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية لودفيك بويّ والسفير أندريه باران، من جهة، ورئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ومسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» نوّاف الموسوي، من جهة ثانية.
وبعيداً عن أسباب تأجيل الاجتماع الذي كان قد أعلن عنه مسبقاً، ولو لـ«دواعٍ أمنية» كما أوضحت المصادر الفرنسية، فقد علمت «الأخبار» أن اجتماعاً ثنائياً سيعقد بين المسؤول الفرنسي ومسؤول رفيع في «حزب الله» خلال اليومين الجاريين، وذلك في إطار تحرّك فرنسي جديد فسّره أحد المراقبين السياسيّين بأنه «يأتي تعبيراً عن المأزق الذي يعاني منه الفرنسيون في لبنان، تحت عنوان: الرغبة في التحرّك والخوف من الأميركيين من أي تحرّك. فإما أن تكون الإمرة للأميركيين، ما يحيل الدور الفرنسي الى مجرّد أداة تنفيذية، وإما أن يأتي التحرّك خارج الإرادة الأميركية، فيكون الفشل هو المصير الحتمي لأي مسعى».
ووفق قراءته، يلفت المراقب الى أن الفرنسيين «بدأوا، منذ أشهر قليلة، باعتماد أسلوب الدبلوماسية المستترة، «طاقية الإخفاء»: يعلنون شيئاً إرضاءً للآخرين، ويقومون بعمل ما تحقيقاً لرغباتهم»، وذلك تحقيقاً لمسألتين:
«عدم قطع الاتصالات مع سوريا، ولو من تحت الطاولة، ومعالجة مفاعيل السلوك الشيراكي السلبي جداً على الموقع الفرنسي في الجنوب اللبناني، سياسياً وعسكرياً، ولا سيما أن القوات الفرنسية العاملة في إطار اليونيفيل كانت تواجه صدّاً عنيفاً وصل الى حدود العزلة».
وعن إمكان إعلان مبادرة فرنسية جديدة في إطار حلّ الأزمة اللبنانية، يرى المراقب «استحالة» هذا الأمر قبل 6 آذار، موعد انتهاء اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرّر عقده في القاهرة، عازياً ذلك الى سببين: «هم يريدون مراقبة الحركة العربية في اتجاه قمّة دمشق، إضافة الى أنهم غير قادرين على تحمّل تداعيات أي فشل في هذا الخصوص، بعد المصير الذي لقيته مبادرتهم الأولى أواخر العام الفائت».
وفي انتظار أن تتّضح معالم السياسة الفرنسية المستجدّة، يذكّر المراقب بأن الدبلوماسيّة الخفيّة قائمة على عنصرين: إعلان مسبّق عن الحدث، ونفيه بعد حصوله «إذا كان خطر النفي أهون من خطر الإعلان»، وذلك «إثباتاً للدور، من جهة، وحمايةً للعمل من أخطار قد تطاله من قبل الآخر أو لعدم تحمّل مسؤولية هذا العمل، من جهة أخرى»، مقارباً هذه النظرية من زاوية الموقف الفرنسي الذي «أدرك أن من يربح في لبنان هو من يمتلك القدرة على التواصل مع فريقَي النزاع»، ولو جاء العمل وفق قاعدة «الخائف من عمله، أو الخائف عليه، لا يستطيع أن يحميه..
فيخفيه»!