strong>فاطمة طقو
فجأةً ولأول مرة منذ مساء 14 شباط 2005، غابت سوريا عن «القرار الظني» الرسمي لقيادات واجتماعات قوى 14 آذار، وحضرت مباشرة أو ضمناً في عدد محدود جداً من التصريحات الفردية. وفيما علت أصوات التهدئة والدعوات الى احتواء آثار جريمة اغتيال العميد الركن فرنسوا الحاج على «تنظيم الفراغ»، من قيادات وازنة في البلد، لفت «عزف منفرد» على التنطّح لـ«مسؤوليات مشتهاة» وإصرار أميركي ومحلي متفرق على عدم الغياب عن تحميل المسؤولية لـ«الآخرين».
فنائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، وبعد الإدانة و«تحديد» أهداف الجريمة والتعزية، دعا «النواب الى التوجه فوراً ومن دون تأخير الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية لمنع استمرار مسلسل الفراغ والتفريغ في المؤسسات الدستورية والديموقراطية وتحصين لبنان وشعبه في وجه الإرهاب والقتل والتدمير التي يستهدفه منذ 3 أعوام ويستهدف إخضاع إرادته الحرة وضرب مصالحه واستقراره وحريته».
وتناغم معه رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي وإن رفض «اتهام أحد معين» لأنه لا يملك «المعطيات»، كما لم يستطع «في هذه اللحظة تقدير ما إذا كانت الرسالة خارجية»، قال إن عملية الاغتيال «يجب أن تدفعنا جميعاً الى حزم أمرنا والإسراع الى المجلس النيابي لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية»، وأضاف عن «الطرف الآخر»: «إذا أرادوا «حشرنا» والاستمرار في التعطيل فسيرون تماماً أن وضعهم ليس كما يظنون».
ومن الوحي ذاته، أملت السفارة الأميركية «أن تحفّز هذه الجريمة النكراء أولئك، الذين وقفوا سداً في وجه قيام مؤسسات الدولة اللبنانية بوظيفتها كاملة، الى اتخاذ الإجراءات اللازمة حتى يتسنى لجميع هذه المؤسسات العمل لمصلحة الشعب اللبناني».
أمّا في الاتهام، فقد انفرد النائب جمال الجراح، باعتبار الجريمة «ترجمة فورية بالدم لتصريح فاروق الشرع، مستهدفة المؤسسة العسكرية التي أجمع جميع اللبنانيين على أنها الأمل الباقي لهم للخروج من النفق المظلم الذي أُدخلت اليه البلاد، لتفسر كلامه الواضح برسالة إرهابية، موجهة لمن أخذوا على عاتقهم حماية السلم الأهلي والاستقرار الوطني».
وفي الاتهام الضمني، وضع الوزير جو سركيس اغتيال الحاج «في سياق الجرائم التي ارتُكبت في لبنان منذ ثلاث سنوات». وبعدما تحدّث النائب السابق أسعد هرموش عن «محاولة الانقلاب على الدستور»، و«تعطيل عملية التوافق» عبر «المطالب التعجيزية» في تعديل الدستور، قال إن الجريمة تأتي «لتحكم التآمر على الدستور والجيش والأمن الوطنيين».
ومن السرايا، انطلق المفتي محمد علي الجوزو، من جريمة بعبدا ليرى أن «تعطيل الاستحقاق الرئاسي بعدم الوصول الى انتخاب رئيس جديد، هو جريمة أيضاً في حق هذا الشعب». وقال: «نحن أمام مرحلة خطيرة جداً، وإذا أرادت المعارضة أن تجرّنا الى دمار وخراب وضياع فنعم المعارضة تلك، إن المعارضة الديموقراطية تكون في داخل مجلس النواب وليس في الشارع والأرصفة، وليس في التهديد والوعيد وإثارة الحساسيات الطائفية والمذهبية».
وبينما دعا حزب الوطنيين الأحرار، الحكومة «إلى اتخاذ أقصى الإجراءات وصولاً إلى إعلان حال الطوارئ، للإمساك بحبل الأمن وضرب العابثين به ومن يقف وراءهم بيد من حديد». طالب حزب «السيادة الوطنية» بـ«تعليق المشانق بالصورة الفورية لردع المجرمين والخارجين على القوانين».
ووسط كل هؤلاء، لم يتجاوز عدد متهمي إسرائيل بالجريمة أصابع اليد الواحدة، منهم النائب السابق عدنان عرقجي ورئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري، والنائب مروان فارس الذي قال «إن أعداء لبنان هم الذين يوجّهون الاتهامات يمنة ويساراً، ولا شك أن المستفيد الوحيد من اغتيال العميد الحاج هو العدو الإسرائيلي، وبالطبع هذا العدو هو الذي يقف وراء كل الاغتيالات وكل الاعتداءات على جميع اللبنانيين». ودعا الحكومة الى تقديم استقالتها «أو، ما دامت تدعي أنها مسؤولة عن الأمن في لبنان، فعليها أن تتحمل النتائج».