أمال ناصر
جنبلاط لا يثق بالمحكمة الدولية ونسيب لحود على علاقة بسوريا وعطالله لا يمثل خط الشهيد

أكد رافي مادايان نجل الشهيد جورج حاوي «تورط جهات لبنانية كانت مقرّبة سابقاً» من رئيس الجمهورية إميل لحود في اغتيال والده، مشيراً الى أن «من غير المستبعد ان تكون الاستخبارات الأميركية والاسرائيلية هي من شطبت حاوي لأنها أرادت الاستمرار في حربها على سوريا»، مذكّراً بأن الشهيد «من حزب مقاوم شارك في القتال ضد العدو الاسرائيلي».
وكشف مادايان لـ«الأخبار» على هامش مؤتمر صحافي عقده أمس في فندق البريستول حمل فيه على قوى 14 آذار، أن حاوي طرح بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري «مبادرة بين القيادة السورية وقيادة ثورة الأرز لتسوية الخلاف على أساس تأجيل الانتخابات ريثما تتألف لجنة التحقيق الدولية، وتأليف حكومة وحدة وطنية، وتغيير رئيس الجمهورية»، مشيراً الى موافقة دمشق و«حزب الله» على ذلك «شرط ألا يكون الرئيس الجديد معادياً للمقاومة أو سوريا وقد طرح اسم جان عبيد ونسيب لحود قبل ان يبدل الأخير موقعه».
وكشف أن رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط عبّر له عن «عدم ثقته ببعض المسؤولين الأمنيين الموجودين اليوم في الأكثرية وبالمحقق الدولي السابق ديتليف ميليس، وشكوكه في إمكان توصل المحكمة الدولية الى نتائج لأن هذه المحاكم تطول مثل لوكربي، وان ميليس ما كان ليكتشف الحقيقة لولا سقوط جدار برلين». ورأى ان جنبلاط «ليس معادياً للمقاومة أو للنظام السوري من دون رجعة، لكنه يخشى من تسوية سعودية ــ مصرية ــ إيرانية ــ سورية تنعكس تسوية لبنانية، ولا سيما بين السنة والشيعة، على حساب موقعه، ما يعني خروجه من المعادلة السياسية». وأكد أن جنبلاط «طلب من (الأمين العام لحزب الله) السيد (حسن) نصر الله السنة الماضية التوسط لمصالحته مع دمشق»، لافتاً الى أن «سوريا هي التي دعمته منذ الطائف بمعزل عن حجم طائفته الصغير لتأدية دور كبير في الحياة السياسية اللبنانية».
وعن العلاقة مع حزب الله، قال: «علاقتي لم تنقطع بهم»، مذكّراً بكلام لحاوي مفاده «ان الإسلاميين الذين يقاتلون اسرائيل أقرب إليّ من الشيوعيين الذين لا يقاتلون اسرائيل، وإذا تعرض حزب الله لعدوان أميركي ــ إسرائيلي، فكلنا حزب الله ولن نقبل بأن تستهدف المقاومة وسلاحها من الموقع الأميركي ــ الإسرائيلي».
وكشف انه زار سوريا في 18 آب 2005 «للبحث عن الحقيقة، وأنا مستعد لزيارتها في أي وقت. وقد زوّدتني بأسماء ومعلومات عن ضلوع أطراف لبنانية في الاغتيال». وعن سبب تغيير موقفه أكد «إنني ما زلت مع السيادة والحرية والاستقلال، لكن حاوي مقاوم عربي ومعادٍ للمشاريع الأميركية في المنطقة، ولا يمكنه ان يكون مع المحور الأميركي ــ الاسرائيلي في مواجهة المحور السوري ــ الإيراني»، واصفاً قوى 14 آذار بأنها «حليفة أميركا وأنا لا أقبل المتاجرة بقضية والدي لحسابها».
وعن سبب استقالته من «حركة التجدد الديموقراطي»، قال: «خرجت من الحركة، بعد زيارتي سوريا، بناء على طلب من (النائب السابق) نسيب لحود لأنه اعتبرها تشويهاً لمعركته الرئاسية، فهو لديه حسابات رئاسية ضيقة». وتابع: «زيارة سوريا ليست تهمة، لكن اجتماع قوى 14 آذار بـ(وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا) رايس في السفارة الأميركية أثناء العدوان الاسرائيلي عار وفضيحة ترقى الى مستوى المشاركة في العدوان»، واصفاً وزيرة الشؤون الاجتماعية نائلة معوض بـ«روزا لوكسمبورغ الحكومة» والنائب الياس عطاالله بـ«تروتسكي» «كما يسميهما جنبلاط نفسه». وكشف ان النائب «لحود أرسل قبيل حرب تموز أحد أعضاء اللجنة التنفيذية في حركة التجدد الى سوريا لمقابلة اللواء محمد ناصيف، وهو يحتفظ بقنوات سرية مع أركان النظام السوري حتى اليوم».
وكان مادايان قد بدأ مؤتمره الصحافي في فندق «البريستول» «للتذكير بأنني كنت أحد الأعضاء الأول في لقاء البريستول»، تحت عنوان «من أجل تحرير قضية الشهيد جورج حاوي من الاستغلال السياسي وإذكاء الفتنة ومن أجل استعادة أحلام شباب انتفاضة الاستقلال من سلطة الوصاية الجديدة». وأعلن أن «هذا شهر الانتفاضة على الطغاة وانتصار الصوت على كاتمي الصوت»، و«لحظة المساءلة والمحاسبة والانتفاضة على فئة وطبقة سياسية (...) أجهضت أهداف الثورة الاستقلالية بلهاثها وراء المغانم والمواقع والكراسي (...) وانتقلت من التبعية للوصاية السورية الى التبعية للوصاية الأميركية حفاظاً على مصالحها».
وقال إن قراره بالكلام «اليوم لا يتأتى فقط من ثورتي على الفئة المتسلطة وفسادها واستغلالها دماء الشهداء، وإنما بسبب خطورة الأوضاع وإمكان الانزلاق نحو حرب أهلية وطائفية مستجدة»، مؤكداً أن «دم حاوي لا ينفصل عن حقيقته الفكرية والسياسية»، ولا يمكن أن يكون «أداة معركة في المحور الأميركي ــ السعودي ضد المحور السوري ــ الايراني»، معتبراً ان «من مفارقات الزمن الرديء استغلال استشهاده لأهداف سياسية لا تمتّ بهويته وجوهر نضاله (...) وخاتمة العهر السياسي أن الفئة الحاكمة نصّبت وكيلاً لليسار ولدماء اليساريين الشهداء منشقاً عن الحزب الشيوعي»، معرباً عن خشيته من «استغلال المحكمة الدولية من جانب الإدارة الأميركية في حروبها الشرق الأوسطية». ودعا الى «تأليف هيئة قضائية عربية منبثقة من جامعة الدول العربية وبرئاسة المملكة العربية السعودية للتنسيق مع السلطات اللبنانية ومجلس الأمن لمتابعة التحقيقات في جرائم الاغتيال، لعل ذلك يخفف من سلبيات التدخل الاميركي ولعبة مصالح الأمم». وتساءل: «لماذا ترفض الاستخبارات الاميركية واستخبارات دول أخرى تزويد لجنة التحقيق الدولية المعلومات اللازمة عن الاغتيالات؟».
وانتقد مستوى التعامل مع بيت الشهيد حاوي «من بعض الطبقة السياسية الحاكمة التي تدّعي الحرص على متابعة قضية الشهداء»، قائلاً «نشعر بأن شهيدنا هو شهيد من الدرجة الثانية». وتساءل عن «أسباب عدم حضور (نسيب) لحود مأتم والدي؟ لماذا تخلى عنا ويغلق الأبواب في وجه ابن شهيد 14 آذار وانتفاضة الاستقلال؟ ولماذا طلب من النائب سعد الحريري ان يعمم على نوابه إغلاق الأبواب في وجهي؟».
وعن علاقته بأطراف اليسار كـ«اليسار الديموقراطي»، قال مادايان: «ان النائب الياس عطاالله لا يمثل خط جورج حاوي ولا خط جبهة المقاومة الوطنية ضد إسرائيل»، مشيراً الى «ان قيادة الحزب الشيوعي اللبناني كفّت يده عن متابعة العمل المقاوم ضد الاحتلال الاسرائيلي لأسباب مسلكية»، لافتاً الى انه سيطلب من قادة جبهة المقاومة الرد عليه «حتى لا يعطي لنفسه أدواراً ليست له». وأعلن أنه سيكشف «قريباً أسماء بعض المرتبطين بأطراف السلطة الذين يخترقون بعض المعارضين الشيوعيين ويغرّرون بهم من أجل استخدام اسم جورج حاوي لأغراض تخدم السلطة والطبقة السياسية الفاسدة». ودعا الى «انتفاضة جديدة لإسقاط هذا النظام وتغييره جذرياً».
وعن العلاقة بالنائب جنبلاط، قال مادايان: «بالنسبة إلينا، الشهيد كمال جنبلاط ملهم، وتعلمنا طروحاته واشتراكيته الإنسانية، ووليد جنبلاط ابن كمال جنبلاط، الجبل جبل كمال جنبلاط العربي، ودفعنا دماً في الحزب الشيوعي حفاظاً على عروبة الجبل ودفاعاً عن وليد جنبلاط والمختارة، وسنبقى بجانب وليد جنبلاط من موقع مشروع الحركة الوطنية اللبنانية، ودفاعاً عن هذا المشروع، دفاعاً عن عروبة لبنان وضد استهدافه من اسرائيل».
وختم: «سنتابع مع وليد جنبلاط ونواصل الطريق في التيار الاستقلالي الوطني والعروبي، فنحن نعرف موقعه وتاريخه والتاريخ العريق للمختارة، ولا يمكن وليد جنبلاط ابن كمال جنبلاط موضوعياً وتاريخياً ان يكون ضد المقاومة، مشيراً الى انه سيطلق في 16 آذار المقبل، في الذكرى الثلاثين لاغتيال جنبلاط، «شبيبة جورج حاوي» «لأننا ننتمي الى هذا التاريخ».
واستغرب ما أشارت إليه صحيفة «لوفيغارو» عن تورط إيراني في اغتيال حاوي، متسائلاً: «لماذا تريد ايران اغتيال حاوي، علماً أن علاقاته مع إيران وسفارتها في لبنان كانت طيبة».




شقيقا حاوي يردان

رد شقيقا الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي، بهيج ونبيل حاوي على كلام مادايان مؤكدين «أن هذا الكلام لا يليق بأقدس قضية ولا يعبر عن فكر الشهيد جورج وتحالفاته ونضاله السياسي والجهود المكثفة التي قام بها في الأسابيع الأخيرة من حياته في المعركة الانتخابية للوائح «14 آذار» وحلفائها».
أضافا: «أخشى ما نخشاه هو أن يكون هناك نيات مبيتة وراء هذا التصريح»، وطالبا «بترك قضية أخينا الشهيد جورج للتحقيق وبضرورة دعم التوجه الدولي للبحث عن الخيط الرفيع بين مراحل مسلسل الاغتيالات والتفجيرات الإجرامية».
(وطنية)