كارل كوسا
وُلدت أمس مجموعة شبابية جديدة تطلق على نفسها اسم «شباب مواطنون لبنانيّون» (شمل). وعقدت المجموعة أمس مؤتمراً صحافياً أطلقت فيه صرخة «كفى» لأنّها تريد «لبناناً آخر»، لبنان اللاطائفيّة واللاعنف والمواطنيّة والسلم الأهلي

لأنّ الحرب الأهليّة ورقة خاسرة للجميع وفعل منبوذ، أعلنت مجموعة شبابيّة أُخرى (شَمْل) انطلاقتها، بعد عمل دؤوب ومتواصل منذ سنتين، في وقت لم يكن مُخطّطاً له. لكنّ الظروف السياسيّة ـــ الأمنيّة المستجدّة سرَّعت مِن خطوة تقديم مجموعة «شباب مواطنون لبنانيّون» أو «شَمْل» نفسها إلى الجمهور اللبنانيّ، بمطلب «استغاثيّ» إلى كل شابّ يهمّه أمر لبنان «قاطعوا نداءات الفتنة».
تتوجّه طروحات «شَمْل»، التي تختزلها بـ«لاءاتٍ» ثلاث «لا للحرب الأهليّة. لا للطائفيّة. لا للعنف»، إلى جميع اللبنانيّين، على اختلاف ميولهم الحزبيّة والسياسيّة.
بدأ تكوين نوى المجموعة، منذ سنة ونصف سنة، وذلك من خلال لقاءات تدريبيّة، شارك فيها أكثر من 150 شابّاً وشابّة، في شأن «الطائفيّة واللاعنف والعدالة». وسرعان ما نشط الشباب، ميدانيّاً، كلٌّ في منطقته، بعد أن انبرى من بينهم ثلاثون للمتابعة الدائمة.
لم توجد «شمل» من أجل الـ«Propaganda» الفارغة ولفت الأنظار، مثلما يؤكّد ناشطوها. بل بهدف بناء شرعة شبابيّة وطنيّة متكاملة. انبثقت المجموعة مِن «الهيئة اللبنانيّة للحقوق المدنيّة» (تنشط منذ أكثر من 20 سنة في مجالَي اللاعنف وحقوق الناس). وآلَم «شباب مواطنون لبنانيّون» أن يروا «شباباً لبنانيّين مثلنا ينجرّون مُجدّداً خلف أصوات عُليا (كالبّبغاء) من هنا وهناك، بعد تنازلهم عن حياتهم وذواتهم فداءً لـ«الذي فوق». يسترجعون صور الماضي الحربيّة، بحثاً عن «خصم» مطلوب الثأر منه. وهذا الخصم شابّ مثلهم، من أهل هذا البلد».
تحذّر «شَمْل» الشباب، في بيان وزّعته ضمن مؤتمر صحافي عقدته أمس في نقابة الصحافة، قائلةً «أنتم الذين مَن بات إصبعه، مِن بينكم، على الزناد، ومِن حوله مَن يحمّسه على إطلاق النار... فاحذروا». تقرّ «شمل» في بيانها بمسؤوليتها (كجزء من هذا المجتمع)، مُطلِقةً، في الآن عينه، صرخة «كفى» لأنّها تريد «لبناناً آخر»، لبنان اللاطائفيّة واللاعنف والمواطنيّة والسلم الأهلي، وتقترح للوصول إليه «قانوناً انتخابيّاً خارج القيد الطائفي» وآخر «لبنانيّاً لاطائفيّاً للأحوال الشخصية» إضافةً إلى «إلغاء الطائفيّة السياسيّة واعتماد كتاب تاريخ موحَّد للوطن، لا للطوائف».
تؤمن «شَمْل» بالقدرة على معالجة الخلافات بوسائل ديموقراطية، لاعنفيّة. لذا، فهي رغم تأييدها مبدأ «المقاومة» بذاته، ترفض سلوكه عبر أدوات عنفيّة، «حتّى لو كان هذا الأمر ردّ فعل، في سبيل الدفاع عن النفس والوطن، وليس مبادرة». أمّا نموذج المقاومة السلميّة، يستشهد طه زيلع، التي يشجّعونها فهو «أرنون»، أيّ «بالمواجهة المباشرة مع العدوّ من دون الاضطرار إلى اللجوء إلى ما يعتبرونه عنفاً».
وطن «شمل» المرجوّ، سياسته ذاتيّة غير ممسوكة من أيّ خارج كان، واقتصاده «غير مرتهن، بل مرتكز على القدرات الذاتية»، وخدماته عادلة توفّر العمل والعلم والسكن والطبابة لجميع المواطنين من دون تمييز.
تدعو «شمل» الشباب إلى مقاطعة أخلاقية لـ«أطراف النزاع الحاليّين» لكونهم «يستمدّون قوّتهم من تأييدنا لهم». وكي «لا يتكلّموا باسمنا بعد الآن».
ما يميّز «شمل» عن غيرها من التجمّعات الشبابية، بحسب طوني داود (من المجموعة) هو «أنّنا تجمّع من مختلف المناطق اللبنانيّة وما زلنا نعتمد التثقيف الذاتي من أجل تغيير فعّال». حتّى إنّ اختصار اسم المجموعة أيّ «شمل» يوحي بما «نهدف إليه من لمّ شمل اللبنانيّين وإنهاء حالة التشرذم». فها هو مارك قزّي يؤكد انضمامه إلى «شمل» لأنّه «بيصير في عنا بغزير مشاكل عدّة بين الشباب«المشحون» الذي يركّز فقط على الاختلافات متعامياً عن المشتركات» لذا، شعر قزّي بالرغبة في التعرّف على «الآخر» عبر الاحتكاك به، وخصوصاً أنّ «منطقتنا من لون واحد».
لم تتقدّم «شمل» حتّى الساعة بـ«علم وخبر» لشرعنتها، فهي لم تكن تنوي الانطلاقة الرسميّة الآن. إلّا أنّ الأحداث الأمنية الأخيرة دفعتها أعضاءها إلى «إعلان الولادة» لأنّهم «ما عاد فينا نسكت عن يلّي عم بيصير».
التخلّص من «الأدلجة» القسرية والمفروضة على الشباب (8 و 14 آذار) ليس بالأمر اليسير. رغم ذلك، تعمل «شمل» لإعادة الفريقين إلى ما قبل هذين التاريخين بطرقها التربويّة والاجتماعية الخاصّة وإبعادهما عن فخاخ الفتنة المنصوبة. أمّا شروط الانتساب إلى «شمل» فيحصرها طه زيلع في «الانفتاح». وتؤكّد الناشطة جويس قزّي أنّهم «لسنا قوّةً أو خياراً ثالثاً وسطيّاً بين الفريقين» إضافةً إلى أنّهم لا يوالون، لا من بعيد أو قريب، كمجموعة، أيّاً منهما.
أخيراً، تجزم رانا بشارة أن «شمل» لا نتوخّى السلطة «رغم عملنا السياسي والاجتماعي التراكميّ والتغييري الجاد».