نهر البارد ـ نزيه الصديق
مقتل 31 مسلحاً بينهم شاكر العبسي و«أبو سليم طه» واعتقال 34

  • سجل اليوم السادس


  • بعد المئة من الاشتباكات الدائرة بين الجيش ومسلحي «فتح الإسلام» في نهر البارد، تحولاً دراماتيكياً، أعطى إشارة واضحة إلى وصول هذا الملف الشائك إلى نهايته، إضافة إلى إمكان الشروع جدياً في معالجة التداعيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي خلفتها تلك الأحداث

    بين الثالثة والخامسة من فجر أمس، شن من بقي من مسلحي «فتح الاسلام» داخل مخيم نهر البارد هجوماً في اتجاه مواقع الجيش على أكثر من محور، وتحديداً على محاور الجيش ونقاطه في العبدة والمحمرة وتل المحمرة وبحنين، بهدف فك الطوق الأمني المضروب حول المخيم، مستعينين بمؤازرة من عناصر مسلحة قدمت من خارج المخيم، مستقلين حسب شهود عيان ثلاث سيارات وباص «فولكز فاكن» صغيراً ورانج روفر، حيث عمدوا إلى إطلاق النار على مواقع الجيش المرابطة حول المخيم، والفرار في اتجاه عكار والمنية، قبل أن يتمكن الجيش من قتل أربعة مسلحين منهم وأسر خامس، عرف أنه يدعى عبد الله الأحمد ويحمل الجنسية اليمنية.
    ورغم أن عدداً من المسلحين استطاعوا عبور الطوق الأمني المضروب، مستغلين حالة الإرباك في صفوف الجيش، إلا أن الأخير سارع فوراً إلى امتلاك زمام المبادرة، ودارت بينه وبين المسلحين الفارين معارك عنيفة أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى في صفوفهم، إضافة إلى أسر آخرين، وبدأ عملية تعقب لمن استطاع منهم الفرار إلى خارج المخيم، حيث ضرب طوقاً أمنياً واسعاً، وقام بعملية تمشيط استعان فيها بالمروحيات العسكرية والزوارق البحرية، شملت القرى والبلدات المجاورة، في ببنين وعيون السمك وقرى سهل عكار والمنية، وصولاً إلى طرابلس، وامتدت لتشمل معظم أنحاء الشمال، وصولاً إلى بيروت والجنوب والبقاع، إضافة إلى إغلاقه الطرق الرئيسية في المنطقة، وخصوصاً طريق المنية ـــــ العبدة الدولي.
    في موازاة ذلك، أفاد شهود عيان بأن 6 مسلحين فارين قتلوا، وأن بعضهم قتل على أيدي مواطنين حملوا سلاحهم الفردي وواكبوا الجيش في عملية المطاردة والتمشيط، من بينهم ثلاثة قتلوا في جوار بلدة ببنين، كما أفاد آخرون بأن عدداً من المسلحين الفارين شوهدوا في محيط بلدتي جديدة القيطع ووادي الجاموس في سهل عكار، وأن أحدهم ترك جعبته الحربية وبندقيته في محيط بلدة العبدة قبل أن يلوذ بالفرار.
    وبعدما أفاد مصدر عسكري نهاراً بأن قائد التنظيم شاكر العبسي تمكن من الفرار من المخيم «على رأس مجموعة صغيرة»، اكد ضابط في الجيش لوكالة «فرانس برس» مساء ان العبسي قتل في المعارك وانه تم التعرف على جثته في المستشفى الحكومي في طرابلس. وقال الضابط الذي طلب عدم الكشف عن هويته «وجدت جثة شاكر العبسي بين جثث الاسلاميين التي نقلت الى المستشفى الحكومي في طرابلس». وعما إذا كانت جثة المسؤول الاعلامي للتنظيم أبو سليم طه بين الجثث، أكد المصدر ان «الفحوصات الأولية» تشير إلى ذلك.
    وأوضحت أوساط عسكرية أن المسلحين أقدموا على هجومهم بوصفه الخرطوشة الأخيرة لديهم، محاولين بشكل يائس الهروب والفرار، وأفيد بأن عدد القتلى في صفوفهم بلغ حتى عصر أمس 31 قتيلاً و13 جريحاً، نقلوا إلى مستشفى طرابلس الحكومي وثكنة بهجت غانم في القبة، إضافة إلى نحو 40 جريحاً لا يزالون داخل المخيم، وأن الجيش يتقدم نحو مواقعهم تمهيداً لإعلان إنهاء العمليات العسكرية في المخيم، وسط هدوء مطبق سادت محاوره بعد محاولة الفرار. وقال مصدر عسكري ان 34 مسلحاً اعتقلوا بينهم 23 داخل المخيم.
    إلى ذلك، أوضحت أوساط متابعة لجهود الوساطة الأخيرة التي كانت تقوم بها رابطة علماء فلسطين لإجلاء الجرحى من المسلحين أن رفض الجيش هذا الأمر إلا عبر سلة كاملة تتضمن أيضاً تسليم المسلحين أنفسهم، كان الدافع الأساسي لقيام المسلحين بخطوتهم، وأن أبو سليم طه، الذي واصل إجراء الاتصالات للاطمئنان إلى أحوال النساء اللواتي نزحن أخيراً، لم يشر من قريب أو من بعيد إلى نية المسلحين هذه.
    إلى ذلك، شيعت قيادة الجيش ـــــ مديرية التوجيه كلاً من الملازم الشهيد علي نصار من كفرحتى ـــــ قضاء صيدا، والرقيب الأول الشهيد مصطفى ناصر حسن ـــــ من بلدة قنيه ـــــ عكار، والعريف الشهيد أحمد عارف السيد أحمد من بلدة النبي يوشع ـــــ المنية، والعريف الشهيد مصطفى أحمد سيف الدين من بلدة حلبتا ـــــ بعلبك، والعريف الشهيد علي خالد الرفاعي من بلدة القرقف ـــــ عكار.
    تجدر الإشارة إلى أن قائمة شهداء يوم أمس ترفع إلى 158 عدد العسكريين الذين استشهدوا منذ اندلاع المعارك في 20 أيار الماضي.

    الاحتفالات تعمّ لبنان: قرع أجراس وتكبيرات ومسيرات ابتهاجاً

    ما كاد الجيش اللبناني يعلن بسط سيطرته على مخيم نهر البارد، حتى اندفع المواطنون في مختلف المناطق اللبنانية، وخصوصاً في محيط المخيم، للنزول إلى الشوارع لتهنئة عناصره بانتصارهم، وأقاموا حلقات الرقص والدبكة، ورفعوا الأعلام اللبنانية والحزبية وأطلقوا الأعيرة النارية والمفرقعات ووزعوا الحلوى على المارة.
    ورفع المبتهجون شارات النصر تعبيراً، فيما أخذ الجنود يتعانقون ويرفعون أيديهم بعلامة النصر، وأخذت مواكب السيارات المدنية تجوب الطرقات. وكان المحتشدون يهتفون للجنود «حمى الله لبنان» و«الله معكم» و«مبروك»، فيما قام بعض السكان بنثر حبوب الأرز عليهم.
    وفي عكار، عمّت أجواء الابتهاج والفرحة مختلف البلدات والقرى، حيث أطلقت العيارات النارية وقرعت أجراس الكنائس وكبّرت مآذن الجوامع تهليلاً. كما نزل المواطنون إلى الشوارع مبتهجين وفرحين، ولا سيما منهم عائلات الشهداء. وعمد بعض المبتهجين إلى رفع عناصر من الجيش على الأكف. كما رفع أنصار تيار «المستقبل» صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله سعد.
    وفي طرابلس، جابت مواكب السيارات مختلف شوارع وساحات المدينة وأحياءها الشعبية. وأطلقت العنان لأبواقها وسط إذاعة الأناشيد الوطنية من خلال مكبرات الصوت. كذلك شهدت الطرق الرئيسية في طرابلس تجمعات شعبية عفوية قامت بتحية الجنود اللبنانيين أثناء تنقلاتهم في أحياء المدينة.
    وفي الضنية، خرجت مواكب سيارة عدة في القضاء، وسارع المواطنون في أغلب قرى وبلدات القضاء إلى الخروج بمواكب سيارة، وخصوصاً في بلدة بخعون، التي خرج منها موكب ضخم ضم مئات السيارات، جالت في مختلف أرجاء البلدة والجوار. وعلى طول الطريق الرئيسي الذي يربط بين الضنية وطرابلس، وعند المفترقات الرئيسية وفي الساحات العامة، عمل مواطنون على عقد حلقات الرقص والدبكة، وتوزيع الحلوى على المارة، وسط إطلاق المفرقعات النارية، وأجواء الابتهاج والفرح.
    وفي منطقة القطاع الشرقي من جنوب لبنان (عساف أبورحال)، أطلقت الأسهم النارية وقرعت أجراس الكنائس، وجالت عشرات السيارات في مواكب رافعة أعلاماً لبنانية ابتهاجاً.
    وفي زحلة (نقولا أبورجيلي)، نظم التيار الوطني الحر تجمعاً أمام مكتبه احتفالاً بالانتصار، وتجمع العشرات من مناصريه يرفعون الأعلام اللبنانية ويرسمون شارات الانتصار.
    وفي مدينة صيدا ومنطقتها (خالد الغربي)، قام عدد من أبناء المدينة وبشكل عفوي برفع الأعلام اللبنانية على سياراتهم وشرفات منازلهم، ونظّمت إحدى الجمعيات الاجتماعية (المستقلة) حواجز فرح وزّعت خلالها الحلوى والشوكولا في عدد من شوارع المدينة، كما أطلقت الأسهم النارية والمفرقعات في سماء المدينة.
    ولوحظ أن تيار «المستقبل» الذي لم يبادر حتى المساء إلى أي خطوة «احتفالية» كان مناصروه ينتظرون كلمة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «ليبنوا على الشيء مقتضاه». وفور بث الكلمة سمعت أصوات إطلاق النار في بيروت.
    وفي شرق صيدا، نُظّمت في العديد من البلدات احتفالات ابتهاجاً بإنجاز الجيش اللبناني، واحتشد العشرات في ساحة بلدة عين الدلب يلوّحون بالأعلام اللبنانية وعقدت حلقات الدبكة.
    كما عمت الاحتفالات مناطق المنية وزغرتا وإهدن والكورة وإقليم الخروب وصور وبعلبك، حيث نظمت مسيرات سيارة وأطلقت الأعيرة النارية.
    أما فلسطينياً، فقد آثر العديد من القيادات الفلسطينية داخل مخيم عين الحلوة التزام الصمت وعدم التحدث بانتظار جلاء صورة الموقف.
    واتخذ الجيش في محيط مخيم عين الحلوة تدابير مشددة حيث أخضعت السيارات لتفتيش دقيق. واستبعد مسؤول حركة فتح وقائد الكفاح المسلح في مخيم عين الحلوة العميد منير المقدح «حصول أي انعكاسات سلبية». وقال: «إن الأوضاع في المخيم جيدة والأمن ممسوك»، مشيراً إلى أن النتائج التي انتهى إليها مخيم نهر البارد «كانت متوقعة». وأضاف: «يكفي الشعبين اللبناني والفلسطيني معاناة، ويجب أن نتحدث اليوم عن إعادة أهلنا الذين تشردوا إلى المخيم، وإعادة الإعمار كما يجب أن نتحدث بجدية عن تنظيم العلاقة الفلسطينية ـــــ اللبنانية وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المدنية والإنسانية والاجتماعية، بالإضافة إلى تنظيم السلاح داخل المخيمات».
    وأعلنت قيادة الجيش ـــــ مديرية التوجيه، أنه: «احتراماً لدماء الشهداء، والتزاماً بالقوانين المرعية الإجراء، تدعو قيادة الجيش المواطنين إلى عدم إطلاق النار ابتهاجاً، كما تدعو الإخوة الفلسطينيين إلى عدم التوجه إلى مخيم نهر البارد حتى الانتهاء من الإجراءات الميدانية التي تقوم بها وحدات الجيش المختصة، وذلك حفاظاً على سلامتهم. وقد أعطيت الأوامر بمنع أي كان من الدخول إلى المخيم لحين زوال الأسباب المانعة».

    «يوم الانتصار» يترافق مع إجراءات أمنية مشددة
    عزز الجيش إجراءاته في مختلف المناطق، وربطت مصادر أمنية هذه الإجراءات باحتمال تفاعل قضية انتهاء أزمة نهر البارد، وفرار بعض عناصر «فتح الإسلام» وتحرك أنصارهم الموجودين بكثافة، ولو خفية، في عدة مناطق.
    وفي صيدا (خالد الغربي)، شهد المكان الذي تحل فيه زوجات بعض مقاتلي التنظيم وأطفالهم إجراءات مشددة، إذ قطعت الطريق بالعوائق أمام مسجد الأرقم، مع تشديد عملية الدخول إلى المسجد والخروج منه. وجاءت هذه الإجراءات، وفقاً لمصادر أمنية، بعد ورود اتصال من مجهول يحذر فيه من القيام بعمل ما لـ«تحرير الأخوات» من «سجنهن».
    وشهد ليل السبت ـــــ الأحد حركة غير طبيعية أمام مسجد الأرقم مع حضور أمني وانتشار عسكري، كما لوحظ وجود مجندات لبنانيات. كذلك حضر حشد من مشايخ «رابطة علماء فلسطين»، وتردد أن عملية ترحيل لزوجات المقاتلين كانت ستجري، بعدما تحدث بعض المشايخ عن أن الضوء الأخضر لذلك قد أعطي من الجيش. لكن المغادرة لم تحصل، وعُلم أن الأجهزة الأمنية سعت إلى نقل مَن في الداخل إلى مكان أكثر أمناً بعد ورود الاتصال الآنف الذكر.
    النسوة في الداخل استشطن غيظاً من التأخير، ورفضن الانتقال إلى مكان آخر بانتظار الترحيل النهائي، علماً بأنهن أقمن في ما بينهن ما يشبه ميثاق شرف يقضي بعدم خروجهن إلا جماعياً. غير أن ما يعوق ذلك، وفقاً لمصادر أمنية، هو أن إصدار وثائق لمن دخلن لبنان بطريق غير شرعية يستغرق وقتاً، إذ من المفترض المثول أمام القاضي المختص وتحرير كفالات وهو ما يحصل، وليس مثلما يسوّق البعض عن احتجاز لهؤلاء، لأنه لو كان الأمر كذلك لكان القضاء العسكري قد أصدر مذكرات توقيف بحقهن.
    وأفيد أن «المقيمات» في الأرقم رفضن الانتقال المؤقت، وعبّرن عن الاحتجاج على ما يرينه «تباطؤاً في الترحيل»، بعدما حزمن حقائبهن وهددن بالخروج عنوة، مهدّدات أيضاً بالإضراب عن الطعام. ولأن سكون الليل ينقل حتى الهمس، سمع بوضوح في الخارج صوت إحداهن يخرج من داخل المسجد متوعدة بـ«أننا سنخرج بالقوة وليقتلونا، وسنموت شهيدات، وسنواجه بأسناننا وأظفارنا»، بينما راحت أخرى تدعو بصوت عال: «اللهم فكّ كربتنا، اللهم إننا مظلومون فانتصر لنا».
    وتدخّل علماء فلسطين، وجرى تطييب خاطر الزوجات وتهدئة روعهن. ونقل أحد المشايخ عن إحدى الزوجات مخاطبتها له بالقول: «تعرفون يا شيخ أن الشرع والفقه يدعوان إلى عدم جواز الابتعاد عن عائلاتنا ومحارمنا (المحرم من الرجال) وكل ما نطلبه هو شرع الله».
    أبناء الحي الذي يقع فيه المسجد أشاروا إلى أن انبلاج الفجر شهد حركة غير اعتيادية للجيش والأجهزة الأمنية وحركة آليات، وبدا أنه جاء بعد فشل إقناع النسوة بنقلهن إلى مكان ما بعيداً عن المنطقة في انتظار الترحيل النهائي. وقد اتخذ الجيش إجراءات أمنية قضت بتكثيف الانتشار والمراقبة ووضع عوائق مادية أمام مدخل المسجد، مع احتمال الطلب من المشرفين على المسجد وإدارته وقف النشاطات الدينية في انتظار عملية الترحيل.
    ورغم رفع منسوب التدابير والإجراءات، فإن ذلك لم يؤثر على مواصلة الاهتمام بالشأن الإنساني والصحي. فبعض النسوة واصلن عيادتهن للمراكز الطبية وللأطباء الذين يشرفون على علاج أطفالهن الذين أصيبوا أثناء وجودهن في مخيم نهر البارد.
    وفي صور (آمال خليل)، كثّف الجيش إجراءاته حول المخيمات والتجمعات الفلسطينية، ومشّط البساتين التي تحيط بها تحسباً لمحاولات تحرك أو تسلل، بالإضافة إلى الحواجز التي انتشرت على طول الطريق بين صور وصيدا والتي قامت بتفتيش دقيق للسيارات والمارة.
    (الأخبار)

    نازحو «البارد» يستعدّون للعودة والفصائل تعمل للتنسيق مع الجيش أولاً

    البداوي ـ عبد الكافي الصمد
    لم تكد وكالات الأنباء تتناقل خبر إعلان الجيش اللبناني بسط سيطرته الكاملة على مخيم نهر البارد، أمس، حتى سارع نازحو مخيم نهر البارد المقيمون في مخيم البداوي إلى جمع أغراضهم، استعداداً للعودة في مسيرة سيّارة وراجلة كبيرة صباح اليوم.
    غير أن الخشية من إمكان وقوع صدامات مع السكان في محيط مخيم البداوي، كما حصل في السابق، إضافة إلى أجواء الاحتقان التي ما تزال قائمة هناك، دفعت الفصائل الفلسطينية على اختلافها إلى التحرك منعاً لحدوث صدام جديد، قد يؤدي إلى ضياع كل الجهود التي بذلت من أجل احتواء الوضع.
    وأوضح مصدر في قيادة فصائل المقاومة الفلسطينية لـ«الأخبار» أنه «تم اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لمنع خروج النازحين من مخيم البداوي، وخصوصاً أن الاحتفالات اللبنانية بالنصر ونشوته قد تؤدي إلى حصول تصادم لبناني ـــــ فلسطيني لن نسمح بحصوله، لذلك وضعنا أكثر من 150 عنصراً من القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة عند مداخل المخيم، لمنع أي نازح من العودة قبل التنسيق مع السلطات الأمنية اللبنانية».
    وأشار المصدر إلى «اجتماعات عدة بدأنا عقدها، وهي مستمرة ومفتوحة، مع اللجان الأهلية للنازحين ووكالة الأونروا والجيش اللبناني، من أجل التريث في خطوة عودة النازحين، وخصوصاً أن الجيش لن يسمح بالدخول إلى المخيم قبل إزالة الألغام والفخاخ، وتنظيفه من الأجسام والعبوات المفخخة»، لافتاً إلى أن «من انتظر أكثر من ثلاثة أشهر، يمكنه أن ينتظر بضعة أيام».
    وكانت قيادة فصائل المقاومة الفلسطينية في الشمال قد عقدت اجتماعاً طارئاً لها قبل ظهر أمس في مكتب تنظيم «الصاعقة» في مخيم البداوي، أصدرت على إثره بياناً أوضحت فيه أنها «تدارست المستجدات الأمنية الناشئة في المنطقة، في ضوء فرار مجموعات ما يسمى «فتح الإسلام» من مخيم نهر البارد، وتصدي الجيش اللبناني لها، وما ترافق معها من تسريبات إعلامية عن هروب المدعو شاكر العبسي برفقة مجموعته. وقد اتخذت الفصائل سلسلة تدابير وإجراءات أمنية في مخيم البداوي وجواره، لمنع تسلل أيّ من هؤلاء إلى المخيم بالتنسيق مع الجيش اللبناني، وشكلت لجنة متابعة لهذه الغاية من الفصائل، وعززت القوة الأمنية المشتركة بمشاركة جميع القوى والفصائل».
    وأوضح أحد مسؤولي الفصائل الذين حضروا الاجتماع لـ«الأخبار» أن «جميع المسارب والمداخل الرئيسية والفرعية للمخيم قد باتت تحت المراقبة، وأن تعليمات مشددة أعطيت إلى أفراد القوة الأمنية لمنع أي مشتبه فيه من دخول المخيم، إضافة إلى إعطاء الأوامر لإجراء مسح أمني شامل في المخيم وجواره، منعاً لأي تطور سلبي قد يبرز في هذا الإطار».

    لحود: مواجهة الإرهاب عملية مستمرة
    رأى رئيس الجمهورية إميل لحود «أن الجيش اللبناني أكد مرة أخرى على دوره في حماية وحدة لبنان والاستقرار والأمن فيه، وأظهر مناقبية عالية وتفانياً لا حدود لهما على رغم الإمكانات المحدودة التي لديه». وأضاف: «من حق اللبنانيين أن يفاخروا بجيشهم الوطني وأن يعتزوا بهؤلاء الرجال الأبطال الذين قدموا أرواحهم في سبيل وطنهم، وهم على استعداد دائم لتلبية النداء كلما دعا الواجب». وتابع: «منذ اليوم الأول لبدء المواجهات مع الإرهابيين، أكدنا أنه لن تكون هناك مساومة على دماء الشهداء العسكريين والمدنيين الذين سقطوا، والذين يتجه فكري وقلبي وعاطفتي إليهم وإلى ذويهم الذين يكبرون مع اللبنانيين التضحيات الجسام التي قدموها على مذبح الوطن. ونعيد التأكيد أن مواجهة الإرهاب عملية مستمرة، لأنه لن يكون للإرهابيين موطئ قدم في لبنان». ودعا اللبنانيين إلى «الوقوف خلف جيشهم الوطني الذي حقق بفضل وحدته والتفاف اللبنانيين حوله ما عجزت دول كبرى عن تحقيقه في مواجهة الإرهاب، وهو كان وسيبقى الدرع الواقية والحصن الذي يحمي لبنان الواحد أرضاً وشعباً ومؤسسات».
    وأجرى رئيس الجمهورية اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش العماد ميشال سليمان، وهنأه على «الإنجاز الوطني الكبير»، وطلب نقل تهانيه «إلى العسكريين ضباطاً ورتباء وأفراداً، وإلى كل من ساهم في تحقيق هذا الإنجاز»، محيياً «ذكرى الشهداء، ومتمنياً للجرحى والمصابين الشفاء العاجل».

    بري: يوم مجيدأجرى رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش العماد ميشال سليمان، هنأه فيه على الإنجاز الذي حققه بتحرير مخيم نهر البارد. وصدر عن الرئيس بري بيان جاء فيه: «إننا إزاء النتائج التي حققها جيشنا الباسل، ننحني أمام تضحيات الشهداء الضباط الذين كانوا في مقدمة جنودهم في الميدان، وأمام الجنود الذين لم يترددوا في أن يفتدوا الوطن بأرواحهم، وأمام الجرحى الذين تركت الحرب المجرمة ندبات وآثاراً على أجسادهم، وأمام من سبّبت لبعضهم الإعاقة».
    وتوجه بري إلى «أبناء الشعب الفلسطيني بالتأكيد أن إزالة واستئصال هذه الظاهرة الغريبة، التي كانت تحوّل المخيم إلى رهينة، أمر في مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته وتحقيق أمانيه الوطنية، وفي الطليعة حق العودة، بدلاً من إضاعة البوصلة عن هذا الهدف».
    وأكد الإصرار على «تنفيذ ما اتفق عليه في مؤتمر الحوار الوطني، لتنظيم العلاقة الكفاحية اللبنانية الفلسطينية، والعلاقة التاريخية المشتركة، بما يكفل الحقوق المدنية والسياسية لأهلنا في المخيمات، حيث لم يعد جائزاً استغلال أماني الشعب الفلسطيني في غير اتجاه».
    وقال: «هذا اليوم هو يوم مجيد لجيشنا شمالاً، وهو جنوباً لا ينقصه المجد إلى جانب المقاومة، وهو لبنانياً يمثل مدرسة للوطنية وأنموذجاً لجعل مصلحة الوطن فوق مصلحة الفئات والجهات والطائفية والمذهبية. إنه يوم مجد للوطن، خصوصاً شماله الذي يشعر بالفخر، لأن أبناءه من العسكريين أثبتوا أنهم سياج الوطن وحراسه، واستقرار النظام العام وضمانة لبنان».

    السنيورة: لن يكون لبنان ساحة للصراعات
    السنيورة: لن يكون لبنان ساحة للصراعات
    أكد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في كلمة له لمناسبة حسم الجيش معركة نهر البارد الإصرار «على بسط سلطة الدولة بقواها النظامية على كل الأراضي اللبنانية، وعلى أن لا يكون لبنان ساحة لصراعات إقليمية أو دولية». وقال السنيورة في كلمته: «بالأمس احتفلنا بمرور سنة على بطولات المقاومين في الجنوب في وجه العدو الإسرائيلي وفي منعه من تحقيق أهدافه العدوانية في بلدنا وعليه. واليوم نحتفل ببطولات الجيش الوطني مع أهله المخلصين في الشمال في مواجهة الإرهابيين»، مؤكداً الإصرار «على أن تكون الدولة وقواها الشرعية هي الحامية والراعية والضامنة لأمن المواطنين والوطن، وأن تبسط سلطتها على كل الأراضي اللبنانية»، وإلا «كان لبنان ساحة لصراعات إقليمية أو دولية». وأكد أن خطة الإعمار ستشمل مخيم نهر البارد ومحيطه، مشيراً إلى عقد مؤتمر للدول المانحة في العاشر من هذا الشهر. وشدّد على «أن المخيم سيكون تحت سلطة الدولة اللبنانية دون سواها، مشيراً إلى أنه «كما أثمرت المقاومة والممانعة والصمود الوطني أمناً للجنوب، ستحفظ الدولة الوطنية وسيحفظ الجيش الوطني أمن لبنان واستقراره، ولن تكون هناك سلطة على أرض لبنان، ولا مونة على أمنه من أي جهة، ولا لأي جهة».
    وفي الشأن السياسي شدّد السنيورة على أنه «لا بد من سير ثابت وإيجابي باتجاه التوافق وباتجاه الخروج من الأزمة الراهنة»، لافتاً إلى أن «أمامنا استحقاقات كبرى أقربها الانتخابات الرئاسية، والمطلوب المبادرة والمثابرة والانفتاح»، داعياً إلى العودة «جميعاً إلى المؤسسات وإلى الدستور».

    مواقف
    هنأت شخصيات وفاعليات وزارية وسياسية الجيش وقيادته بالانتصار الذي حققه على تنظيم «فتح الإسلام».
    واعتبر الرئيس نجيب ميقاتي «أن التضحيات الكبيرة التي قدمها الجيش، تشكل وسام عز وافتخار على جبين لبنان،». وأكد «أن تكاتف جميع اللبنانيين، ولا سيما أبناء الشمال مع الجيش، في هذه المعركة المفصلية، أسهم في حسم هذه المواجهة، والتأكيد أن لبنان كان وسيبقى صفاً واحداً لمواجهة أي مخططات تهدف إلى النيل من كرامته».
    وقال رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون: «صحيح أن الجيش انتصر في هذه المعركة وكانت الكلفة عالية جداً، ولكن إذا كان النصر يغفر الأخطاء الصغيرة للمقاتلين فهو يجب ألا يغفر الأخطاء الكبيرة التي أوصلت الأزمة اللبنانية إلى هذا الحد»، مشيراً إلى أن «جيشنا كان معرّضاً لإهمال كبير منذ سنوات»، لافتاً إلى أن «هناك أيضاً مسؤولية كبرى على عاتق فرع المعلومات الذي أخذ على عاتقه الأمن الوطني، وهو يتحمل مسؤوليات كبيرة لإخفائه معلومات أو عدم تقديره الأوضاع أو لتقصير معين».
    وأجرى رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري اتصالين هاتفيين بوزير الدفاع الياس المر وبقائد الجيش العماد ميشال سليمان مهنئاً. ورأى أن «إتمام الجيش سيطرته على نهر البارد يؤذن بالانتهاء من ظاهرة عصابة العبسي»، آملاً أن تسارع الأجهزة المختصة والقضاء اللبناني إلى كشف كل ما يملك من معلومات بشأن منبع هذه العصابة ومن يحركها ويدعمها ويمولها».
    واعتبر النائب وليد جنبلاط أن هذه العملية «اخذت دماً كثيراً، لكن هذه أول معركة من معارك الجيش يكون عليها إجماع وطني».
    واتصل وزير الاتصالات مروان حمادة بالمر وسليمان ورئيس الأركان العامة اللواء الركن سمير المصري، مهنئاً، مشيراً إلى أن «هذه الملحمة ستؤرخ في الذاكرة اللبنانية، لتكون المثل على معاني الشرف والتضحية والوفاء التي تستظلها المؤسسة العسكرية شعاراً خالداً يشهد لها حارساً للديموقراطية وسداً منيعاً في وجه المخربين ومحركيهم في أقبية الاستخبارات السورية».
    وأشار وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ إلى «أن خير ما نعبِّر فيه عن اعتزازنا بهذا الإنجاز، هو تأكيد تضامن اللبنانيين ووحدتهم الوطنية، ومقاربة الاستحقاقات المقبلة بروح وطنية جامعة وفاء لتضحيات الجيش ولشهدائه».
    ورأى الوزير السابق وديع الخازن أن الجيش الوطني أثبت «أنه اللبنة الجديدة في تثبيت لبنان الشامخ في وجه الإرهاب، حين عجزت جيوش في المنطقة عن اقتلاع هذه الظاهرة كما اقتلعها اليوم جيشنا الباسل في مخيم نهر البارد». وحيّا ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي الجيش الذي «صمد وحقق النصر في ظروف صعبة استثنائية قاسية، رغم كل المفاجآت والتجهيزات التي كانت لدى هذه العصابة».