إبراهيم عوض
مصدر عسكري: «فتح الإسلام» مطوّقة بالكامل ولا قدرة لها على الحركة والتموين

توقفت أوساط سياسية وهيئات دينية مشاركة في عملية البحث عن حل لأزمة مخيم نهر البار، أمام حديث الرئيس سليم الحص إلى وكالة «أخبار لبنان» الجمعة الماضي، ورأت فيه مخرجاً يفسح المجال أمام إعلان لوقف النار وإنهاء العمليات العسكرية مع الحفاظ بالدرجة الأولى على كرامة الجيش وهيبته.
فقد أعرب الحص عن اعتقاده بأنه «آن الأوان للجيش ليعلن انتصاره في معركة مخيم نهر البارد مع الإبقاء على حصاره السلمي للمخيم لمراقبة الداخلين إليه والخارجية منه، وتوقيف المطلوبين». إلا أن مصدراً عسكرياً مسؤولاً قال لـ«الأخبار» إن «الحل الوحيد لإنهاء المشكلة هو استسلام القتلة من عناصر ما يسمى «فتح الإسلام» الذين غدروا بالجيش وسوقهم إلى العدالة»، لافتاً إلى أن «دماء شهداء الجيش حق عام تملكه الإرادة الوطنية الجامعة، وهي بالتالي ليست ملك أحد للمساومة عليه أو التنازل عنه».
وفيما تبدي الأوساط السياسية المعنية تفهماً لموقف الجيش وعدم قبوله المساومة على شرفه العسكري وتأثير ذلك على بنيانه، تلفت في المقابل إلى أن الذين طالبهم بالاستسلام هم مجموعة من الانتحاريين الذين لا يصغون لمثل هذه النداءات ولا يهابون الموت ولا يتورعون عن القيام بأي عمل، ما يعني استمرارهم في القتال حتى الرمق الأخير وعدم اكتراثهم لإطالة أمد الأزمة، من هنا السؤال عن كيفية الخروج من هذا المأزق الذي لا ترى معه هذه الأوساط سوى قرار الحسم القاضي بإبادة هذه المجموعة ودخول معركة نهر البارد مرحلة جديدة لا يمكن أحداً التكهن بنتائجها العسكرية والسياسية.
المصدر العسكري يؤكد «إدراك القيادة العسكرية لهذه المعطيات والوقائع وحرصها على التعامل معها بحكمة وحزم»، متوقفاً عند «التضحيات التي قدمها الجيش والشهداء الذين سقطوا منه، حفاظاً على أرواح المدنيين داخل المخيم، وخصوصاً أن أفراد العصابة المسلحة عمدوا منذ اليوم الأول للمعركة إلى استخدام الأماكن الآهلة للمضي في اعتداءاتهم على الجيش، وقد تكبدنا خسائر جسيمة في الأرواح تفادياً لوقوع ضحايا بين المدنيين وتأميناً لخروجهم من المخيم».
ويمتنع المصدر عن إعطاء تفاصيل عن عدد المقاتلين في «فتح الإسلام» ويوضح أنه لم يصدر عن قيادة الجيش أي بيان يتحدث عن الذين قتلوا في المعارك من أفراد هذه المجموعة»، مشيراً إلى أن ما صدر بهذا الخصوص أوردته وسائل إعلام مختلفة.
وفي ما يخص الوضع الميداني، يفيد المصدر بأن الجيش «أحكم سيطرته على ما يعرف بـ«المخيم الجديد»، وإن كان ينظر إلى المخيم على أنه وحدة متكاملة، وقد شملت هذه السيطرة كل المراكز اللوجستية التابعة لـ«فتح الإسلام» بما في ذلك منزل شاكر العبسي، وقوات القيادة والتدريب والإعلام، التي كانت موزعة في الخان، والنورس، وصامد، ومجمع الأونروا، والتعاونية، ومركز ناجي العلي، وفي محيط عدد من المساجد. وقد جرى تفجير عدد من مخازن الأسلحة وتدمير معظم الأسلحة داخلها ومن بينها مضادات وقذائف 23 ملم».
وذكر المصدر أنه «لم تعد لـ«فتح الإسلام» قدرة على الحركة والتموين بعد أن ضيق الخناق حولها وأضحت مطوقة بالكامل، الأمر الذي جعلها تتحصن في عمق المخيم القديم»، كاشفاً أن قيادة الجيش ستتعامل مع هذا الموضوع وفقاً لما تراه مناسباً، مع الإشارة إلى أنها أعطت الفرص للمساعي والوساطات، لكن من دون أن يعني ذلك تسوية على حساب دماء الشهداء. وفي هذا الإطار علمت «الأخبار» أن هيئة علماء فلسطين في صدد استئناف مبادرتها الرامية إلى معالجة قضية «البارد» بعد أن أعلنت تجميدها قبل أيام.
وإزاء هذا المشهد المضطرب الذي يرخي بظلاله على الوضع اللبناني المتأزم أصلاً، يستعد الجيش على ما يبدو للمواجهة الحاسمة للاقتصاص ممن غدر به وذبح أبناءه في مضاجعهم وعلى الطرقات، متسلحاً بالتفاف الشعب حوله، وإن كان هناك من يريد التشويش على حكمة قيادته وحياديتها وتحديدها للعدو الذي هو إسرائيل، كما فعل أخيراً السفير الأميركي جيفري فيلتمان موحياً بأن الجيش سيقف إلى جانب حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في حال تشكيل حكومة ثانية، وهو ما رد عليه المصدر العسكري مكتفياً بالقول: «إنه كلام افتراضي لا يعني القيادة بشيء».