إبراهيم عوض
الأمين العام دافع عن حياديته وأكد ان مفتاح حل الأزمات بعودة التوافق المصري ـ السعودي ـ السوري

وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى المباحثات التي أجراها في دمشق مع الرئيس بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم بأنها كانت «في غاية الأهمية»، وقد تناولت «القضايا الحساسة في المنطقة، وخصوصاً الشأن اللبناني». فيما أعربت سوريا عن «دعمها لمهمته في لبنان الهادفة إلى تحقيق التوافق بين جميع الأفرقاء اللبنانيين لتأليف حكومة وحدة وطنية». وقد دافع موسى من العاصمة السورية عن حياديته، منتقداً بعض وسائل الإعلام اللبنانية التي تحدثت عن انحيازه إلى طرف ضد آخر، لافتاً إلى «أن الجامعة لا تحصل على عمولة مقابل ما تقوم به».
وعلمت «الأخبار» أن الأمين العام للجامعة استهل حديثه مع القيادة السورية بتوضيح مهمته في لبنان المرتكزة على إجراء الاتصالات مع الأطراف اللبنانية كافة للتفاهم على تأليف حكومة وحدة وطنية وتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ووفق الأطر الدستورية الخاصة بها.
وذكرت المعلومات أن موسى طالب الجانب السوري المساعدة والضغط على حلفائه اللبنانيين لبلوغ هذا الهدف، إلا أن الرد جاء ليشدد على ضرورة توافق اللبنانيين في ما بينهم أساساً للحل والخروج من الأزمة الراهنة مع التأكيد أن دمشق تدعم وتؤيد كل ما يتفاهم عليه اللبنانيون. كما حثت الأمين العام الجامعة على المضي في مساعيه للتقريب بين اللبنانيين وتشجيعهم على استئناف الحوار.
وقد أكد موسى عزمه على مواصلة العمل لحل الأزمة اللبنانية قائلاً بأنه سيستمر في سعيه وإن أخفق في ذلك فلن يستسلم لأنه «عنيد في هذه المسألة».
ولدى إثارته مسألة ضبط الحدود اللبنانية ــ السورية لفت المسؤولون السوريون الأمين العام للجامعة إلى أنه سبق لدول أوروبية أن وعدت دمشق بتزويدها معدات وتجهيزات تقنية متطورة تساعد في عملية مراقبة الحدود، إلا أنها لم ترسل شيئاً منها حتى الساعة، كما رأوا أن الأهم في هذه المسألة والأجدى هو قيام تنسيق بين الجيشين اللبناني ـــ والسوري لوضع الحدود «تحت المجهر» والحد من عمليات التهريب على أنواعها. وفيما استغرب الجانب السوري الحديث عن عزم لبنان الاستعانة بمراقبين دوليين تساءل إذا ما كان عددهم سيبلغ ثلاثمئة وعشرين مراقباً بحيث يوضع مراقب واحد عند كل كيلو متر نظراً لأن طول الحدود بين البلدين يبلغ حوالى 320 كيلومتراً، ولم تفته الإشارة إلى أن من يقدم على مثل هذا العمل إنما يتعامل مع الطرف الآخر على أنه معادٍ له، وهذا يستوجب اتخاذ إجراءت معينة من الأخير لمواجهة هذا
الموقف.
وأفادت المعلومات أيضاً بأن موسى أبلغ القيادة السورية صراحة أنه لا يمكن أن ينجح في مهمته ما لم يتحقق توافق مصري ـــ سعودي ـــ سوري، لاقتناعه بأن مفتاح حل الأزمات يكمن في عودة هذا التوافق، كما أن استبعاد أي دولة منه يشكل خللاً بحد ذاته، مؤكداً أنه يعمل في هذا الاتجاه، كاشفاً أنه بحث في هذا الموضوع مع الرئيس المصري حسني مبارك قبل توجهه إلى السعودية، ومع العاهل السعودي في الرياض أول من أمس، فيما قال مصدر سوري مطلع لـ«الأخبار» بأن موسى «لم يأتِ بأي جديد بهذا الخصوص بعد زيارته المملكة».
هذا وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن «لقاء الرئيس الأسد مع موسى تناول مجمل الوضع والتطورات على الساحة العربية. وقد أعربت سوريا عن دعمها لمهمة الأمين العام للجامعة في لبنان الهادفة إلى تحقيق التوافق بين الأطراف اللبنانية لتأليف حكومة وحدة وطنية. كما تم استعراض الوضع على الساحة الفلسطينية ومجمل المستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية والتحديات الخطيرة التي تتعرض لها. وكانت وجهات النظر متفقة إزاء ضرورة استئناف الحوار الفلسطيني، كما جرى التأكيد أيضاً على ضرورة حماية التضامن العربي في ظل الظروف التي تواجه الأمة العربية».
وحضر اللقاء وزير الخارجية وليد المعلم ونائبه الدكتور فيصل المقداد ومندوب سوريا الدائم لدى الجامعة السفير يوسف أحمد.
وفي مؤتمر صحافي عقده بعد لقائه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع انتقد موسى ما أثاره بعض وسائل الإعلام اللبنانية عن انحيازه إلى طرف ضد آخر، وقال إن «ما جاء في هذه الصحف غير دقيق وأنا لست «ساعي بريد»، كما أن الجامعة لا تحصل على عمولة مقابل ما تقوم به من أجل حل الوضع في لبنان». واتهم أطرافاً لم يسمها بـ«محاولة عرقلة دور الجامعة العربية»، مشدداً على أن الجامعة ستستمر في العمل لمساعدة اللبنانيين».
وفي رد على سؤال أوضح موسى «أن أموراً كثيرة بالنسبة إلى الشأن اللبناني لا تزال بحاجة إلى حل، ونحن بصدد العمل على حلها». ورأى أن «جملة من العوامل العربية والإقليمية والدولية مهمة في الأزمة اللبنانية»، متوقفاً عند «أهمية العامل اللبناني»، مضيفاً أنه سيزور لبنان في وقت لم يحدده.
وأعرب موسى عن ارتياحه الشديد للقاءات التي أجراها في دمشق، واصفاً الأزمة الفلسطينية بأنها «مثيرة للمخاوف والغضب»، مشدداً على «ضرورة الحوار الوطني والوحدة الوطنية الفلسطينية». ولفت إلى «أن العالم العربي لن ينحاز إلى فريق فلسطيني دون آخر معلناً دعمه للشرعيةالفلسطينية».
وعن لقاءاته في السعودية واتصالاته مع مصر أوضح موسى «أن تلك المراحل والزيارات ليست منفصلة عن بعضها»، منبهاً إلى «أن الموقف خطير فعلاً وللغاية وغير مسبوق ويقتضي من الجامعة التلاحم والتشاور ولا سيما في القضية الفلسطينية التاريخية». كما أفاد بأنه مقتنع بحل المشاكل العربية عربياً.
وعن جهود الجامعة بصدد المصالحة العراقية قال: «للأسف إن أيادي خارجية لعبت في إفساد ذلك» مشيراً إلى «أنهم لا يريدون للعالم العربي أو للعرب التدخل، ويريديون أن تكون لهم اليد الطولى في تسوية النزاع».
وأعلن «أن الجامعة للمرة الثانية على التوالي تعمل لتحقيق هذه المصالحة على أسس وقرارات الجامعة العربية». وكرر التأكيد على «أهمية مؤتمر المصالحة العراقية الذي عقدته الجامعة لأنه جاء بكل القادة العراقيين من الطوائف والمذاهب والتوجهات كافة».
والتقى موسى أمس رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وقال بأنه «لا بد من وحدة الشعب الفلسطيني، وعلى الجميع أن يعترف بحقيقة أن هذه أرض وشعب محتل ولا توجد دولة، أما الاقتتال من أجل وزارات فهو من قبيل الإغراق في عدم الرؤية».
وحذر من أن «القضية الفلسطينية مهددة تهديداً خطيراً، وأوضح أن هذا ما تحدث به مع الفلسطينيين من كل التوجهات.

الرئيسان الإماراتي والإيراني إلى دمشق الشهر المقبل

إلى ذلك علمت «الأخبار» أن كلاً من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ورئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمود أحمدي نجاد سيزوران دمشق هذا الشهر لتهنئة الرئيس بشار الأسد بإعادة انتخابه. ومن المقرر أن يصل الأول إلى العاصمة السورية في الخامس عشر من الشهر الجاري، فيما يصل الثاني في التاسع عشر منه.