إبراهيم عوض
دمشق تذكّر الأمم المتحدة برسالتها عام 2001 التي تؤكد ملكية لبنان للمزارع

كيف «اكتشف» الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لبنانية مزارع شبعا وعجز عن ذلك سلفه كوفي أنان ومبعوثه الخاص «الشاطر» تيري رود لارسن؟
سؤال طُرح على أعلى المستويات في كل من لبنان وسوريا، وخصوصاً أن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وفريق 14 آذار بنيا جدالهما في شرعية المقاومة على هذه المسألة. وثمة من تصرف على أساس أن المزارع أصبحت في «الجيب» بعد إعلان القرار 1701 عزم الأمم المتحدة على وضعها في عهدة قواتها بعد الانسحاب الإسرائيلي منها، فرفع من وتيرة مطالبته بتجريد المقاومة من سلاحها والعمل باتفاقية الهدنة، حتى تبيّن في الأيام الماضية أن إسرائيل ليست في وارد الانسحاب من هذه المزارع، ولو أثبت خبير الخرائط في الأمم المتحدة أنها أرض لبنانية، وهي إن فعلت فإنما مقابل توقيع اتفاق بينها وبين لبنان على غرار اتفاق 17 أيار.
ويتوقّف وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ عند ما نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية الأسبوع الماضي من أن مسؤولاً إسرائيلياً أبلغها أن خبير الخرائط في الأمم المتحدة أعلم الجانب الإسرائيلي بحسم لبنانية مزارع شبعا في ضوء دراسته المتخصصة للخرائط والوثائق المتوافرة، ومسارعة المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى الشرق الأوسط مايكل وليامز الى التوضيح بأن خبير الخرائط لم ينجز مهمته بعد، ملمّحاً في الوقت نفسه الى أنّ الاتجاه يميل الى الإقرار بلبنانية هذه المزارع، ويلفت إلى أن ما تحدثت عنه وسائل الإعلام أيضاً هو مماطلة الحكومة الإسرائيلية في السماح لهذا الخبير بمراجعة الخرائط والوثائق التي تملكها، وقد قيل إنه أمضى شهراً وهو ينتظر قبل أن يُستجاب طلبه.
وفيما أعلن صلوخ فشل المحاولات التي قام بها البعض لجعل قضية المزارع موضع خلاف بين لبنان وسوريا، قال إن ملكيتها حُسمت لمصلحة لبنان بدعم من سوريا التي لطالما أكد مسؤولون فيها هذا الأمر، وذكّر في هذا الإطار بما جرى في مؤتمر برشلونة قبل أقل من عامين حين تحدث وزير الخارجية السوري فاروق الشرع آنذاك في كلمته الى المؤتمر عن الملكية اللبنانية لهذه المزارع ثم عاد وكرّر ذلك في لقائه مع السنيورة على مسمع ومرأى من وسائل الإعلام. وتمنّى صلوخ على «الغيارى» من فريق السلطة والأكثرية الحريصين على استرداد هذه المزارع أن يُسائلوا أنفسهم عما فعله المجتمع الدولي بصورة عامة والإدارة الأميركية خصوصاً في هذا الصدد، وما هو مصير الوعود التي أُغدقت على السنيورة بتسليم هذه المزارع الى الأمم المتحدة، وحل قضية الأسرى والمعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية ووقف الانتهاكات للسيادة اللبنانية، وقبل هذا وذاك تعديل قرار وقف العمليات العدائية الصادر عن مجلس الأمن ليصبح وقفاً معلناً لإطلاق النار، موضحاً أن إبقاء القرار على ما هو عليه يعني إفساح المجال أمام إسرائيل لاستئناف عدوانها على لبنان ساعة تشاء.
ولم تفت صلوخ الإشارة هنا إلى أن مشكلة بلدة الغجر بقيت معلّقة حتى الساعة. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن الدعم الأميركي لحكومة السنيورة يقتصر على الجانب السياسي فحسب.
من جهته، يرى «حزب الله» أن الانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا ـــ في حال حصوله ـــ يعني انتصاراً جديداً للمقاومة التي ستحتفل به بالشكل المناسب، لافتاً من يرى أن زوال الاحتلال عن المزارع إسقاط لورقة أساسية من يد المقاومة، إلى أن هناك العديد من الأوراق التي تملكها المقاومة ما دام هناك إسرائيلي يتربّص شراً بلبنان.
وتشاطر دمشق «حزب الله» نظرته الى قضية المزارع، إلا أنها تربط موضوع الترسيم بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي التي تحتلها في لبنان وسوريا نظراً لوجود تداخل بين أراضي البلدين على الحدود في أكثر من نقطة ومنطقة. ويفيد مصدر سوري مطّلع في هذا الإطار أن سوريا قامت قبل سنوات بوضع عدد من المخافر على أطراف مزارع شبعا لمنع تهريب البضائع الإسرائيلية الى الداخل السوري، وقد أتى الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان على ذكرها أكثر من مرة. وذكر المصدر أن مسألة ملكية لبنان للمزارع حسمتها سوريا منذ أن بدأ السجال حولها على الساحة اللبنانية إثر الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب عام 2000، إذ قام مندوب سوريا الدائم في نيويورك آنذاك ميخائيل وهبة بتسليم الأمانة العامة للأمم المتحدة عام 2001 رسالة من الدولة السورية تؤكد فيها لبنانية هذه المزارع، فيما كان المستغرب تجاهل الأمم المتحدة لهذه الرسالة ولمواقف العديد من المسؤولين السوريين التي ما فتئت تؤكد ملكية لبنان لها، والاستمرار في اعتبارها سورية كما فعل أنان ومبعوثه الخاص تيري رود لارسن، الذي حاول بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان استدراج الوزير الشرع خلال مؤتمر صحافي مشترك عقد في دمشق حينذاك للدخول في سجال حول هوية المزارع بقوله إنها سورية، الأمر الذي أثار استياء الشرع وآثر عدم التعليق عليه.
وتمنّى المصدر السوري المطّلع ألّا يلجأ بان كي مون إلى هذا الأسلوب وخصوصاً بعد الكلام الصادر عن مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط مايكل وليامز في معرض رده على المعلومات الإسرائيلية عن تثبّت خبير الأمم المتحدة من ملكية لبنان لمزارع شبعا، وقوله إنه «طلب من سوريا مراراً أن تقدّم الوثائق التي لديها لكنها لم تقدّم شيئاً وهذا أمر مُخزٍ».