إبراهيم عوض
بلال لـ«الأخبار»: موراتينوس يعرف أكثر من غيره أن سوريا تعمل دائماً للحل

أنهى وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس جولته على المسؤولين والقيادات في لبنان قبل توجهه الى دمشق مساء أمس، ونوّه بعد لقائه الرئيس نبيه بري وجود بـ«الصيغة» التي طرحها الأخير على وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، والتي من شأنها أن تسهّل خروج لبنان من الأزمة التي يعانيها.
وقبيل توجّهه الى العاصمة السورية، مساء أمس، سألت «الأخبار» وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال رأيه في كلام موراتينوس عن أنه «يأمل من سوريا أن تكون جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة»، موضحاً أنه «سيتوجّه الى دمشق حاملاً الرسالة نفسها التي سبق أن حملها من قبل»، فقال إن وزير الخارجية الإسباني «يعرف أكثر من غيره أن سوريا هي من عملت وتعمل دائماً من أجل الحل حتى باتت تمثّل عامل استقرار في المنطقة، ولأنها كذلك فهو يأتي اليها». ورأى أن «لا حل أمام اللبنانيين للخروج من الأزمة التي يعيشونها إلا الحوار والتفاهم في ما بينهم»، مشيراً الى أن «قيام حكومة وحدة وطنية كفيل بتعزيز الوفاق الذي هو أساس لمناعة لبنان». وفيما أكد بلال وقوف سوريا إلى جانب لبنان، ودعمها لكل ما يتفق عليه اللبنانيون وحرصها على أمنهم وسلامتهم، ذكر «أن وضع لبنان الضعيف المضطرب ينعكس سلباً على سوريا، فيما لبنان المعافى القوي يمثّل دعماً وسنداً لها وخصوصاً في مواجهة المخططات التي تُحاك ضد المنطقة وتريد إلحاق الأذى بها».
وكان موراتينوس استهل جولته أمس بالاجتماع مع الرئيس أمين الجميل الذي وصف اللقاء بـ«المفيد جداً»، موضحاً أن موراتينوس «يسعى مثل كل سعاة الخير إلى إيجاد الحلول للأزمة الراهنة، وبعض الأفكار المطروحة وكأن هناك بوادر حلحلة انطلاقاً من أفكار طُرحت هنا وهناك». وأضاف: «ما زلنا في النفق المظلم، وعدنا الى نغمة الحكومة قبل الرئاسة والرئاسة قبل الحكومة، وأخشى أن تكون الحكومة المطروحة عشية الانتخابات الرئاسية بديلاً من الانتخابات الرئاسية. إن حكومة كهذه تعدّ بمثابة مجلس رئاسي انتقالي، وهذا أمر سلبي بالنسبة للبنان، وأخاف أن نتحوّل الى برج بابل». وطالب «بأن تنصبّ كل الجهود للتركيز على انتخابات الرئاسة».
وعن تخوف كوشنير من حرب داخلية بفعل تدخلات سوريا وإيران، قال الجميل: «آمل ألّا نكون إطلاقاً عشية حرب أهلية. و«حزب الله» يشعر بمسؤوليته من هذه الناحية، وهو يؤكد باستمرار أنه يريد أن يتجنب أي حرب داخلية، أما في ما يتعلق بالبعد الإيراني السوري، فنحن لا ندين أحداً ونتكلم بموضوعية، هناك بعض الأطراف على الساحة اللبنانية، ولا سيما «حزب الله»، يقول علناً إن لديه تحالفاً مع سوريا ونوعاً من علاقة مميزة مع إيران. وسوريا وإيران تمدان بعض الأحزاب اللبنانية بكل الإمكانات الضرورية لنشاطها السياسي. وبداية الحل أن يتبنى الجميع شعار «لبنان أولاً» ونركز على المصلحة اللبنانية وتوظيف العلاقات لمصلحة لبنان وسيادة البلد، والمطلوب أن نتفاهم على الثوابت السيادية، ولغاية الآن نحن لسنا متفاهمين عليها، المربعات الأمنية لا تزال قائمة وهذا يتناقض مع مستلزمات السيادة، والسلاح موجود في يد قوى غير شرعية، كنت أفهم هذا الأمر قبل عام 2000، لكن بعد ذلك، لا أعرف ما جدوى هذا السلاح، وخصوصاً عندما نسمع كلاماً بأن لدينا سلاحاً يصل إلى العمق الإسرائيلي، وخصوصاً أن اتفاقية الهدنة ملزمة للبنان واتفاق الهدنة والطائف يتناقضان مع الكلام بوجود أسلحة ثقيلة وصواريخ وما شابه ذلك، وآن الأوان للبنان أن يستقر».
واستقبل النائب وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو موراتينوس الذي وصف اللقاء بـ «المهم جداً والمريح»، معتبراً أنه التقى مع صديقه. ثم توجّه إلى الرابية للقاء عون، ولم يُدل بأي تصريح.
وعبّرت أوساط قريبة من العماد عون لـ «الاخبار» عن ارتياحها لأجواء المحادثات التي أجراها الوزير الإسباني في الرابية، إذ ظهر جلياً أن هناك تفهّماً أوروبياً جديداً وبناء لكيفية معالجة المشكلة اللبنانية، والتعاطي مع القرار 1701 ونزع سلاح «حزب الله».
وذكرت هذه الأوساط أن موراتينوس «زوّده من التقاهم من فريق 14 آذار بمعلومات مغلوطة عن رؤية المعارضة لسُبل حل الأزمة، لدرجة أن هناك من صوّر له أنها ترفض تأليف حكومة وحدة وطنية». كما أفادت أن موضوع العلاقات اللبنانية ـــ السورية استأثر بجانب من اللقاء حيث جرى إبلاغ موراتينوس أن ورقة التفاهم الموقعة بين قيادتي «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» «طرحت أسساً لإرساء علاقات صحيحة وصحية بين البلدين، مبنيّة على الاحترام المتبادل لسيادة واستقلال كل منهما، مع ضرورة إقامة علاقات دبلوماسية وترسيم الحدود وحل مسألة المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية». وقد أبدى المسؤول الإسباني تفهّماً لهذا الطرح وحث على المضي به، كما استمع الى وجهة نظر العماد عون القائلة بربط لبنان بشبكة علاقات خارجية من شأنها أن تدعم وتعزز استقلاله.
وانتقل الوزير الاسباني الى معراب للقاء رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي صرح بأن اللقاء «تركّز اللقاء على مسألة الوحدة الإسبانية في الجنوب، فأكد موراتينوس أنها باقية مهما كانت الصعوبات لتأمين سلامة وأمن أهلنا في الجنوب، وستبقى داعمة للجيش اللبناني». أضاف: «موقفنا واضح لجهة انطلاقة الحياة الوطنية السياسية التي يجب أن تكون من خلال انتخابات رئاسة الجمهورية». ودعا كل «الأفرقاء الى احترام الدستور وموعد هذا الاستحقاق»، مؤكداً «أحقية كل فريق بانتخاب من يريد، حتى في وضع ورقة بيضاء لكن لا أحد له حق اللعب بالاستحقاق الدستوري لغايات شخصية أو أبعد من ذلك». وأشار إلى أنه قال للوفد الإسباني: «إننا مع حكومة وحدة وطنية، لكن بوجود الرئيس (إميل) لحود لا يمكن أن نمنحهم الثلث المعطّل باعتبار أننا غير متأكدين من أنه إذا سقطت الحكومة ستأتي حكومة أخرى أم لا».
والتقى موراتينوس الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، في الضاحية الجنوبية، في حضور مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي. وقال قاسم بعد اللقاء «إن لإسبانيا اهتماماً خاصاً بمتابعة الوضع السياسي اللبناني كجزء من الاهتمام الأوروبي، وأيضاً كجزء من حضورها في لبنان من خلال قوات الطوارئ، وهي تتحدث عن مقترحات وحلول ليست بعيدة عن المقترحات الفرنسية، بل هي متناغمة معها في كيفية الوصول الى حكومة وحدة وطنية مع توفير الضمانات من الطرفين حتى يكون هناك تسهيل لانتخابات الرئاسة في موعدها». وأضاف: «أكّدنا له أننا ملتزمون حكومة الوحدة الوطنية، ولا نقبل إلغاء أحد، كما لا نقبل أن يلغينا أحد. إضافة الى ذلك، فإن الوقت ينفد ولا يمكن أن يراهن أحد على ذلك للقفز الى رئاسة الجمهورية مباشرة، وكان واضحاً أن الحكومة هي المقدمة الطبيعية لأي اتفاق آخر. والوزير الإسباني أكد أيضاً أهمية حكومة الوحدة الوطنية، لكن النقاش تركّز على ما يحيط بهذه الحكومة من ضمانات ترضي الطرفين».
من جهته، قال موراتينوس «إن التحدث مع كل اللاعبين السياسيين أمر جيد، ويجب على جميع الأفرقاء أن يظهروا نيات سياسية جدية، ويجب أن يجتمع الجميع على هذا الأمر».
وفي ردّ على سؤال أوضح قائلاً: «نحن لا نتدخل، نحن فقط نساعد الأصدقاء اللبنانيين».
واستقبل بري في عين التينة موراتينوس الذي أبلغ الصحافيين «أنني وجدت خلال لقاءاتي مع أن هناك إرادة لبنانية لتخطي الوضع الراهن. وأود أيضاً أن أحيّي بإيجابية الجهود التي يبذلها الرئيس بري على وجه الخصوص، ولا سيما بعد لقائه الوزير كوشنير حيث طرح أفكاراً واقتراحات وصيغة في رأيي أنها جيدة اذا ما طوّرت ستؤدي إلى الإجماع الذي نطمح اليه جميعاً». وأضاف: «من جهتي، حاولت إيصال رسالة للبحث عن إرادة لتحقيق هذا الإجماع لتبيان العناصر الإيجابية لدى المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وإسبانيا، وكل الجهود السياسية من أجل تعزيز الإرادة الدولية لوضع هذه الصيغة التي تسهّل خروج لبنان من الأزمة التي يعانيها. وسأزور القوة الإسبانية العاملة في «اليونيفيل» التي تلتزم هذه القوات من أجل المساهمة في تعزيز السلام في المنطقة».
ولدى سؤاله عن الرسالة التي سينقلها الى سوريا قال: «إنها رسالة المشاركة الإيجابية في كل الجهود ومع كل الأطراف، من أجل إيجاد حل لأزمة المنطقة ومنها لبنان، وسوريا هي جزء من الحل وجزء من المشكلة، وأعتقد أن جميع المهتمين الذين لديهم مصالح ويعملون في الشرق الأوسط يجب أن يشاركوا في هذه الجهود».
والتقى موراتينوس، رئيس ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي، في منزل سفير إسبانيا في لبنان ميغيل بنزو بيريا، وقال بيان وزعته الممثلية، «إن البحث تركّز على أوضاع مخيم نهر البارد للاجئين، وأزمة النازحين من أهاليه».
وزار موراتينوس السرايا الحكومية حيث اجتمع مع الرئيس فؤاد السنيورة، ثم تفقد مقر قيادة الكتيبة الاسبانية العاملة في قوات اليونيفيل في سهل ابل السقي ـ مرجعيون، التي وصلها على متن طوافة دولية نقلته من بيروت.