إبراهيم عوض
رئيس الحكومة السابق عمر كرامي مقلٌّ في الكلام هذه الأيام، ويستعد للصعود إلى «بقاعصفرين» حيث يمضي فصل الصيف الذي تقطعه اجتماعات ولقاءات دورية في طرابلس وبيروت. هناك في البلدة الجبلية يمارس رياضة المشي في الصباح الباكر قبل أن ينصرف إلى قراءة الصحف لأكثر من ساعتين.
وعنها يقول في مجلسه الخاص في بيروت مساء أول من أمس إنه بات يعرف ماذا يريد هذا الكاتب أو ذاك بعد السطرين الأولين من مقاله، لذلك لا حاجة أحياناً إلى قراءته كله، مشيراً إلى أنه أولى اهتماماً خاصاً بما نشر عن محاضر الاجتماعات التي عقدها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مع عدد من قيادات الأكثرية والمعارضة. ومن هنا كان سؤال أحد زائريه عن رأيه عما آلت إليه مبادرة موسى، حيث سارع إلى القول بأن الأخير ارتكب «فاولين»: الأول إقراره بأن الأزمة في لبنان تستلزم اتصالات عربية وإقليمية ودولية. وهو يقصد بـ«العربية» سوريا وبـ«الإقليمية» إيران وبـ«الدولية» الولايات المتحدة، «فإذا كان الأمر كذلك، فماذا جاء يفعل في لبنان إذاً؟». أما «الفاول» الثاني فكانت محاولته تسويق اقتراح يقضي بتشكيل حكومة اتحاد وطني لن تعمّر أكثر من ثلاثة أشهر في مقابل تسهيل المعارضة انتخاب رئيس جمهورية من الأكثرية يحكم لست سنوات، وهذا ما لا يقبله عقل أو منطق».
وأبدى كرامي امتعاضه من تصرف موسى بطلب الحديث معه هاتفياً متسائلاً: «ما نفع هذا الحديث العابر إذا كان هناك من صوّر له أن الصوت السني مقتصر على تيار سياسي دون غيره»، مؤكداً «أن موقعنا وحضورنا لا يمنحنا إياهما موسى أو غيره، بل هما مستمدان من تاريخنا وتراثنا وأبناء شعبنا». ورأى أن حركة الاتصالات التي بدأها النائب ميشال المر بطلب من موسى ليست إلا «مضيعة للوقت».
ويبدي كرامي تخوفه من المرحلة المقبلة و«خصوصاً مع استمرار الأكثرية في نهجها المتسلط». ويحذر من أن «مجريات الأحداث تشير إلى توجه واحد لدى هذا الفريق وولي أمره وهو نزع سلاح المقاومة»، لافتاً إلى أن «من يتابع تحركات قادته وتصريحاتهم يتبين له بوضوح أن هذا بيت القصيد بالنسبة إليهم منذ صدور القرار 1559». وفيما يرى كرامي أن «حزب الله» يمكنه أن يتساهل في أكثر من مسألة سياسية، اعتبر أن هذا التساهل «لا مجال له على الإطلاق حين يتعلق الأمر بسلاحه، إذ هذا يعني أن الموسى وصلت إلى عنقه».
ويشدد كرامي على أنه لا بد من حل سياسي لمعالجة موضوع مخيم نهر البارد، منبهاً إلى أن «انعدام التفاهم بين الأطراف اللبنانية قد يؤدي إلى مشكلة ثانية في مخيم آخر بدأت تظهر ملامحها من خلال الدشم التي ترفع في أكثر من مكان».
ولا يستبعد رئيس الحكومة السابق الوصول إلى مرحلة تشكيل حكومة ثانية «إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه من الاضطراب والتدهور»، مشيراً إلى أن «قيام مثل هذه الحكومة يعني الصدام والمواجهة والتحسب لكال الاحتمالات»، موضحاً أن «وجود قيادات المعارضة داخل هذه الحكومة أي «حزب الله» و«أمل» و«التيار الوطني الحر» وغيرهم لا بد أن يربك فريق الأكثرية الذي عليه أن يسأل نفسه جيداً عن مصير العديد من المؤسسات الرسمية والمرافق بما في ذلك المطار والمرفأ». ولم تفت كرامي الإشارة هنا إلى «أن المرء بدأ يستشعر من الآن الخطر المحدق بالوطن».
ولدى سؤاله عن كيفية إجراء الاستشارات النيابية لتشكيل حكومة في ظل امتناع الأكثرية عن المشاركة فيها، قال إن «بإمكان رئيس الجمهورية القيام بهذه الاستشارات والاكتفاء «بمن حضر» من النواب لتسمية الرئيس المكلف». ثم استدرك ضاحكاً: «ماذا لو سمى النواب الرئيس إميل لحود لتشكيل الحكومة الجديدة؟!».
من جهة أخرى استقبل كرامي أمس في منزله في بيروت وفد اللقاء الإسلامي الوحدوي برئاسة الحاج عمر غندور الذي قال بعد اللقاء: «إن الذين يستأثرون بالسلطة لا يشعرون بمعاناة الناس الاقتصادية والاجتماعية، والحل يأتي من خلال حكومة وحدة وطنية يشترك فيها الجميع، وتخرجنا من هذا المأزق».
والتقى كرامي امس النائب الدكتور إسماعيل سكرية الذي أبلغ الصحافيين أنه تداول معه في الشؤون العامة والوضع السياسي «في البلد في ظل إصرار الفريق الحاكم على تجاهل مطالب المعارضة من خلال المشاركة في الحكم لمواجهة تحديات المرحلة داخلياً ومناطقياً». «وحاولنا أن نجد أي باب أو أي سبيل لتنفيس الوضع وحلحلته، لكن للأسف يبدو أن الأمور تتجه نحو التعقيد، وأنا شخصياً لا أجد حلاً في المستقبل، ولم أجد أي حل في العامين الماضيين، والآن لا أرى أي حل، لأن هناك ارتباطاً شديداً ووثيقاً للأزمة الداخلية بالأزمة الإقليمية، وهناك فريق رمى كل أوراقه ومراهناته في الحضن والمشروع الأميركي في المنطقة».
كذلك استقبل كرامي وفد جمعية الدعاة برئاسة الشيخ محمد أبو القطع ثم الوزير السابق الياس سابا.