جورج شاهين
بات الحديث، منذ فترة قصيرة، عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية موضوعاً اساسياً على جدول اعمال أي لقاء بين القيادات السياسية أو الحزبية المسيحية، وهو طرح في معظم اللقاءات التي شهدها الصرح البطريركي بين البطريرك نصر الله بطرس صفير وزواره، اضافة الى اللقاءات التي عقدها البطريرك في الفاتيكان، في اليومين الماضيين، وأبرزها لقاؤه مع البابا بنديكتوس السادس عشر وأمين سر الدولة الكاردينال ترسيسيو برتوني ووزير الخارجية السفير البابوي السابق في لبنان دومينيك مامبرتي.
وتعرب قيادات مسيحية على تماس مع هذا الموضوع عن خشيتها من ان يؤدي الانقسام المسيحي الى «تضييع الاستحقاق، ومعه الموقع الماروني الأول في الدولة، في ضوء اشتداد الصراع في لبنان بين طرفين غير مسيحيين، وتحديداً بين السرايا وقريطم من جهة وعين التينة والضاحية الجنوبية من جهة اخرى». وتنظر هذه القيادات بقلق الى التصريحات التي توحي بدخول الاستحقاق الرئاسي بازار الخلافات السياسية لأسباب عدة أبرزها:
ـــ أن التغيير الحكومي بات، وفق أية معادلة رقمية او سياسية، ضرباً من الوهم، إن لم يكن من المستحيلات، خصوصاً في موضوع حكومة الوحدة وطنية كما تطالب المعارضة.
ـــ أن أمر المحكمة الدولية انتقل الى عهدة مجلس الأمن الدولي، وبات بتها مرتبطاً بالمصالح الدولية.
ـــ أن المسافة الفاصلة عن انتهاء ولاية رئيس الجمهورية باتت ضيقة، وبات من المستحيل وضع قانون جديد للانتخابات النيابية تمهيداً لإجراء انتخابات مبكرة.
وعلى خلفية هذه الأسباب الثلاثة، وغيرها من العوامل الاقليمية والدولية، ارتفعت نسبة الاستنفار على الساحة المسيحية خشية أن تؤدي الخلافات والبازارات السياسية الكبرى، الى اعاقة سير الاستحقاق على سكة الحل الدستورية، وضمن المهل التي تحكمه.
وفي هذا الاطار، توقف قائد مسيحي بارز امام سيل التصريحات التي تحوّل الاستحقاق مادة صراع داخلية. ورأى في الكلام على انتخاب رئيس للجمهورية بالمنطق الذي تطرحه «الأكثرية» النيابية (النصف زائد واحداً) تهويلاً من احتمال قيام رئيسين للجمهورية وحكومتين مع انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود. ورأى أن «هذه المواقف تدل بوضوح على الحاجة الى موقف مسيحي متشدد من الاستحقاق الرئاسي في حد ذاته، والسعي الى مزيد من الضمانات لمعالجة هذا الأمر في افضل الظروف الدستورية والسياسية مخافة الوقوع في فراغ دستوري، لا يستطيع أحد معه أن يضمن ما ستكون عليه حال البلد الذي سيدخل حينها مرحلة خطيرة من التشرذم والفوضى.
وتأسيساً على ما تقدم، علمت «الأخبار» أن اكثر من جهة سياسية وحزبية مسيحية تستعد لإطلاق مبادرات سياسية للتوصل الى اتفاق بشأن رئيس توافقي، لا من زاوية ضمان حقوق المسيحيين فحسب، بل للحفاظ على التركيبة الوطنية ووقف كل أشكال الخلل القائم، واستعادة ما انقطع من تواصل بين رؤساء السلطات المختلفة.