كارل كوسا

أصدرت أخيراً مجموعة «ما خصّك» بياناً بعنوان «بيان شباب 1/1 لبنان أو 1/2 لبنان أو 1/4 لبنان... ومن يدري؟!»، انتقدت فيه النظام «المتفدرل» السياسي الطائفي الذي كرّسه «ميثاق 43»، معلنة أنّ المشكلة الحقيقية تكمن «في نظام اللعبة نفسها، لا في اللاعبين». وحصر البيان الحل الوحيد في «الجرأة على نعي النظام الميثاقي القائم وأهليه من بطون وأفخاذ وجوانح».
و«ما خصّّك» هي مجموعة شبابيّة طالبية، تنشط في الفروع الرابعة من الجامعة اللبنانية، ولا سيّما في كليّات الحقوق والآداب والعلوم الاجتماعية. وكانت المجموعة قد نشأت من ضرورات فرضها المجتمع الطالبي الطائفي. ففي انتخابات مجلس فرع كلية الآداب التي جرت عام 2004، بتحالفات طائفية (وجاءت نتائجها، في ما بعد، بالتزكية والتعيين)، ثار بعض الشباب العلماني المستقلّ في الكلية، إثر إعلان التحالفات، منتقداً السياسات الطالبية الحزبيّة. فاجتمع علمانيو «الآداب»، كما يُخبر أنجلو البعيني (من أوائل مُطلِقي «ما خصَّك»)، وشكّلوا لائحة انتخابية هدفت إلى إيجاد عملية ديموقراطية في الجامعة. 40 في المئة كانت نتيجة الأصوات التي حازوها (30 مستقلاً) في الانتخابات. ومنذ تلك اللحظة، بدأت مرحلة جديدة في نظام الحياة السياسية للجامعة، متجلية في كسر التقليد السياسي والانتخابي.
يقترح بيان «ما خصّك» مطالب لبناء الدولة، منها حلّ كل الأحزاب الطائفية والتي شاركت في الحرب اللبنانية (أقلّه بمعدّل 100 قتيل لبناني)، وضع نظام حديث للأحزاب (مينيموم موديل 2000 والمفروض تصنيع غير عثماني)، وضع قانون تربوي لاطائفي مبني على أساس العلائق المواطنية المباشرة مع الدولة، وضع قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية (ما تنقزوا)، وإجراء انتخابات نيابية على قاعدة النسبية. وطالبت بمجلس شيوخ مهمّته المراقبة الذاتية والحؤول دون أي تدخّل طائفي في السياسة، وحكومة إدارية مصغّرة على أساس القدرات التقنية للتحضير لانتخابات رئاسية مباشرة من جانب الشعب (وليست مشكلة إن كان كونفوشيوسياً أو يعبد آلهة قبائل الماوماو).
تعتبر «ما خصّك» نفسها، اليوم، طرحاً ثالثاً للتنفيس، بعدما شهدت جامعات البقاع أخيراً وفود أفواج طلاب من مشغرة، مثلاً، بباصات تحمل صوراً للسيّد، فهاجمها بعض «السنّة»، والعكس بالعكس. ويتوجّه طلاب المجموعة إلى الفريقين بالقول «لسنا ضدكم. جميعكم على حق، ولكن كل مطالبكم ستسقط أمام المساومات الطائفية».
تفضّل «ما خصّك» أسلوب السخرية في المواجهة على الأسلوب العقلاني «وكأنّك عم بتناقش حيطان». اقترحت المجموعة فقرات لضمّها إلى موقع «علمنة» بالتنسيق مع تيار المجتمع المدني، سيتمّ تنفيذها قريباً، منها عرض صور عن واقع طائفي مقرف، وإقامة مرصد الطائفية «للتشهير بكل ما يبثّ إعلامياً من تحريض»، وزاوية «ما خصّك» لمواجهة تدخّل رجالات الدين في السياسة. أمّا فقرة «أنا مش كافر» فلتصويب مفهوم العلمانية، و«إذا كِعِي ردّو» لشرح اقتراح قانون الزواج المدني الموحّد، وحماية من يرغب في الزواج مدنياً، إضافة إلى شهادات حية.
مشروع «ما خصّك» الجديد هو «تبادل سكن» بين منازل الطلاب لفترة «Week End»، وهو يهدف إلى كسر الأحكام المسبقة والمعمّمة عن «الآخر»، إضافة إلى نشاط مميّز يوم عيد العشّاق، يحضّر له منذ الآن. وباشرت المجموعة بموضوع «التنمية الجنسية المستدامة» عبر عرض أفلام جنسية تثقيفية بدلاً من أسطوانات الـ«XXL» التي تتداول بكثرة بين صفوف الطلاب.
اسم «ما خصَّك» غير حاصل على «علم وخبر». ولا تفكّر المجموعة بـ«شرعنة» نفسها من جانب نظام طائفي ترفض الاعتراف به.