أمال ناصر
الإعداد لترتيبات وصول قليلات الى بيروت وإعادة الحياة الى تلفزيون الحركة وإذاعتها

بعد 22 عاماً من المنفى يعود رئيس حركة «المرابطون» إبراهيم قليلات «قريباً» الى بيروت، معقل حركته على مدى سني الحرب الأهلية وحتى منتصف الثمانينيات، عندما دخلت في «كوما» سياسية وعسكرية إثر معارك شوارع ضارية خاضتها مع «من حاولوا إلغاءها» عام 1986.
22 عاماً غابت «المرابطون» عن عاصمتها، اللهم إلا من شعارات قليلة في بعض الشوارع والأزقة، شهدت خلالها بيروت اندثار زعامات وبروز أخرى، وعقدت لواءها لتيار «المستقبل» برئاسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن بعده نجله النائب سعد الحريري.
«مسألة عودة الأخ ابراهيم باتت وراءنا، وبتنا في مرحلة البحث في ترتيبات الوصول» بحسب القيادي في الحركة عماد الحسامي.
عودة قليلات و«المرابطون» الى الساحة تتزامن مع اشتعال «حمّى» الأزمات السياسية، لذا تترقب أوساط سياسية واعلامية تداعيات هذه العودة، ولا سيما في الأوساط السنية التي كان «أبو شاكر» يوماً، ولفترة طويلة، زعيماً لها، متعايشاً في الوقت نفسه مع الزعامات البيروتية التقليدية من دون أن يحاول إلغاءها.
المعلومات القليلة التي تسربت تفيد بأن قليلات زار عواصم أوروبية وعربية عدة أخيراً من بينها دمشق الشهر الماضي واجتمع بكبار المسؤولين، وأنه ينوي بعد عودته الى بيروت القيام بزيارة علنية للعاصمة السورية.
هذه الزيارة اللافتة تفتح باب السؤال عن العلاقة، التي لم تكن دوماً على ما يرام، بين الحركة ودمشق؟ يجيب الحسامي: «سوريا الدولة الممانعة الوحيدة الباقية في المنطقة، وقضيتنا المركزية هي فلسطين وقدسها الشريف ومهد مسيحها. بقدر ما يقتربون منها نقترب منهم وبقدر ما يبتعدون عنها نبتعد عنهم. علاقتنا مع أي دولة تكون بحسب قربها او بعدها عن فلسطين، ولا يوهمننا أحد بأن هناك عدواً آخر غير الكيان الصهيوني وأميركا. نحن لم نتغير ولم نذهب الى أحد، بل عاد الجميع الى مواقفنا، وخصوصاً أن في دمشق من انتحر وهناك من انشق»، رافضاً أي تلميح الى مساومات اذ إن «الأخ ابراهيم بقي في المنفى حتى لا يقول نعم لأحد، واضطر إلى أن يدفن ابنه هناك حتى لا يتاجروا به، وهو لم يلوّث نفسه بالفساد او العمالة او الاستزلام للمخابرات والوصاية».
عائدون الى أين في ظل الاصطفافات الحالية بين السلطة والمعارضة؟ يؤكد الحسامي «إننا فريق ثالث»، مستدركاً «انطلاقاً من خلفيتنا الناصرية القومية، فمن الطبيعي أن ننحاز الى المقاومة ضد سياسة الفوضى الخلّاقة والمشروع الاميركي الذي يحاول الهيمنة على البلد وضد 17 ايار جديد». ويضيف: «نرفض أن نخيّر بين هونغ كونغ وهانوي التي تمثل انتصار المقاومة على السيطرة الاستعمارية ولا تجوز المقارنة بينهما»، مذكّراً بالثوابت التي انطلقت على أساسها الحركة عام 1958 لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي ودعم الثورة الفلسطينية».
البعض فسر عودة قليلات بأنها محاولة لـ«شق» الصف السني المتكتل خلف النائب الحريري؟ يجيب الحسامي أن «العودة مربكة للجميع»، مشدداً على «رفض تأجيج الغرائز والاحتقان المذهبي»، مذكراً بحديث صحافي لقليلات مطلع الثمانينيات قال فيه: أفخر بسنيتي، لكنني سأقطع رأس من يحاول إعادتنا الى أيام خلافات الصحابة». ويؤكد: «نحن نحمل مشروع العروبة والمقاومة في المنطقة، والرئيس جمال عبد الناصر كان عروبياً ولم يتصرف يوماً على أساس سنيته. نحن جزء من حركة التحرر العربي، وقليلات زوّد ثورة الجزائر ببواخر السلاح، نحن حاربنا المشروع التوسعي وقاتلنا في بيروت ضد الاجتياح الاسرائيلي، فيما هناك من جلس في أحضان أميركا والامبريالية، وما لم تستطع اسرائيل فعله يحاول هؤلاء القيام به. نحن سجلنا على لائحة الإرهاب قبل أن توجد واتخذ قرار طردنا من بيروت على يد (نائب الرئيس السوري السابق) عبد الحليم خدام تنفيذاً لاتفاقية فيليب حبيب عام 1982، بعد مطالبة الكيان الصهيوني حينذاك بخروج ابراهيم قليلات وسبعة آلاف من قواتنا من بيروت لإفراغها من قادتها القوميين والوطنيين، وهو ما وافقت عليه أطراف لبنانية».
ماذا بقي من شعبية لـ«المرابطون» اليوم؟ يجيب: «كنا نقول سابقاً من الناقورة الى العاقورة واليوم نقول الى أقصى عكار. القضاء على «المرابطون» مستحيل، ولا يهمنا العدد بقدر ما يهمنا الإنسان الفاعل في بيئته». وأكد: «لن يؤثر الاحتقان الطائفي في شعبية الحركة لأن لا خوف لدينا من فتنة سنية ـــ شيعية، فجذورنا في الارض وشهداؤنا من كل الطوائف».
وفي ما يتعلق بالعلاقة مع دار الفتوى، يؤكد «أننا نتعاطى مع الدار على أنها مؤسسة لكل اللبنانيين، وللمسلمين خصوصاً، دينية وليست اشخاصاً، ولا نرضى المساس بها ولو اختلفنا في الرأي مع مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني، كما يتوهم من يحاول تحجيمها لتكون محسوبة على فئة أو جهة، فهي كانت ويجب أن تكون حاضنة ومسؤولة وحيادية بين جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم السياسية». وعن الخط الأحمر الذي وضعه المفتي أمام إسقاط الحكومة؟ قال: «الرئيسان (سليم) الحص و(عمر) كرامي سقطا في الشارع. لا نرضى المساس بمقام مؤسسة رئاسة مجلس الوزراء، ولكن ليس على رأس أي شخص خيمة».
ماذا عن العلاقة برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط؟ يبتسم قائلاً: «نحن لا نسامح بل نتناسى». وبرئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع؟ يجيب بحدة: «لا يمكن أن نجلس معه فهو محكوم بالإعدام لقتله رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي كما أنه مشروع تقسيمي». ووصف الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله بـ«المقاوم الكبير وأبي الشهيد»، متسائلاً: «هل هناك أشرف من أن يكون الإنسان مقاوماً».
«المرابطون» عازمون على إعادة ترميم إذاعة وتلفزيون «لبنان العربي» وإعادة إصدار مجلة «الراصد». وفي حال عدم إعطائكم ترخيصاً؟ يجيب الحسامي: «الترخيص حق لنا لأننا أول تلفزيون غير رسمي في لبنان نقل صور الاجتياح الاسرائيلي، واذا اضطرنا الأمر سنبث من الخارج، لا أحد سيمنع صوتنا من الوصول الى أهلنا في لبنان وبيروت».