قاسم محمد يوسفيشرح الكاتب الأميركي وليام كليفلاند، الذي وُصف بأنه «أكثر الأميركيين إنصافاً حين يكتبون في المسائل العربية»، في كتابه «ساطع الحصري من الفكرة العثمانية إلى العروبة» فيتحدث بإسهاب عن دور الرجل وبلاغته ومفهومه للنهوض القومي العربي. يقول الكاتب إن الحصري أغفل مفهوم الطبقة لأنها تحمل عوامل تمزيق، مُبرراً أن الفرز الطبقي في المجتمع الرأسمالي لا ينطبق على المجتمع العربي وأن الصراع بين العرب والغرب لم يكن يوماً صراعاً طبقياً، بل كان صراعاً قومياً مع عدوٍ خارجي وهو الاستعمار. ونظرة الحصري إلى محاربة الاستعمار كانت ثقافية لأنها، بحسب رأيه، تتخذ مكانة متقدمة على الفرز الاقتصادي داخل المجتمع.
لم يكن الحصري ليصدق يوماً بأن إخفاق تشكيل أمة عربية موحدة كان سببه المؤامرات الاستعمارية وحسب، بل برأيه أن الأمة بحاجة ماسة إلى إصلاح جذري يبدأ بالتربية الصحيحة والتوجيه الحقيقي، لا باتهام العوامل الخارجية بالإخفاق. ولهذا كان يردد دوماً «إن عثمانية الغد تُدرس في مدارس اليوم». يؤكد الكاتب أن الحصري كان رائداً من رواد الحركة القومية العربية التي كان لها الدور الأبرز في فتح العيون على الحكام المتعاطفين مع التدخل الأجنبي، وكان يعلم بأن الوضع العربي لم يكن منيعاً ضد التدخل الغربي بشؤونه وذلك بأن الغرب كان قادراً ومسيئاً، بينما العرب كانوا عاجزين عن رفع الإساءة. فدائماً ما كان يتهم المستعمرين بعدائهم للعروبة، مستخدماً بلاغته لاستنهاض عروبة تستند إلى مقارعة النفوذ الخارجي وخاصة الانتدابات الأوروبية التي كان الغرض منها في أكثر الأحيان تثبيت السلطان الغربي ومنع النهوض العربي. حاول الكاتب تزوير المرحلة التاريخية التي تفيد بأن بريطانيا وعدت العرب باستقلالهم مقابل النصر على العثمانيين. وخلافاً لهذا الوعد، قامت معاهدة سايكس ــ بيكو لا لإعطاء الاستقلال للعرب، بل لتقسيم الوطن العربي إلى مواطن نفوذ أوروبية.