طرابلس ــ عبدالكافي الصمديقف محمد أفيوني، المواطن الطرابلسي على الرصيف المقابل لسرايا طرابلس، غير بعيد عن مدخل البحصاص، وهو المدخل الذي كان، قبل شق الأوتوستراد، المعبر الإجباري لأهالي الشمال نحو العاصمة. يقف الرجل مع صديق له يتأمّلان عمالاً يضعون اللمسات الأخيرة على جسر جديد للمشاة أنشئ في تلك المحلّة. يقول الصديق إنه لأمر جيد أن يقام في تلك المنطقة جسر مشاة، فيرد أفيوني: «لم يتعوّد الناس عندنا بعد استعمال جسور المشاة مع أنها آمنة، بعدن بيحبّو القطع على السريع (عبور الطريق نفسه) بين السيارات».
ما يشير إليه أفيوني ينطلق من تجربة سابقة، ظهر له منها مدى تقبّل الطرابلسيّين أو رفضهم التعامل مع جسور المشاة، فمنذ سنوات أنشئ جسر مماثل فوق أوتوستراد الملولة عند المدخل الشمالي لطرابلس، وكانت النتيجة أنه «بات مكاناً مثالياً لباعة البسطات، ولتعليق صور المرشحين للانتخابات المختلفة، والملصقات الإعلانية وغيرها عليه»، كما يقول، «حتى إنني كنت أستحلي شوف شي يوم حدا ماشي عليه»، يضيف متابعاً.
لم يعتد الناس جسور المشاة وما زالوا يفضّلون قطع الطريق
ولا يعدّ الجسر الجديد الذي نصب فوق أوتوستراد بشارة الخوري مقابل سرايا طرابلس، الأول من نوعه في عاصمة الشمال، وإن كان عدد جسور المشاة بالإجمال فيها قليل، إذ إنّه إلى جانب جسر الملولة، أنشئ جسر مماثل في محلة محرم في منطقة باب الرمل عند أول طلعة الخناق، ليرسو بذلك عدد جسور المشاة في طرابلس على ثلاثة فقط. وهي أنشئت بعد دعوات متكرّرة من هيئات المجتمع المدني، لتجنّب حوادث السير الكثيرة، التي يذهب ضحيتها العشرات سنوياً بين قتيل وجريح، والتي تحصل خاصة في هذه المناطق. فإن أضفت إلى الزحمة ونشاط الحركة فوضى السير، تحصل على صورة لما يمكن أن يصيب المشاة في حال عبورهم من هنا.
«جسر السرايا» كما بات يطلق عليه منذ الآن بدا بحلّة جميلة، فالنصف الأسفل منه مطليّ باللون الأخضر الغامق، ونصفه العلوي باللون «البيج» الفاتح، أما طوله، فيبلغ أكثر من 25 متراً، وارتفاع أعمدته ما يناهز 12 متراً، وبإمكان العابرين فوقه أن يروا بوضوح مدخل طرابلس الجنوبي باتجاه البحصاص من جهة، وساحة التل وسط المدينة وصولاً إلى إشارة شارع عزمي من جهة أخرى.
وكانت ورشة بناء الجسر الجديد قد بدأت منتصف الشهر الماضي، حيث حُفرت القواعد الأساسية له على جانبي الأوتوستراد وفي منتصفه، قبل أن يرفع العمّال أعمدته الحديدية الضخمة وينصبوا «قطع» الجسر فوقها مستعينين بآلياتهم الضخمة وعدّة «اللحام»، على أن يستكملوا في غضون أيام قليلة تركيب «سُلّميه» وسقفه، من أجل حماية العابرين فوقه من أشعة الشمس والأمطار.