بسام القنطار

صُدم عدد كبير من الهيئات المعنية بقضايا النساء في لبنان، لدى دعوة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP لهم، إلى اجتماعات عمل، تبحث في إدارة مشروع بقيمة 270 ألف دولار يموّله البرنامج بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار تحت عنوان «حقوق المرأة في لبنان وقانون الجنسية».
مبعث الصدمة لا يكمن في تكرار المشروع، الذي حصلت «الأخبار» على نسخة منه، لأنشطة سبق تنفيذها في لبنان، بل في أن أهدافه سبق أن تحقق منها الجزء الأكبر، من خلال حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي». ولقد نجحت الأمم المتحدة في إطلاق عجلة المشروع في ظل انقسام شديد بين الهيئات المعنية. مواقف هذه الهيئات راوحت بين تأييد مطلق انطلاقاً من مصلحتها المباشرة، باعتبارها جهات شريكة ومساندة لـ«اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة في لبنان»، وهي الجهة التي ستقوم بإدارة المشروع وتنفيذه، على غرار ما فعلت وداد شختورة رئيسة التجمع الديموقراطي اللبناني، التي أكدت لـ «الأخبار» أن «هناك حساسية وانقساماً سوف تسعى إلى حلّهما عبر دمج الحملتين معاً». رئيسة رابطة المرأة العاملة إقبال دوغان لا تشارك شختورة الرأي، وتعتبر «أن الأمم المتحدة ارتكبت خطأً كبيراً في تمويل مشروع يكرّر ما سبقه». وأضافت: «لقد فقدت الثقة بالأمم المتحدة والعاملين فيها».
وترى مديرة مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي، لينا أبو حبيب، أن مكمن الخلل الأساسي في المشروع الجديد أنه جاء ليعيد التخطيط لتنفيذ دراسات وأنشطة سبق أن نُفّذت، في الوقت الذي تحتاج فيه الحملة إلى أنشطة، تتعلق بالضغط المباشر والعملاني في البرلمان اللبناني.
ويتضمن المشروع إجراء دراسات نوعية وإحصائية وقانونية وحملات توعية وحملات دعائية وإعلانية، وجميع هذه الأنشطة نفّذت بكثافة في السنوات الماضية. مديرة المشروع الجديد نايلة المصري، أشارت إلى أن «اللجنة الأهلية» لا تعدو كونها منسقاً للمشروع، وسوف تشرك أكبر عدد من المعنيين عبر «مجلس تقريري». وأضافت: «سوف يمتد المشروع لمدة عامين وينفّذ العديد من الأنشطة مستفيداً من مشروع الأمم المتحدة مع البرلمان اللبناني للضغط من أجل تعديل قانون الجنسية».
ميرنا صباغ، المسؤولة المساعدة في برنامج الحكم الصالح في «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»، نفت وجود أي «ازدواجية للمشروع الجديد مع المشروع القديم». وقالت لـ «الأخبار»: «إن الأمم المتحدة تسعى إلى إشراك جميع الهيئات المعنية فيه بصفة تقريريه». أبو حبيب ردّت على ما قالته صباغ، مشيرة إلى أن «حملة جنسيتي» ركّزت على لبنان بشكل كبير في السنوات الماضية.
الازدواجية ليست «العورة» الوحيدة التي تشوب المشروع الجديد. ففي الوقت الذي تفاخر فيه منظمات الأمم المتحدة بشراكاتها مع المجتمع الأهلي، تبيّن من المراسلات بين إدارة مشروع حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» و«يو أن دي بي» أن الأخيرة لم تكلّف نفسها عناء الرد الموضوعي على الأسئلة التي طلبت الحملة إجابات واضحة عنها. وأهمها طبيعة المسار الذي جعل «يو أن دي بي» تطلق هذا المشروع والإجراءات الاستشارية التي قامت بها في هذا السياق. ويتضح من المراسلات أن «المؤسسة الدولية» اكتفت بأجوبة مقتضبة عن مختلف الأسئلة، وعلّلت خطوة تكليف «اللجنة الأهلية» مهمة إدارة المشروع وتنفيذه، على اعتبار أنها «الأكثر خبرة ودراية وقدرة» !
ومن المعلوم أن مديرة «اللجنة الأهلية» فهمية شرف الدين شاركت في حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» التي تديرها مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي منذ عام 2001، الأمر الذي يطرح علامة استفهام عن السبب الحقيقي الذي جعل الأمم المتحدة تقدم على خطوة من شأنها أن تكرّس انقساماً أهلياً نسوياً.
وإلى أن يستجد تطوّر ما في هذا الملف، تبقى النساء اللبنانيات المتزوجات أجانب وأسرهن ضحايا بيروقراطية الأمم المتحدة والمحسوبيات التي حوّلت برامجها إلى «دكاكين» يديرها«رفاق»، جلّ همّهم أن ينفّعوا «الرفيقات» بمشاريع غبّ الطلب، وإن جاءت على حساب مشاريع قائمة وناجحة.