سمية عليعندما يتفتح ورد الذاكرة تعود إليّ. تستكين في الكلمات، كأنها، كلّها، منك وإليك. أخرجتها مني ذات يوم. صففتها على الورق، قبل أن تتمرّد علي وترتبط بك. فهي تحفظ جميلك، تهرع إلى فوضاك، إلى انفعال يديك، إلى شتائك الغاضب، ثمّ تعود.
أحدّثك عن كفّين قيد النضج، عن ذاكرتي المثقلة بالألوان، كلّ الألوان. أحدّثك عن مرضى الاستسلام، عن ابتسامة بلا نبض، بلاستيكية كهواء المدينة. أحدّثك عن أحلامي المقيّدة بسلاسل الواقع، عن فرحي المصطنع، عن شغفي بك، عن وردة البنفسج التائهة في لوحة لفان غوغ. لِمَ كل هذا الضجيج؟ أفواه مفتوحة، تقتل موسيقى الصمت. موت في كل مكان. يوماً بعد يوم، تتقلص الطفولة فينا. نصرّ على كوننا أذكياء، نتقن فنّ الحياة، ونحن لسنا سوى أسرى أعرافنا، أجساد هزيلة تنكر الحب والاشتياق. أخاف النكران.
أيها الإله نتوق إلى العدالة، إلى تجليك فيها. حتى أنت أيها المنزّه عن كل خطيئة، رسمتك تقاليدنا وجهلنا بطريقة ساذجة. نتوق إلى سلام أودعته فينا لحظة الولادة، إلى نهاية هادئة، بلا صخب.

يوماً بعد يوم، تتقلص الطفولة فينا ونكبر

أنا فوضوية الهوى. كلماتي دمى الجنون المشتعل. سرّك أيها البعيد أنك لست كأحد. من يملأ فراغ القلب؟ من يودع في الرأس فراشة؟ من يفرغ في البحر موسيقى الماضي؟ أبحث عنك طيفاً من صنع العبث.
متى نهرع إلى الماضي؟ لحظة إفلاس الحاضر، أو احتوائه شيئاً مما مضى. يتمرّد البعض على الوقت فيسكنون الماضي. أتباع الواقع يتقمصون الحاضر ويدورون في بوصلته. أما ما لم يأت بعد، فهو عبارة عن صور أرسلها من لا يزاولون سوى الحلم.
أسأل عن سبب الخلق. أجهل سبب البداية وسبب النهاية. هل سنفقد الذاكرة بعد الموت؟ أم أننا سنتخلص من عقدة الزمن؟ هناك ما هو مختلف، يقولون. أم أنها مجرّد إجابة يعتنقها من عجز عن الإجابة؟
ليس لجدتي مخيلة. تشعر أن عالمها أوشك على النهاية. تكثر من الصلاة وتدّخر الأمل لجنّة موعودة. أرقد في خطوط وجهها وأطبع على الجبين قبلة. أحبك... تهبينني الطفولة وتصنعين من شعري ضفيرة. ابتسمي للمرآة أيتها الجميلة.