اغتيال الرئيس الحريري. حزب الله كمنظمة إرهابية أو مقاومة. حروب إسرائيل على لبنان. بيروت الوجهة الأولى للحياة الليلية في الشرق الأوسط وللأكل الشهي. تزدحم هذه الصور في أذهان الأجانب. ما رأي بعضهم، من طلاب الدراسات العليا في جامعة أوكسفورد في بريطانيا في بلاد الأرز؟
أوكسفورد ــ ملاك وليد خالد
متقي هو طالب باكستاني، يتابع دروسه في العلوم الاجتماعية في جامعة أوكسفورد، في مجال العلاقات الاجتماعية عبر الإنترنت. ما يربطه بلبنان هو معرفته بجهاد اللبنانيين ضد إسرائيل بداية، ثم فضوله في معرفة سبب الحديث الدائم عن التميّز الاجتماعي للبنان مقارنة بمحيطه العربي. يبدي متقي إعجابه بما يعرفه عن لبنان، ويعلن عن رغبته في أن يزور بيروت التي سمع كثيراً عن حيويتها، ولكنه ينتظر وقتاً آمناً. فهو لا يفهم كيف يؤدي اغتيال رئيس حكومة بلد ما لقيام محاكمة دولية تشوبها دوافع سياسية. ففي بلاده، اغتيلت رئيسة الوزراء بنازير بوتو وهي ابنة عائلة سياسية معروفة ولم تقم محكمة دولية لأجلها.
سارة ألمانية، تدرس الآداب الحديثة وتركز في دراستها على التنوير في المنطقة العربية في بدايات القرن العشرين. قادتها إلى لبنان العلاقة الحيوية بين المثقفين اللبنانين والنهضة المصرية. تبدي تقديرها الشديد لبلد يحمل عبء كمية هائلة من المشاكل التاريخية كلبنان ويستطيع أن ينتج ويؤسس لحالات نهضة تتجاوزه إلى بلدان أخرى. رغم أن لبنان ليس منطقة بحثها، إلا أنها قرأت الكثير عنه من خلال المراجع التي تتناول تلك المرحلة. والآن، يلفتها خصوصاً «تحرر المرأة اللبنانية مقارنة بالعالم العربي. وما أراه اليوم من شهرة مصممي الأزياء اللبنانيين يوحي بالكثير عن الاهتمام بالجمال والأناقة في لبنان». تقول سارة إنها قد تزور لبنان ذات يوم ولكنها ستفكر كثيراً قبل ذلك، إذ إنها تسمع كثيراً عن التهديدات الإسرائيلية بشن حروب جديدة. أما ليي، الصيني الذي يدرس حقوق الإنسان، فيقول إن لبنان يتطلب فيزا وهذا ما يستغربه في دولة تدّعي أنها سياحية. قال إنه لم يسمع عن لبنان قبل أن يلتقي زميل دراسة لبنانياً، ولكن، حين زار وزميله في مطعم لبناني في المدينة، أحس أن قلبه «وقع» في صحن الطعام الشهي. إلا أن «الطعام الشهي ليس سبباً كافياً للقيام بزيارة ستكلفني الكثير من المال، لبلد تشوبه نزاعات دائمة وتوترات أهلية كما قرأت عبر الإنترنت، لقد قتل اللبنانيون بعضهم بعضاً قبل سنتين، وهناك خروق جدية في موضوع حق التعبير وحرية الصحافة». جايمس، طالب التاريخ الأميركي، يعرف القليل عن لبنان كونه في خارج دائرة اهتمامه التخصصي، ولكنه منبهر من جمال ريما فقيه، فـ«من الرائع أن يكون لديكم فتيات جميلات متحررات يلبسن المايوه ويخضن مباريات الجمال». حين يستعرض المرء ما ورد في آراء العينة القليلة جداً والمتنوعة الخلفيات من طلاب أوكسفورد، يلاحظ أن ثمة قطاعات أساسية في تقويم أي بلد تغيب عن تقويم الأشخاص الواردة آراؤهم هنا، كالاقتصاد والخدمات السياحية وطبيعة البلد، لحساب أمور ذات مؤشرات سلبية حتماً كالأمن والحروب أو سجالية كملكات الجمال.
في مناهج المدارس اللبنانية، تحديداً في كتب الجغرافيا، الكثير من «اللت والعجن» عن السياحة ومواردها وميزات السرية المصرفية. لوزير التربية ولجان تغيير المناهج نصيحة: لا تتعبوا في تغيير هذه الكتب، يمكنكم أصلاً إسقاطها من المناهج، فليس ثمة من يريد أن يأتي كسائح فعلي إلى لبنان، والأرجح أن ما يضخّم رقم عدد السياح سنوياً هو المغتربون الذين يزورون بلداً يرتبطون به أصلاً. أما أغلب من يحفظون أوهام كتب الجغرافيا، فينتظرون نجاحهم في الامتحانات ليركبوا الطائرة من لبنان وليس إليه، ولعل اسم فراس حيدر مؤشر حقيقي على ذلك.


زيارة أجهضتها تهمة العمالة

الطالبة التي آثرت عدم ذكر اسمها هي صبية من بلد كان يقع ضمن يوغوسلافيا سابقاً. كانت تخطط لزيارة لبنان هذا الصيف، وأيضاً سوريا والأردن وفلسطين المحتلة و(إسرائيل) مع مجموعة من الأصدقاء. الرحلة كان سينظمها صديق لبناني يقيم في فرنسا ولوالده الذي يعمل في السلك العسكري «علاقات مهمة» في لبنان، إلا أنها أجهضَت لأن «الوضع في لبنان سيّئ» كما قال لها صديقها، الذي كان قد طمأنها إلى أن ليس ثمة مشكلة في إن تذهب إلى (إسرائيل) أولاً وبعدها إلى لبنان. ولكن، ماذا تعني بسيئ؟ لم تكن تعرف إلى أن جاءني اتصال هاتفي خلال مقابلتي معها وسمعتني أكرّر مع من أتحدّث إليه اسم فايز ك. كان قد وصلني للتو خبر اعتقال من اكتشفت «ب» لحظتها أنه ليس سوى والد صديقها اللبناني.