في بيروت، يعيد ثلاثة شبان اكتشاف الفنون الارتجالية، ويطلقون فرقة مسرحية تعنى بها: «لبن» التي تدشّن أول عروضاتها يوم غد على مسرح المدينة
هاني نعيم
منذ عامين، اختبرت بيروت للمرّة الأولى المسرح الارتجالي. حينها، تلقّف الجمهور التجربة بحماسة. اليوم، يعيد ثلاثة شبان، شانت كاباكيان ورافي فغالي وأسيل عيّاش، فن الارتجال إلى الواجهة في محاولة منهم لتطويره على الساحة الثقافية اللبنانية.
تتنوّع خبرات الشبان الثلاثة في العمل المسرحي والميدان الفنّي عامة. فقد سبق لشانت أن شارك في الأعمال المسرحيّة أثناء دراسته في جامعة هايغازيان، إضافة لخبرته الطويلة في العمل الموسيقي، وخصوصاً الروك. أما رافي فغالي، الآتي أيضاً من نادي التمثيل في جامعة هايغازيان، الذي كان معبره للمسرح المحترف، فلديه خبرة طويلة في مجال التدريب عن بناء السلام، خاضه من خلال النشاطات الفنية التي شارك فيها مع «حركة السلام الدائم»، إضافة إلى مشاركته في جولات مسرحيّة عالميّة.
فيما سبق لأسيل، متخرّجة قسم المسرح في الجامعة اللبنانية الأميركية، أن شاركت في أعمال مسرحية لبنانيّة عُرضت في الخارج، بينما تعمل حالياً كأستاذة دراما في إحدى الجامعات الخاصة.
وعن اختيار الفن الارتجالي كمحور لنشاطهم، يشرح رافي أن «الارتجال حي، عفويّ، ولحظي»، مضيفاً «النظام التقليدي للتمثيل يعتمد على الإحساس والذاكرة، كأن يتذكّر الممثل حادثة أليمة جرت معه ليتمكن من البكاء. أما في الارتجال، فهو لا يتذكّر، بل يعيش إحساسه كما هو».
الارتجال هو عمليّة اكتشاف القصّة مباشرة مع الجمهور: لا يسبقه نص مسرحي جاهز معد سلفاً. ولا تدريبات على الأدوار قبل العرض. ولكن، في المقابل، لا يعني ذلك التعريف خلق «فوضى» فوق الخشبة. في هذا الصدد، يُشير رافي إلى أن «الارتجال هو عمليّة تدريب دائمة شبه يوميّة على تقنيّات ارتجاليّة، وتمرين للمخيّلة على خلق مشهد عفوي. هو ليس مجرّد نمط مسرحي، بل يطال طريقة حياتنا، ونمط تفكيرنا». يشرح شانت: «تجربتي مع لوسيان أبو رجيلي كانت نوعاً من الارتجال الفوضوي، ولم يكن أحد منّا يملك حينها أي خبرة في الارتجال»، معتبراً أن «الارتجال هو عمليات إخراج، كتابة وتمثيل يقوم بها الممثلون جمعيهم في لحظة واحدة».
سبق لرافي وشانت أن اختبرا العمل الارتجالي مع لوسيان أبو رجيلي، على عكس أسيل التي تخوضه الآن للمرة الأولى وتعتبر أن

الارتجال هو عمليّة اكتشاف القصّة مع الجمهور مباشرة

فيه «صعوبة أكثر من النص المعد مسبقاً. فهو يستتبع مثابرة على خلق شخصيّات وأفكار مختلفة في عرض واحد. وهذا تحدّّ لي».
يتّفق الجميع على أن العمل الارتجالي يفشل في ظل غياب التواصل بين الممثلين. فالقصّة التي تُركّب أمام الجمهور، لا أحد يقودها، بل يخلقها الممثلون، فكرة بفكرة، ومشهداً بمشهد. «هي نوع من العقل الجماعي»، كما يصفها رافي.
نظّمت «لبن» الأسبوع الماضي ثلاث ورش عمل، تحت إشراف وتدريب الفنان الأميركي تيم أور الذي يتمتع بخبرة طويلة في العمل المسرحي الارتجالي. كانت إحدى الورش لطلاب من الجامعة اللبنانية الأميركية، بينما فتحت الثانية أبوابها للمهتمين. أما الثالثة، التي ستتوج بعرض ارتجالي على خشبة مسرح المدينة يوم غد الأربعاء 24 شباط، عند الساعة 8:30 مساءً، فقد كانت للفرقة نفسها.
العرض الذي ستقوم به فرقة «لبن»، يقدّم يوم غد للمرة الأولى في لبنان، على شكل مسرحيّة ارتجالية كاملة، لا على شكل مشاهد متفرقة كالذي كان قد اعتمده لوسيان أبو رجيلي في تجربته السابقة.
وفي حديث مع المخرج الأميركي الذي يزور بيروت للمرة الأولى، يشبّه أور الفرقة الارتجاليّة بفريق كرة السلة، إذ «يتدرّب الرياضي، ويتحضّر للمباراة، ولكن لا أحد يعرف كيف ستجري أحداثها على الملعب، لا اللاعبون ولا الجمهور»، بينما ينوّه بفرقة «لبن» التي يجد أنها «تمتلك طاقة على القيام بعرض جيّد، وخصوصاً أنّهم يحبّون عملهم».