المغرب ــ فؤاد مدنييوم 15 أيار 2008 في حدود الساعة 9.35 صباحاً، اعتقلت زهرة إلى جانب 17 طالباً آخرين، على خلفيّة ما صار يعرف بـ«انتفاضة الطلاب» الذين ثاروا، من جامعة القاضي عياض في مدينة مراكش، مطالبين بحقوقهم السياسية والمدنية، ومن ضمنها مجانية التعليم.
بعد ذلك، حملت زهرة لقب أصغر معتقلة سياسية شيوعية في سجون المملكة المغربية، وأكملت ربيعها الثاني والعشرين داخل زنزانة سجن «بولمهارز». لكن هذه الطالبة اليسارية لم تصمت ولم تفقد شيئاً من حيويتها «الطبقية»، رغم الحكم عليها بسنة سجن نافذة هي ورفاقها، بل ظلت تضرب عن الطعام وترسل من السجن رسائل تؤكد فيها: «أنا أولد بلا نهاية» جاءت أولى رسائلها من السجن مباشرة بعد الرسالة التي وجّهها إليها الصحافي المغربي خالد الجامعي، والتي تم نشرها على مدوّنة لجنة التضامن مع معتقلي طلبة مراكش، وجاء فيها: «كانوا يعرفون أنك تتعذبين، وأنك تحتضرين، ومع ذلك ظلوا صامتين، متواطئين»، مذكّراً زهرة بصور مخفر الشرطة الشهير بحيّ جامع لفنا، حيث، «على مدى ثلاثة أيام، وبعدما أنزلوا بك أبشع أنواع التعذيب، نزعوا عنك ثيابك أمام رفاقك، وتركوك مرمية لثلاثة أيام طوال، وأنت غارقة في دماء حيضك»، ليختم: «لا بد أن تنتصر المبادئ والعزيمة على السيف في النهاية». على هذه الرسالة، أجابت زهرة بلغة الشيوعيين: «لا أزال صامدة».
يوم اعتقالها تعرضت الطالبة الجامعية، المنتمية إلى فصيل طلابي شيوعي بجامعة مراكش، لضربات على الأنف سبّبت لها نزفاً حاداً، كما تعرضت للضرب على رأسها، بواسطة عصا أحد رجال الأمن، وللركل في كلّ أنحاء جسدها، بالإضافة إلى شدّ الشعر. بعد ذلك سيقت إلى أحد شوارع المدينة ليتم إنزالها من سيارة الشرطة ويلقى بها أرضاً بواسطة ضربة من أحد العناصر الذي لم يتردد في رفسها على ظهرها، بينما هددها زميل له بأنه سيبوّل عليها، وسط وابل من السبّ والشتم والاستفزازات والتهديد بالاغتصاب كان يمطرها بها. بعد ذلك، أوقفوها على قدميها لتتلقى ضربة أخرى على الأنف الذي ظلّ ينزف، لكن زهرة ظلّت تكتب من داخل الزنزانة: «أشعر بالفخر ... أولد بلا نهاية».
«حوّلوني إلى سيارة مصفّحة حيث باقي الرفاق، ثم بدأ الحيوانات ينغزوني بالعصيّ على صدري. بعدها أخذونا إلى المخفر حيث قضينا 4 إلى 5 أيام نتعرض للتعذيب ويمنعوننا حتى من الأكل والنوم»، هكذا حكت زهرة أحد مشاهد تعذيبها، قبل أن تستطرد: «أخذوني مرة أخرى، وبدأ ثلاثة رجال يتناوبون على استنطاقي بالتهديد حيناً وبالوعيد حيناً آخر، قائلين: اعترفي ونطلق سراحك»، وتضيف: «عندما رفضت صفعني أحدهم، وأنزلوني إلى القبو. جرّدوني من ملابسي ومارسوا عليّ إرهاباً نفسياً فاضحاً، إذ وضعوني عارية في إحدى الغرف، وفي كل مرة، كان أحدهم يدخل ويهدّدني. بقيت على هذه الوضعية حتى الصباح من دون نوم» . في إحدى رسائلها، قالت زهرة «إن تجربة الاعتقال الأولى صعبة بالنسبة إلى امرأة، لكنني فخورة جداً لأن ما نقاسيه اليوم سيصلح المكان لنا في ما بعد»، داعية رفيقاتها إلى أن «استعدَدنَ، فشجرة عملنا قد أثمرت، ما سيفرض على النظام أن يملأ زنازينه، لكنه لا يعلم أنه أينما حللنا سنقدم الكثير، فالمحدد في عملنا ليس المكان بقدر ما هو مبادئنا الراسخة فينا».