القاهرة ـــ منتصر حجازيمنذ بدء هذا العام، وكلما تكلّمت مع شخص ما، أياً كان، لا بد أن يبدأ الحديث بكلام عن الأزمة المالية العالمية: سائق الميكروباص قرّر رفع الأجرة بسبب الأزمة، وسعر كوب من الشاي في مقهى شعبي زاد بسبب الأزمة، أسعار سندويشات الفول ارتفعت بسبب الأزمة، وعلى الأرجح أن وفاة والدي، منذ تسع سنوات تقريباً، كانت لأنه تنبّأ بالأزمة.
حتى صديقي، الذي كان، إلى يوم أمس، من العاملين في المجال السينمائيّ، صرف من عمله لأن صاحب الشركة التي يعمل فيها قرّر الاستغناء عن نصف العاملين لديه، بسبب الأزمة. نحو ساعتين، على المقهى، وهذا الصديق يشرح لي بداية الأزمة وانهيار البورصة وكساد السلع وغيرها من المظاهر الاقتصادية التي أشبّه علاقتي بها، في أحسن تقدير، بعلاقة الملك توت عنخ آمون بوكالة ناسا الأميركية. أنصتت إليه، عاجزاً عن التملص والانسحاب من الجلسة لأنه وعد أنه هو من سيدفع الحساب، لكنّني شردت بذهني بعيداً منه، أتأمّل السيارات الفارهة التي تعبر أمامي سائلاً: «كيف فعلها هؤلاء؟».
سمّه حقداً طبقياً إن شئت. سمّه «عيناً مدورة»، كما تقول العبارة المصرية الشعبية، لكن قدّم إلي تفسيراً يمنعني من عدم الإحساس بالحقد. حلّل لي هذه المعضلة، واكسب شريط عمرو دياب الجديد أو شريط دواء مهدّئ، لعله أنسب: كيف يعاني أكثر من 10 ملايين مصري البطالة، ويرزح أكثر من 85% من الشعب تحت خط الفقر، بينما تسرح في شوارع القاهرة وتمرح أكثر من خمسة ملايين سيارة فارهة يزيد سعر كلّ منها على نصف مليون جنيه؟