دخلت الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري حيّز التنفيذ في 23 كانون الأول2010. وتتخذ هذه المناسبة أهمية مضاعفة في لبنان، وخاصة أن ملف المفقودين في الحرب الأهلية لم يُطوَ، وهو غالباً لا يلقى آذاناً مُصغية من المسؤولين المعنيين. إنه «الجرح» المفتوح والنازف منذ سنوات الحرب الأهلية. 17 ألفاً من الشبان والشابات فُقدوا على حواجز الميليشيات الطائفية أو في معارك ضد الاجتياح الإسرائيلي، أو اقتيدوا قسراً من بيوتهم ولم يرجعوا.
مصير هؤلاء لم يُبتّ. ما زال أهاليهم يناضلون منذ أوائل الثمانينيات لإيجاد سند قانوني على المستوى الدولي يسمح بمناهضة هذه الجرائم.
أمس أصدرت مجموعة من الجمعيات بياناً ذكّرت فيه بقضية المخطوفين وبالاتفاقية الدولية للحماية من الاختفاء القسري. الجمعيات الموقعة للبيان هي «سوليد» و«لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان» و«المركز اللبناني لحقوق الإنسان» وAct for the disappeared و«الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان» و«تجمع وحدتنا خلاصنا» الذي يضم 26 جمعية أهلية.
ذكر البيان أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت الاتفاقية عام 2006، وقد دخلت حيّز التنفيذ بفضل تصديق الحكومة العراقية عليها. رأى موقّعو البيان أمس «أن هذه الاتفاقية تكرس عدداً من الحقوق للضحايا، فهي تضمن الحق في حماية الأشخاص من الاختفاء القسري وحق عائلات المفقودين بمعرفة الحقيقة. وتمثّل خطوة إلى الأمام في محاربة الإفلات من العقاب. إضافة إلى ذلك، فإنها تنص على فرض عقوبات على الدول التي تشارك في مثل هذه الجرائم. وتنص كذلك على إنشاء لجنة تُعنى بجرائم الاختفاء القسري وتتكفل بمراقبة تنفيذ هذه الاتفاقية والحماية من الاختفاء القسري على المستوى الدولي».
لبنان وقّع في باريس هذه الاتفاقية في شباط 2007. ورأت الحكومة الحالية أن التصديق عليها هدف مهم، وأدرجته في بيان سياستها العامة، ومع ذلك، لم يُصدَّق عليها.
موقعو البيان يسألون «عن الأسباب التي حالت وتحول دون التصديق على هذه الاتفاقية، ومن الصعوبة بمكان التصديق أن ذلك هو نتيجة إهمال وحسب».
في الختام، طالب موقّعو البيان «كلاً من رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء باحترام ما ورد في البيان الوزاري تجاه قضيتنا، واتخاذ ما يلزم فوراً للتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري».
التصديق على الاتفاقية، أو التأخر في ذلك، كلها أمور لا تُسقط أبداً «مسؤولية لبنان في حل قضية المفقودين»، يشدد النائب مخيبر في إطار تأكيده ضرورة التصديق على هذه الاتفاقية، ويربط التأخير في ذلك بأن الاتفاقية لم تصل إلى مجلس النواب، بل إن الأمر مرتبط بتأخر في بتّ سلة من الاتفاقيات والملفات العالقة منذ «أيام حكومة (الرئيس السابق فؤاد) السنيورة»، نافياً أن يكون الأمر مرتبطاً بـ«إشكال سياسي».
مخيبر كرر تضامنه مع مطالب المجتمع المدني في هذا الإطار، وأعاد التذكير بالخطة التي طرحها، مؤكداً أن هذه القضية يجب أن تكون على رأس أولويات السلطة اللبنانية للعمل على تنقية الذاكرة اللبنانية من ذاكرة الحرب. الخطة تدعو إلى إنشاء هيئة وطنية تتمثل فيها الإدارات المعنية وهيئات المجتمع المدني، وتتمتع بصلاحيات واسعة. «وعليها أن تجمع كل الأدلة المتعلقة بجرائم الاختفاء القسري، إضافة إلى مهمة وضع بنك المعلومات الوطني المتعلق بالحمض النووي للتعرف إلى بقايا رفات من ماتوا من المخطوفين، وإدارة الملف مع الجهات السورية المعنية، والفصائل الفلسطينية وليبيا وممثلي الميليشيات المشاركة في الحرب».
أخيراً، أكد النائب مخيبر أهمية اتخاذ قرار بتطوير تقنيات نبش المقابر الجماعية، وبإدارة الملف مع سوريا لاسترداد من خطفوا في الحرب وما زالوا على قيد الحيد، واسترداد رفات الذين ماتوا.


لقطة


خلال مراجعة أُجريت في جنيف لسجل لبنان لحقوق الإنسان، في تشرين الثاني الماضي، طالب مندوبو ألمانيا والمكسيك بأن تصدّق الحكومة اللبنانية على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. هذه التوصية هي ضمن 14 توصية يقرر في شأنها في جلسة مجلس حقوق الإنسان في آذار 2011. من جهة ثانية، تضمن البيان الداعي إلى التصديق على الاتفاقية الدولية ضد الاختفاء القسري، دعوة إلى «قاضي الأمور المستعجلة في بيروت لمتابعة قراراته الجريئة المتعلقة بالدعويين بشأن المقبرتين الجماعيتين في مار متر وحرج بيروت»، ودعوة إلى «محكمة جنايات الجنوب ـــــ صيدا إلى بتّ الدعوى المتصلة باختطاف المربي محيي الدين حشيشو». النائب غسان مخيبر تحدث لـ«الأخبار» عن أهمية إضافة أحكام صارمة على القانون اللبناني في إطار العقاب المفروض على جرائم الاختفاء القسري، ورأى أن «الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري» يجب أن تكون جزءاً من خطة وطنية تهدف إلى حل قضية المفقودين والمخطوفين.